قضت المحكمة الإدارية العليا بإنهاء الخصومة بين وزارة الأوقاف وأحد خطباء المساجد ليصبح الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي بتأييد قرار وزارة الأوقاف المصرية برفض تصريح الخطابة لأحد المنتمين للتيارات الدينية المتشددة في أحد المساجد بمحافظة البحيرة نهائيا وباتا..
وقالت محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر عام 2015 أن مصر قد استوت على قمة العالمين العربى والإسلامى بحضارة تليدة وموروث ثقافي جعل منها في ثورات العرب وحروبهم وبانتصاراتهم الدولة القائدة. إلا أن المجتمع الدولى بأسره بات يمر بأزمة حقيقية مصيرية نتيجة دعاة الإرهاب والعنف التي استشرت في بعض الدول العربية والإفريقية والإسلامية وتتحمل مصر باعتبارها الرائدة في العالم العربى والإسلامى محاربة هذا الإرهاب.
وحددت المحكمة في حكمها 9 أليات لتجديد أساليب الخطاب الدينى وقالت أنه من واجبها أن تسجل في هذه الدعوى التي كشفت عن أن المخالفة المنسوبة للمدعى للامتناع عن تجديد الترخيص له بمباشرة الخطابة تتمثل في التشدد في الفكر الدعوى الذي يعتنقه، والتي تتصل مباشرة بإحدى أساليب تجديد الخطاب الدينى الذي بات المشكلة الكبرى لكافة الأقطار العربية والإسلامية ومصر في قلبها وتمثلت هذه الآليات في:
أولا: يجب أن يعتمد تجديد الخطاب الدينى في أساسه على أن الإسلام يدعو إلى السلام في الأرض، فالإسلام دين خير وسلام وليس دين عنف أو عدوان, مع ضرورة الاعتناء بمفاهيم جديدة لتجريم العدوان أو التعدى على النفس البشرية.
ثانيا: إن تجديد الخطاب الدينى يقتضى إعادة فهم النصوص على ضوء واقع الحياة وما تستحدثه البيئة المعاصرة من مستجدات بحيث تتناسب من روح التطور التي هي سنة الحياة.
ثالثا: يجب أن يكون على رأس عناصر تجديد الخطاب الدينى معالجة مفهوم «الوطن» في ضوء تحديد حقيقة مفهوم «الفكر السياسى الإسلامى» وهما المعضلة الشائكة والمسألة المشكلة التي لا يُهتدى لوجهها، للمخاطر التي تواجه الأمة .
رابعا: أن تجديد الخطاب الدينى لا يجب أن يكون محصوراً داخل الأمة الإسلامية فحسب، بل يتعين أن يتعدى حدود أقطارها إلى خارجها
خامسا: يجب أن يعتمد تجديد الخطاب الدينى على الاعتدال ووسطية المنهج دون إفراط أو تفريط ،إعمالاً لقوله تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً». كما يجب أن يكون تجديد الخطاب الدينى موافقا للقلوب وللعقول.
سابعا: يقتضى تجديد الخطاب الدينى مواجهة الفكر بالفكر، خاصة الشباب , ذلك أن الواقع كشف عن أن هناك ثمة تقصير في مناقشتهم واحتوائهم , ولا مرية في أن قادة الفكر الدينى الوسطى , يدركون أنه يجب أن تكون أساليب التجديد للخطاب الدينى مرتبطة ارتباطا وثيقا بتطور الحياة ومنبثقة عن تعاليم الإسلام السمح ،
ثامنا: تجديد الخطاب الدينى يجب أن يعتمد على أن الدين ليس للعبادة فحسب وإنما الدين يرتبط بالمعاملة ويتصل بالحياة الدنيا كارتباطه بالاَخرة، إعمالا لقوله تعالى: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» الاَية 77 من سورة القصص , فالدين المعاملة من مكارم الأخلاق والأمانة والصدق , ويجب أن يتناول كافة مظاهر الحياة , في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية والحضارية.
تاسعا: التأكيد على أن حقيقة تجديد الخطاب الدينى ليس تجديداً للدين ذاته ،حاشا لله , فلن تجد لسنة الله تبديلا إعمالا لقول الحق: «سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا» الاَية 23 سورة الفتح , وإنما التجديد في الفكر نفسه , لأن الفكر يرتبط بمستجدات الحياة.