قال سياسيون ومحللون استراتيجيون أن أوروبا تحاول البقاء في الدول الأفريقية بأي شكل من الأشكال، من أجل الضغط على الحكومات واجبارها على طلب المساعدة المالية والعسكرية من دول مثل فرنسا وبريطانيا.
ويبدو أن مالي أصبحت مثالا جديدا على هذه السياسات الغربية الخطيرة في المنطقة والعالم، فبعد أن قدمت فرنسا إلى مالي قواتها عام 2013 بحجة مساعدة الحكومة المالية على القتال ضد الجماعات الارهابية المتطرفة الاسلامية في الشمال، ها هي اليوم تحارب نفس الحكومة فقط لانها طلبت من فرنسا الرحيل.
خلال كلمة أمام دبلوماسيين معتمدين في باماكو الإثنين، اتهم رئيس وزراء مالي تشوغويل كوكالا مايغا فرنسا بأنها عملت على تقسيم بلاده من خلال وجودها العسكري فيه.
وحمل مايغا الذي عينه المجلس العسكري الحاكم إثر انقلابين متتاليين في آب 2020 وحزيران 2021، على فرنسا مدة 45 دقيقة أمام دبلوماسيين دعاهم إلى مقر الحكومة.
وقد اختار قادة منظمة غرب إفريقيا بدعم من فرنسا طريق التصعيد بإغلاق الحدود مع مالي وفرض حظر تجاري ومالي، فضلا عن تجميد أصولها في بنوك غرب أفريقيا، بعد إعلان المجلس العسكري تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي وعدوا بها في 27 فبراير لإعادة المدنيين إلى السلطة.
وفي رد فوري منه على هذا التطور الجديد، تأسف رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي، الكولونيل أسيمي غويتا، في خطاب بثّه التلفزيون الحكومي للطبيعة غير الشرعية وغير القانونية وغير الإنسانية لقرارات معينة.
وبما أن المشهد بات واضحا وجلياً، وأن المصالح الإستراتيجية هي السبب الحقيقي وراء اندفاع فرنسا وإصرارها على أن تكون حاضرة بقوة في قلب الحدث الإفريقي، رغم خطورة الوضع، ورغم ضعف الدعم الخارجي لها.
ومن الأمور الأكثر إثارة للحنق هو ان فرنسا بانحسابها التكتيكي من مالي تركت ورائها الاف العملاء والمرافقين وحتى السكان المدنيين الذين اليوم قد تتم محاسبتهم على مساعدة فرنسا، وهي بذلك كررت سياسة الولايات المتحدة عندما رمت حلفائها في أفغانستان وتركتهم في الجحيم الذي صنعته طالبنا التي أساساً كانت سلاحاً وأداة من أدوات الحرب الباردة بيد واشنطن.