بعد إصدار الحكم على المتهم محمود عزت، القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان، بالسجن المؤبد في إعادة محاكمته على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بـ "إقتحام الحدود الشرقية".
نسلط لكم، الضوء على التاريخ الأسود لـ "محمود عزت" القائم بأعمال مرشد الجماعة الإرهابية، منذ انضمامه إلى "الإخوان" وحتى إلقاء وزارة الداخلية القبض.
جماعة الإخوان الإرهابية
أنتظم محمود عزت قبل 58 عاما، شابا فى صفوف جماعة الإخوان الإرهابية، طامحا متأثرا بأفكار الإرهابي سيد قطب، وفى 1965 وقف أمام جهات التحقيق وكان حينها طالبا في الجامعة معتبرا العنف المسلح أساسا بنيت عليهم أهدافهم، وفى التحقيق لم ينكر شيء، بل تمادى معتبرا أفكار سيده قطب هى التى ستحقق العدل المطلق على الأرض.
وقد أصبح "محمود عزت" عضوا بمكتب الإرشاد داخل جامعة الإخوان الإرهابية، قبل نحو 40 عاما وبالتحديد فى عام 1981، وبمرور السنوات بدأ الجميع يضفون عليه من الصفات ويطلقون عليه الأسماء التى كانت تتبدل بتصاعد قوته داخل الجماعة إلا أن صفة واحدة ظلت تسبق اسمه منذ انتظامه وحتى سقوطه "رجل العنف المسلح".
وفي تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا في العام 1965، كان محمود عزت واحدا ضمن المتهمين مع سيد قطب، حينها تجلت حقيقته وسرد الإجابات بناء على معتقداته وأفكاره هذه الإجابات كانت أساس قوته وتصعيده داخل الاخوان فهو الرجل العنيف الذى يرى أن العمل السري يجلب النجاح، وأن الصدام المسلح مع الدولة يمكن الجماعة من الوصول إلى الحكم.
الانضمام إلي الإخوان
وقبل انضمامه إلى الإخوان ذهب عزت إلى جماعة الدعوة والتبليغ إلا أنه من واقع التحقيقات أحس أن تلك الجماعة لا تلبي طموحاته وأن مجرد الاعتكاف فى المساجد وإطلاق اللحية ولبس الجلباب ليس من صميم الإسلام، وأن الاتجاه السليم هو الانضمام إلى جماعة تضم أفرادا مرتبطين بتنظيم يحاول الوصول إلى مراكز القيادات في المجتمع.
وبعد انضمام محمود عزت إلى الإخوان، اعترف فى التحقيقات أنه أعد أفرادا مسلحين استعدادا للصدام مع الحكومة، واصفا نظام الرئيس جمال عبدالناصر بالجاهلية وأنهم أى "الإخوان" يعتبرون الحكومة من الكفار، وأن المجتمع الذى ينشدونه يقوم على وجود أمير للمؤمنين وكل أحكامه مستمدة من الشريعة، معتبرا السرية الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحكم عبر التغلغل فى المجتمع ومفاصل الدولة ومن ثم الوصول إلى الهدف المنشود وهو "حكم مصر".
احياء التنظيم المسلح للإخوان
كان قد حكم عليه ضمن تنظيم سيد قطب عشر سنوات، وخرج من السجن 1974 ثم عاد إلى السجن مرة أخرى 1993، على ذمة القضية الشهيرة المعروفة بـ "سلسبيل" برفقة خيرت الشاطر وحسن مالك، وتوالت السنوات ومعها كان محمود عزت يزداد قوة داخل التنظيم ويتولى مواقع تسمح له بدور قيادى اكبر حتى بات متحكما فى قواعد الجماعة الإرهابية، يحركها طبقا لأفكاره ويهيمن مع "القطبيين" على التنظيم، وكان يطلق عليه الرجل الحديدى والمرشد السرى، حتى تجلى من جديد توصيف "رجل العنف المسلح" بعدما قام بمهام مرشد الاخوان بعد يونيو 2013، ليبدأ بعدها فى اخراج رغبة مدفونة عبر احياء التنظيم المسلح للإخوان.
كما ان "محمود عزت" كان بالنسبة لشباب الاخوان واحدا من القيادات التاريخية للجماعة، ما سهل عليه عملية تشكيل وتأسيس الخلايا والتنظيمات المسلحة تحت مظلة الاخوان مثل "حسم – كتائب حلوان – العقاب الثوري" وغيرها من الخلايا التى سعت لأحداث تخريب وتدمير وإرهاب طال المواطنين المصريين فى محافظات مختلفة، كما حاول اعادة ترميم الهيكل التنظيمى للجماعة بعدما حدث من خلافات وصراعات داخلية أدت إلى انقسامات عديدة.
وتولى عزت منصب المرشد العام بالإنابة في 20 أغسطس/آب 2013، عقب القبض على المرشد محمد بديع، بعد أيام من فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة الكبرى، بعد أن كان نائبا للمرشد آنذاك.
