رغم ازدحام حديقة الغناء والفن بمجموعة من المطربين والفنانين التى ترك كل واحد منهم علامة ميزة فى جمهوره، لكن هناك وردة حملت رحيقًا خاصًا وموهبة طاغية هي المطربة الجزائرية وردة فتوكي التي يتزامن اليوم 17 مايو مع ذكرى رحيلها عام 2012 تاركة لنا صوتها محتفظًا ببريقه الساحر وعبيره الذي لا يفني.
معلومات عن وردة الجزائرية
ولدت الفنانة وردة في فرنسا لأب جزائري وأم لبنانية من عائلة بيروتية تدعى يموت. مارست الغناء في فرنسا وكانت تقدم الأغاني للفنانين المعروفين في ذلك الوقت مثل أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، وعادت مع والدتها إلى لبنان وهناك قدمت مجموعة من الأغاني الخاصة بها.
كان يشرف على تعليمها المغني الراحل التونسي الصادق ثريا في نادي والدها في فرنسا، ثم بعد فترة أصبح لها فقرة خاصة في نادي والدها. كانت تؤدي خلال هذه الفترة أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ولـ عبد الحليم حافظ، ثم قدمت أغاني خاصة بها من ألحان الصادق ثريّا. وهي خالة الفنانة إنجي شرف.
بداية انطلاق الفنانة وردة الجزائرية فى مصر
بدأت فى مجال الفن فى مصر ببطولة "ألمظ وعبده الحامولي" عام 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمي رفلة، وكانت هذه بداية انطلاقها فى السينما المصرية، حيث قدمت بعدها العديد من الأعمال الفنية منها أفلام أخرى اه ياليل يازمن وحكايتي مع الزمان مع رشدي أباظه وليه يادنيا صوت الحب طلب رئيس مصر الأسبق جمال عبد الناصر أن يضاف لها مقطع في أوبريت "الوطن الأكبر".
أبرز الأعمال الفنية ل وردة الجزائرية
قدمت الفنانة وردة العديد من الاعمال الفنية التى خلدت فى ذاكرة الجمهور
1962: ألمظ وعبده الحامولي مع عادل مأمون
1963: أميرة العرب مع رشدي أباظة وفؤاد المهندس
1973: صوت الحب مع حسن يوسف وعماد حمدي
1974: حكايتي مع الزمان مع رشدي أباظة
1977: آه يا ليل يازمن مع رشدي أباظة ويوسف شعبان
1994: ليه يا دنيا مع محمود ياسين وصلاح السعدني
قدمت مسلسل “أوراق الورد” مع عمر الحريري، وشاركت بمسلسل “الوادي الكبير“، ومسلسل “آن الأوان” من تأليف يوسف معاطي وإخراج أحمد صقر، جسدت فيه شخصية سيدة تملك شركة إنتاج كاسيت تقف بجوار الأصوات الجيدة، وهو قريب من سيرتها الذاتية.
تعاملت مع كبار الملحنين منهم فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وعمار الشريعي ومحمد القصبجي ومحمد الموجي وسيد مكاوي وبليغ حمدي وكمال الطويل ومؤخرا صلاح الشرنوبي وحلمي بكر.
أنجازات الفنانة وردة الجزائرية
صنعت المغنية الشابة ذات الصوت الشجي اسمها في بيروت ودمشق وقالت “بدأت بتأدية أغاني ثورية”، وهي تذكر بفخر كيف أن الريس، قاصدة بذلك الرئيس المصري في ذلك الوقت جمال عبد الناصر، طلب شخصيًا أن تُعطى دورًا في العمل الأوبرالي لمحمد عبد الوهاب (الوطن الأكبر) عام 1958، وكان قد سمعها تغني أغاني وطنية جزائرية على الإذاعة السورية خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر.
كذلك، تم اختيارها من خلال تلك المنصة من قبل المنتج والمخرج المصري حلمي رفلة، وأعطاها دورها السينمائي الأول عام 1962. وقالت وردة “كنت أول فنانة من المغرب العربي تنتقل إلى مصر بعد الراقصة (ليلى الجزائرية)، التي تعاونت مع فريد الأطرش”. لم يكن لديها تفريق بين المغرب والمشرق العربي أو بين الشرق والغرب بحد ذاته وقالت عن كلٍّ من لبنان “في دمي”، ومصر “حيث الثورة”، وباريس “حيث طفولتي”. ولكن عاطفتها العظيمة التي ورثتها عن والدها كانت للجزائر وقالت: “علمني أبي أن أحب بلدي خلال الفترة التي عشت فيها في باريس”.
