قال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، إن بني إسرائيل عندما عبرو سيناء مع موسى عليه السلام، وطلبوا من الله تعالى طعامًا فأرسل إليهم المن والسلوى، ولكنهم طلبوا طعامًا آخر وجاء ذلك في قوله تعالى، "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ" سورة البقرة آية 61.
رفض بني إسرائيل
وأشار ريحان إلى رفض بنى إسرائيل الاستمرار فى تناول هذا الطعام "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ" سورة البقرة آية 61.
أي مصر قصد الله تعالى
وقال الشيخ الشعراوي في تفسير الآية أتستبدلون الذي هو رزق مباشر من الله تبارك وتعالى وهو المن والسلوى يأتيكم "بكن فيكون" قريب من رزق الآخرة بما هو أقل منه درجة وهو رزق الأسباب في الدنيا، ولم يجب بنو إسرائيل على هذا التأنيب.
وفى قول الحق سبحانه وتعالى "اهبطوا مِصْرًا" فإن هذا الرد جاء لأنهم أصروا على الطلب برغم أن الحق جل جلاله بين لهم أن ما ينزله إليهم خير مما يطلبونه، وأوضح فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوي أن مصر جاءت هنا منوّنةً، ولكن كلمة مصر حين ترد فى القرآن الكريم لا ترد منونة، ومن شرف مصر أنها ذُكرت أكثر من مرة فى القرآن الكريم، وقد تلاحظ أن مصر حينما يقصد بها وادى النيل لا تأتى أبدًا منونة وإقرأ قوله تعالى "تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً" سورة يونس آية 87. وفى سورة الزخرف آية 51"أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأنهار تَجْرِي مِن تحتي" ، وفى سورة يوسف آية 21 "وَقَالَ الذي اشتراه مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ" وآية 99"ادخلوا مِصْرَ إِن شَآءَ الله آمِنِينَ" .
كلمة مصر في القرآن الكريم
وأشار ريحان إلى أن كلمة مصر ذكرت في الآيات الأربع السابقة بغير تنوين، ولكن في الآية التى نحن بصددها "اهبطوا مِصْرًا" بالتنوين، فهل مصر هى مصر الواردة في الآيات المشار إليها؟، ويجيب الشيخ محمد متولى الشعراوى من الممكن أن يكون المعنى مصرًا من الأمصار، ومن الممكن أن تكون مصر التى عاش فيها فرعون، وكلمة مصر تطلق على كل مكان له مفتى وأمير وقاض، وهي مأخوذة من الاقتطاع لأنه مكان يقطع امتداد الأرض الخلاء، ولكن الثابت فى القرآن الكريم إن مصر التى لم تنون هي علم على مصر التى نعيش فيها، أمًا مصرًا التى خضعت للتنوين فهى تعنى كل وادٍ فيه زرع .
مصرًا من الأمصار
وقد يكون طلبهم البقول والعدس والبصل وأخواتها وسيلة من الله لتنبيههم إلى أن طلبهم لا يكون إلّا إذا نزلوا مصرًا من الأمصار تجلب إليه خيرات الأرض الزراعية حتى إذا علموا ذلك كان دافعًا لهم على منازلة أعدائهم حتى يملكوا عليهم مدينة للانتفاع بحاصلاتها التى تجبى إليها، ورغم ذلك فلم يوقظ هذا همتهم لعنادهم المستمر.
وفي التوراة (ثم ارتحلوا إلى برية سين التى بين إيليم وسينا فى اليوم الخامس عشر من الشهر الثاني بعد خروجهم من مصر، وتذمر الشعب على موسى وهارون وقالوا لهما: ليتنا متنا في أرض مصر بيد الرب، إذ كنا في نعمة وشبع وهنا نحن جياع وها أنتما أخرجتمانا إلى هذا القفر لنموت جوعًا فقال الرب لموسى: ها أنا أمطر لكم من السماء خبزًا فيخرج الشعب ويلتقطونه حاجة يوم بيوم، وفي اليوم السادس يضاعفون حاجتهم منه ليوم السبت فكانوا يجمعونه في الصباح، وهو مثل البزر الأبيض، طعمه كرقاق الخبز بالعسل، وكان فى المساء أن السلوى تصعد وتغطى البرية فأكل بنو إسرائيل المن والسلوى فى البرية أربعين سنة حتى جاءوا إلى طرف أرض كنعان).