وكانت تصدر بأسمه بيانات دورية في مناسبات مختلفة باعتباره قائما بأعمال المرشد العام للجماعة، بينما لم تعلن الجماعة عن مكان تواجده أو حالته الصحية أو كيفية إدارته للجماعة وتواصله مع باقي القيادات داخل أو خارج البلاد.
واختفى محمود عزت 7 سنوات عن الأنظار، لم يكن اختفائه انكفاء إلى الظل، بل كان جزءا من استراتيجية الجماعة، فهو الاقدر على إدارة العمليات الإرهابية والتخريبية التى سعى اليها التنظيم عقب ثورة 30 يونيو، وكان ابرز هذه العمليات حادث اغتيال النائب العام الأسبق، الشهيد "هشام بركات"، باستخدام سيارة مفخخة عام 2015، وحادث اغتيال العميد "وائل طاحون" امام منزله فى 2015.
القبض علي " محمود عزت"
الى جانب دوره الدموى، تولى محمود عزت مسؤولية إدارة حركة أموال الاخوان وتوفير الدعم المالى للأنشطة المسلحة داخل مصر، 7 سنوات ومصر تواجه عمليات إرهابية داخلية، كان أساسها الخلايا التى شكلها كاهن المعبد "محمود عزت" بعد هروبه عقب فض اعتصام رابعة، وأمام اختلاف الإجابات على سؤال اين محمود عزت ؟، كانت الإجابة لدى الدولة المصرية، فى نهاية أغسطس عام 2020، بعدما أعلنت وزارة الداخلية فى بيان رسمى نبأ القبض على القائم بأعمال مرشد جماعة الاخوان الإرهابية "محمود عزت "مختبًا فى إحدى البيوت بمنطقة التجمع.
ويواجه "عزت" أحكاماً غيابية فى العديد من القضايا من بينها الإعدام فى قضة التخابر، والإعدام فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون والمؤبد فى قضية أحداث مكتب الإرشاد، والمؤبد فى قضية أحداث شغب وعنف فى المنيا، كما أنه مطلوب على ذمة قضايا أخرى تتعلق جميعها بأنشطة إرهابية.
مثل القبض على محمود عزت هزيمة نفسية ومعنوية لجماعة الإخوان الإرهابية قبل أن تكون خسارة تنظيمية، فهو الرمز الذى كان يعتقد فيه أعضاء الجماعة ويعيشون معه أجواء السرية والتخفى والقدرة على إدارة شؤون التنظيم من مكانه السرى حتى كانت الصدمة بسقوط "عزت" الذى يعد بمثابة خزينة أسرار لكل التنظيمات الإرهابية التى شكلها خلال السنوات السبع الماضة.
تظل قصة محمود عزت بكامل تشابكها من أفكار تكفيرية وصعود تنظيمى داخل الإخوان ثم تقدمه الصفوف لإدارة الجماعة وهم الذين يعرفون "برجل العنف المسلح"، دليل ثابت على تطرف الإخوان وإنتهاجهم العنف والإرهاب وأنهم يقدمون أهدافهم على أى شيء فهم لا يعتبرون للأرض التى "آوتهم"، بل تتلخص حياتهم كلها فى نطاق الانتهازية المسلحة.
الاتهامات الرسمية
اتهمت النيابة محمود عزت إبراهيم أنه خلال الفترة من 2010 حتى 2011 بدوائر شمال سيناء، والقاهرة، والقليوبية، والمنوفية اشترك بالانضمام والتعاون مع المتهمين من الأول حتى 76 مع هيئة حماس وقيادات التنظيم الدولي للإخوان، وحزب الله على إحداث حالة من الفوضى تنفيذا لمخططهم وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني.
وأوضحت النيابة أن المتهمين استقلوا سيارات دفع رباعي مدججة بأسلحة نارية ثقيلة (آر بى جى وجرينوف وبنادق آلية) وتمكنوا من السيطرة على الشريط الحدودي بطول 60 كيلو مترا، وخطفوا ثلاثة من ضباط الشرطة وأحد أمنائها، ودمروا المنشآت الحكومية والأمنية، وواصلوا زحفهم.
وأشارت النيابة إلى توجه ثلاث مجموعات منهم (المتهمون) صوب سجون المرج وأبو زعبل ووادي النطرون لتهريب العناصر الموالية لهم، وباغتوا قوات تأمين السجون آنفة البيان بإطلاق النيران عليها وعلى أسوارها وأبوابها مستخدمين السيارات سالفة البيان، ولوادر قادها بعضهم في منطقتي سجون أبوزعبل والمرج، ولوادر أخرى دبرها وأدار حركتها المتهمان الخامس والسبعون والسادس والسبعون في منطقة سجون وادي النطرون نظرا لدرايتهما بطبيعة المنطقة.