وعلى الرغم من الخراب الذي خلفه الاستعمار في بلد المليون شهيد فإنها اعتقدت بأنه “يجب على الناس أن يضعوا الماضي خلفهم وألا يروجوا للكراهية”. وفي منتصف ستينيات القرن العشرين اتجه مصير وردة إلى الجزائر لتتزوج من الدبلوماسي الجزائري جمال القصري الذي اشترط أن تترك مهنتها في الغناء، ولكن هذا الشيء تغير بعد أن أنجبت طفليهما رياض ووداد عندما قبلت دعوى الرئيس هواري بومدين لتغني في حفل ذكرى استقلال الجزائر عام 1972، وقرر زوجها ألا يقف في طريقها فكان الطلاق وديًا. قالت وردة: “كنا متفقين حينها أكثر مما كنا عليه حينا قررنا الزواج”، وضحكت.
وهكذا بدأت مرحلة جديدة من حياتها الموسيقية، حيث عادت إلى القاهرة وتزوجت من الرجل الذي لحن لها أكثر أغانيها شهرةً وهو الملحن بليغ حمدي، كما عملت مع العديد من الملحنين والكتاب في ذلك العصر. قالت عن بليغ: “هو فاشل كزوج لكنه موسيقي وفنان عبقري”.
صرح ابنها رياض القصيري بعد وفاتها أن وردة الجزائرية ووالدها كانا محكومين بالإعدام بسبب موقفهما المؤيد للثورة الجزائرية.
حصلت على عدد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرتها الفنية الحافلة منها: جائزة المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية كأفضل مطربة عام 2009.
في عام 2012، كُرمت بموركس الوفاء خلال توزيع جوائز الموركس.
في عام 2013، كُرمت في مهرجان كان السينمائي في جناح الجزائر من خلال عرض كليب أيام وقد تم تصويرها على شكل فيلم.
أعتزالها ثم عودتها الى عالم فن
اعتزلت الغناء سنوات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين كي تغني في عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972، بعدها عادت للغناء فانفصل عنها زوجها جمال قصيري وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري. فعادت إلى القاهرة، وانطلقت مسيرتها من جديد وتزوجت الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي لتبدأ معه رحلة غنائية استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979.
كان ميلادها الفني الحقيقي في أغنية (أوقاتي بتحلو) التي أطلقتها في عام 1979 م في حفل فني مباشر من ألحان سيد مكاوي. كانت أم كلثوم تنوي تقديم هذه الأغنية في عام 1975 لكنها ماتت. لتبقى الأغنية سنوات طويلة لدى سيد مكاوي حتى غنتها وردة، تعاونت وردة الجزائرية مع الملحن محمد عبد الوهاب. قدمت مع الملحن صلاح الشرنوبي العمل الشهير (بتونس بيك)، كانت قد خضغت لجراحة لزرع كبد جديد في المستشفى الأمريكي بباريس.
أزواج الفنانة وردة الجزائرية
تزوجت الفنانة وردة رسميا أكثر من مرة والزوج الأول هو جمال القصيري وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري وأنجبت منه ابنها الوحيد رياض القصيري.
أما الزوج الثاني فهو بليغ حمدى وتزوج ورده فى حفل بمنزل الراقصة (نجوى فؤاد)، عام 1972 بعد قصة حب عنيفة قدم لها أحلى ما تغنت به.
أما الزيجة الثالثة فلست مؤكدة حيث أكدت مصادر فنية أن وردة الجزائرية تزوجته عرفيا، وأن زواجهما انتهى بخطف الأخير لوثائق الزواج وتقطيعها بعدما شعر بالغيرة من عودة "وردة" للتعاون الفني مع طليقها بليغ حمدي.
وفاة وردة الجزائرية
توفيت وردة في 17 أيار/ مايو 2012 إثر سكتةٍ قلبية عن عمر ناهز 72 عامًا، وفي 19 أيار/ مايو نقل جثمانها إلى مسقط رأسها الجزائر وشيعت بجنازة رسمية ودفنت في مقبرة العلية في الجزائر، وهي مقبرة مخصصة للأبطال الوطنيين.