لولاها ما كانت الحياة حياة

السبت 01 أكتوبر 2022 | 12:52 صباحاً
كتب : عاطف صبيح

المرأة فاكهة الحياة وزَهرُها.. غَرْسُها ورُوحها.. عَبَقُها وبهجتها.. رَوْنَقُها ولذتها.. المرأة هي حياة الحياة.. كل شىء فيها لذيذ.. سِمَنُها ورُفْعُها.. ذكاؤها وحمقها.. هدوؤها وعصبيتها.. حكمتها وقمصتها.. كل شىء فيها لذيذ. المرأة هى أعظم وألذ نعمة ونعيم في الحياة الدنيا.

هي الجنة التي خفَّف الله بها شقاء الأرض. والسفيه من تَعمَى عيناه وبصيرته عن ألَّا ترى المرأة إلا نزوةً وضيعة مثله.. من لا يعرف من الشقة إلا مطبخًا، ويغفل عن حجراتها الأهمَّ للمعيشة.

الشقة سكن، والمرأة سكن.. الشقة بها حجرة صالون نستقبل فيها ضيوفنا، وحجرة سفرة لتناول الطعام الذى به تقوم حياتنا.. الشقة بها شرفة نجلس بها؛ لنُنعِش أعيننا وأفئدتنا بجمال الحياة بعد عناء يوم طويل.. بها الكثير والكثير لمن له عينان تريان وقلب

الشقة سكن بدني، والمرأة سكن نفسي وروحي. المرأة هى جذورُ وساقُ وفروعُ وأوراقُ وثمارُ ورحيقُ وألوانُ وزينةُ وبهجةُ زهرةِ الحياة.. هي معنى ومذاق وقيمة وروح الحياة.. لولاها ما كانت الحياة حياة..

المرأة هى أصل الحياة على الأرض. وحتى قبل الهبوط إلى الأرض.. لم يكن آدم ليهنأ وهو في الجنة تطوف به الملائكة.. ملائكة خَدَم مُسخَّرون له، يُلَبُّون له كل ما يتمنَّى.. لا ينقصه شيء.. لم يكن ليهنأ وبداخله شعور مُلِحٌّ دائم بالوَحْشَة لفَقْدِه شيئًا هو نفسه لم يكن ليعرفَه..

حنين إلى الشيء الوحيد الذى لا يمكن للجنة أن تَهَبَه له، أو يُعوِّضَه عنه نعيمُها.. ما قيمة نعيم لا تجد له لونًا ولا طعمًا؟! ما جدوى راحة لا تشعر فيها بركون أو سكينة؟! لم تكن الملائكة نفسها تعرف هذا الشيء، لكن الله وحده، الذى اختار له أن يكون أبا “الإنس”، يعلم.. يعلم أن روحه تتشوق إلى قرينها.. تهفو إلى وليفِها؛ لتكتمل إنسانيتُه؛ لكي يُحِسَّ ويشعرَ بلذاذة النعيم عندما يتقاسمه معها، فيقول: “الله” وهو يُطعِمها فى فمها؛ لكى يدرك أن حياته لها هدف أسمى من الحياة، وأن قرينته تستحق أن يَشقَى ويتعب فى هذه الحياة من أجلها؛ لأنها هى متعة الحياة وقيمة الحياة؛ لأنها هي الحياة. هل تطنون أن الله عندما جعل تكملة خلق الإنسان بعد النطفة داخل المرأة صدفة أو عبثًا أو هباء؟! حاشا لله..

إنها حكمة الحياة وحكمة الخلق.. أن تكون غرستَك ومَنْبِتَك وبيئتَك ومصدرَك للحياةِ المرأةُ؛ حتى تصير هي نبع الحياة، ومهد الحنان، وحتى بعد خروجك للدنيا، تظل تستمد منها مُقوِّمات حياتك، ومن نفس النبع، فستكمل أول عامين من وجودك في الدنيا بالرضاعة من المرأة؛ لترتوي منها الأمان والدفء والحنان والسكينة والوداعة قبل أن تنهل الغذاء، ويظل تعلُّقُكَ بها تعلُّقَ حياة، ويظلُّ الحبل السري هو الرباط الذي لا يسمح بأيِّ مسافات بينكما، وتظل أنفاسك تتنسَّمُ من عبيرها، حتى تأتي الصدمة التي تَذَرُكَ وحيدًا شريدًا، وقتها ستتمنى أن تُفنِيَ حياتك لقاءَ لحظةٍ تراها فيها.. وقتها تنمحي الحياة من حياتك؛ لأنك وقتها ستكون قد أدركتَ أن الحياة لم تعد حياةً وقد فقدْتَ شريان حياتك.