وتابعت النيابة أن المتهمين حطموا أسوار السجون، وخربوا مبانيها وأضرموا النيران فيها، واقتحموا العنابر والزنازين، وقتلوا عمدا بعض الأشخاص وشرعوا فى قتل آخرين، ومكنوا المسجونين من «حركة حماس، وحزب الله اللبناني، وجهاديين، وجماعة الإخوان المسلمين، وجنائيين آخرين» يزيد عددهم على 20 ألف سجين من الهرب، وبعد أن تحقق مقصدهم نهبوا ما بمخازنها من أسلحة، وذخيرة، وثروة حيوانية، وداجنة، واثاثات، ومنتجات غذائية، وسيارات الشرطة، ومعداتها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأضافت أن المتهمين المذكورين قتلوا عمدا المجني عليه رضا عاشور محمد إبراهيم، مع سبق الإصرار، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل من يحول دونهم في اقتحام السجون وتهريب المسجونين، وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة والأدوات سالفة البيان، وتوجهوا إلى سجن أبوزعبل، وما إن ظفروا بالمجني عليه- حال تأديته أعمال خدمته بأحد أبراج حراسة السجن- حتى أطلق مجهول من بينهم صوبه أعيرة نارية، قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا إصاباته التي أودت بحياته وكان ذلك تنفيذا لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات.
وأفادت أنه قد اقترنت بجناية القتل آنفة البيان الجنايات التالية ذلك أنهم فى ذات الزمان والمكان سالفي الذكر: قتلوا عمدا الجندي أحمد صابر أحمد عاشور، من قوة تأمين سجن أبوزعبل، والمحكوم عليه شريف عبدالحليم محمد النجار المسجون بسجن المرج، وعدد 30 مسجونا بسجن أبوزعبل مجهولي الهوية، لعدم التوصل للأوراق والسجلات المثبت فيها بياناتهم، و14 مسجونا بمنطقة سجون وادي النطرون الموضحة أسماؤهم بالتحقيقات، مع سبق الإصرار، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل من يحول دون تنفيذ مخططهم الإجرامي في شأن اقتحام السجون وتهريب العناصر التابعة لهم من المسجونين.
وأضافت النيابة بأمر الإحالة، أن المتهمين أعدوا لهذا الغرض السيارات ذات الدفع الرباعي المدججة بالأسلحة الثقيلة واللوادر والميليشيات المدربة على استخدامها على النحو سالف البيان، وما إن ظفروا بالمجنى عليهم حتى أطلق مجهولون من بينهم وابلا من النيران الكثيفة من أسلحتهم المتعددة صوبهم، قاصدين إزهاق أرواحهم، فأحدثوا بهم الإصابات التى أودت بحياتهم، وكان ذلك تنفيذا لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها "إن وقائع هذه الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة أوراق هذه الدعوى رقم 56458 لسنة 2013 قسم أول مدينة نصر، طبقاً لقرار المحكمة بضم الدعويين للارتباط البسيط بينهما، وما دار بشأنهما بجلسات المحاكمة، ومن مطالعة جميع القضايا المنضمة إليهما، تتحصل في أنه وإن كان نطاق الدعوى قد اقتصر على الأحداث التي وقعت اعتباراً من عام 2010 حتى أوائل فبراير 2011 بدوائر محافظات شمال سيناء والقــاهـــــــرة والقليوبيـــة والمنوفية، إلا أن هذه الأحداث ما كانت لتقع بمنأى عن الظروف والملابسات التي أحاطت بها وشهدتها البلاد في تلك الفترة الفارقة من تاريخ هذه الأمة، والتي تكاتفت فيها قوى الشر لإسقاط الدولة وزعزعة استقرارها، مما يقتضي العودة بتلك الملابسات إلي بدايتها للوقوف علي الأغراض والأهداف التي أدت إلى تلك الأحداث، ففي عام 1928 أُنشئت جماعة الإخوان المسلمين على يد مؤسسها المدعو "حسن البنا" وأعلن على المَلأ على خلاف الحقيقة أن لها أهدافًا دينية واجتماعية، وانضم إليها كثير من الأشخاص، في حين أن للجماعة هدف استراتيجي غير معلن هو الوصول إلى الحكم وبعدها ما أسموه بدولة الخلافة حتى تتحقق لها أستاذية العالم".
وتابعت المحكمة: أنهم ليسوا أصحابَ قضايا فكرية يدافعون عنها، أو مبادئ عقائدية يتمسكون بها، بل يسعَونَ من خلال دعواتِهم الباطلة إلى تسييس الدين واتخاذِه مطية لتحقيق مكاسب سياسية لزيادةِ نفوذِهم الطائفي، وقَبله وبَعده مصالِحهم الشخصيةِ المشبوهةِ، وفي سبيل تحقيق أغراض الجماعة استخدمت عبر تاريخها أساليب غير مشروعة تنطوي على منع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين التي كفلها الدستور والقانون، والإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي.