محمد سلطان يكتب: ضمير المرآه!!

ضمير المرأة

الاحد 25 سبتمبر 2022 | 12:52 مساءً
محمد سلطان
محمد سلطان
كتب : بقلم محمد سلطان

لم يعرف التاريخ البشرى أي مُخادع مُحتال نجح في التلاعب المستمر بأبناء آدم ولازال يخدع غالبيتهم بمنتهى الحرفية والبساطة الشيطانية مثل هذا الجماد المُسمى بالمرآه، لا توجد لعنة نافذة على وجه الأرض مثل لعنة المرآه، قصة متشابهة حد التطابق متكررة مع مليارات البشر بلا اى تغيير سوى تفاصيل الأشكال والأسماء المتباينة لكل ضحية، الكل تقريبا يسقط فى الفخ، مجرد لوح بسيط من الزجاج المُقعر يفعل بناظريه ما لا يستطيع فعله أحد، كأنه سحر أسود يطول بسمومه كل مَن يرمقه او يقترب منه، حتى علماء الطاقة إنقسموا بين فريق مؤيد للمرآه فى المنزل و آخر يحذر من مواقعها و كثرتها فهى أحيانا مصدر للطاقة الإيجابية و أحيانا أخرى انعكاس قاتل لنظيرتها السلبية، مزيج عجيب من المشاعر المتناقضة التى تصل للإنسان من مجرد رؤية نفسه المُنعكسة أمامه فى قطعة صماء و لكن الأكثر عجباً إنها تفضح جوهر البشر قبل ظاهرهم و من هنا تكون البداية او النهاية على حسب ما تخفيه الصدور!!.

 المرأة بالفعل ليست مجرد شيء مُسمط نرى فيه اشكالنا و فقط بل هى أدق جهاز أشعة يُعرى اعتى النفوس ويُذل من القلوب أقساها، فى المُطلق لا أحد لا ينظر لنفسه فى المرآه لكن ليس الكل يمتلكون شجاعة المواجهة معها، فلا مانع من نظرات سريعة عابرة كاشفة للمظهر لكن ماذا عن اللقاءات الطويلة التى يهرب منها الكثير، الغريب والعجيب فعلا ان الإنسان الكائن الحى الوحيد الذى ميزه الله بعقل كامل متكامل يقف حائراً عاجزاً أمام جماد من صُنع يديه.

نقف أحيانا أمام المرآه عرايا بلا خجل وأحيانا أخرى بينما نحن على أهبة الإستعداد متأنقين بكامل ملابسنا و أحلاها نخجل من رؤية أنفسنا و هذا يؤكد ان الضيق الذى يتسلل لنا من نظرة المرآه ليس له علاقة بهيئتنا بقدر ما هو مرتبط إرتباط وثيق بسلامة قلوبنا، صحة نفوسنا و يقظة ضمائرنا، الإنسان العاشق بطبعه للملاوعة والتحايل للهروب كعادته من اى مواجهة صعبة حينما تثقل خطاه، تخور قواه، تخونه عيناه ولا يستطيع النظر إلى نفسه (الحقيقية) فى المرآه يفعل ذلك مع غيره من البشر، يفعلها ابن آدم بكل ثقة و غرور، يلجأ لعيون أقرانه حتى يرى فيها ذاته ولا يفعلها أبدا أمام مرآته، يفعلها الإنسان طواعية فى البداية كحيلة مؤقتة للتعايش ثم تصبح إدماناً و يصير الحر عبداً لنظرة الغير و تقييمهم له.

 لكن ماذا بعدما إستبدل الإنسان الجماد بالبشر إيمانا منه بقدرته على إخضاع بنى جنسه اكثر من قدرته على تطويع صنيعتهم و ماذا بعد أن إشترى بماله وسُلطته قيمة وهمية مؤقتة فى أعينهم؟ ماذا بعد ان بات أسير رؤيتهم القاصرة و دفن بحماقة رؤيته الشاملة؟ ماذا بعد ان كبلوه الغرباء بقيود وأحكام مطاطة لن تنتهى؟ هل ارتاح الإنسان فى النهاية عندما لجأ لرفقائه من المنافقين و المرائين ليسكت وخزات ضميره؟ هل هكذا شعر بالسَكينة وإطمأن قلبه ام لازال غير قادر على الصمود؟ هل أضاءت كلماتهم ظلمات قلبه و إنفرجت اسارير وجهه ام لازال الحزن قابض عليه بقبضة دامية؟ هل شخص لا يستطيع النظر فى وجه (نفسه) فى المرآه قادر على حب الحياة و مواصلة الرحلة؟ هل كانت المواجهة الفعلية للإنسان مع الضمير الذى قد يموت عند البعض ام هى كانت فى ضمير المرآه الذى يحيا للأبد!!.