تستمر ﺑﻠﻮرت اﻟﺤﺮب اﻟﻄﺎﺣﻨﺔ اﻟﺪاﺋﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﻼد التي تبعث القلق، وتجعل الطيارين الأوكرانيين يراقبوا التطورات بتوتر فيقلعون في الجو على عجل دون معرفة مهامهم بالمواجهات القاتلة، حتى لا يتم اكتشاف موقع الإقلاع، وبهذه الطريقة، تمكن سلاح الجو الأوكراني من الحفاظ على سرية مطاراته.
تمضي ليالي الطيارين الأوكرانيين منذ بداية الحرب الروسية قبل شهر؛ قلق يطوقهم وهم رابضون بمواقع طائرات سرية يتابعون الأحداث قبل أن يدوي صوت بنبرة صارمة فيسرعون نحو المدرج.
ومع أن توتر الصوت الصارم كان من المفترض أن يخلق لديهم نوعا من التعود، إلا أن حالة التوتر السائدة تضفي صدى مدويا تسري نبراته في أوصالهم فيقفزون من أماكنهم ويعجلون بالتحليق.
يسرع الطيار إلى مدرج تربض فيه طائرة من طراز "سو-27" الأسرع من الصوت، ويحلق في الهواء بأسرع وقت ممكن حتى لا يتم اكتشاف موقع الإقلاع، وبهذه الطريقة، تمكن سلاح الجو الأوكراني من الحفاظ على سرية مطاراته.
وبإقلاعها، تنطلق المقاتلة بسرعة كبيرة، وحتى تلك اللحظة لا يعرف الطيار مهمته المحددة في إطار المهمة الرئيسية المعتادة في زمن الحروب وهي القتال ضد سلاح الجو الروسي.
وفي كل مرة يقلع فيها طيار أوكراني، يكون على قناعة تامة بأن فرضية عودته إلى المطار ضئيلة إن لم تكن منعدمة، لكن ذلك ليس المهم بالنسبة له وإنما يشكل الحفاظ على سرية مكان الانطلاق الأهم في مهمته.
سرية تامة
صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت في تقرير لها، عن أندريه، وهو طيار في سلاح الجو الأوكراني، قوله: "لا أقوم بأية فحوصات فقط، أحلق بالطائرة في أسرع وقت ممكن".
أندريه البالغ من العمر 25 عاما، نفذ 10 مهام في الحرب، ونجح في العودة إلى المطار، ويوضح بهذا الخصوص قائلا: "في كل مرة أقلع فيها، يكون ذلك من أجل قتال حقيقي، وفي كل قتال مع الطائرات الروسية لا توجد مساواة لديهم دائما خمسة أضعاف الطائرات في الجو".
ويعتبر أندريه أن السرية التامة ساعدت الطيارين الأوكرانيين في القتال ومنع الروس من السيطرة على المجال الجوي لكييف، في إنجاز يشكل مفاجأة بالنسبة لقوات جوية لا تمتلك قدرات نظيرتها الروسية.
ويرى محللون أن سلاح الجو الأوكراني يشكل مفتاح صمود كييف حتى الآن بوجه قوات موسكو، حيث ساعد نجاح الطيارين الأوكرانيين في حماية الجنود على الأرض ومنع قصف أوسع للمدن بعد أن اعترض الطيارون بعض صواريخ كروز الروسية.
وبحسب بيانات صادرة عن مسؤولين أوكرانيين، أسقطت قوات الجو 97 طائرة روسية، في رقم لم يتسن التحقق منه كما لم تؤكده موسكو أو تنفيه.
وتعول القوات الجوية الأوكرانية على العمل في سرية تامة تمنحها أريحية في التحرك، حيث يمكن لمقاتلاتها أن تطير من ممرات جوية في غرب أوكرانيا ومن المطارات التي تعرضت للقصف، لكنها تحتفظ بمدارج كافية للإقلاع أو الهبوط أو حتى من الطرق السريعة.
سرية قلصت الهوة الشاسعة بين الطلعات الجوية التي تجريها روسيا (نحو 200 يوميا) مقارنة مع الطلعات الأوكرانية التي لا تتجاوز سقف الـ10 طلعات باليوم.