في مثل هذا اليوم | ذكرى رحيل محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية وحاكم مصر

الاثنين 02 اغسطس 2021 | 11:22 صباحاً
كتب : علي عرفات

محمد على باشا، مؤسس الأسرة العلوية وحاكم مصر، اليوم تمر ذكرى رحيله، إذ رحل فى مثل هذا اليوم 2 أغسطس من عام 1849م، وقد استطاع خلال حكمه لمصر الإعلاء من شأنها عسكريًا وتعليميًا وصناعيًا وزراعيًا وتجاريًا، مما جعل من مصر دولة ذات ثقل في تلك الفترة، إلا أن حالتها تلك لم تستمر بسبب ضعف خلفائه وتفريطهم في ما حققه من مكاسب بالتدريج إلى أن سقطت دولته في 18 يونيو سنة 1953 م، بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية في مصر.

ولادته ونشأته:

محمد علي باشا المسعود بن إبراهيم آغا القوللي مؤسس الأسرة العلوية و باني مصر الحديثة، ولد في مدينة قولة شمال اليونان في ٤ مارس سنة ١٧٦٩م لأسرة ألبانية، والده هو "إبراهيم آغا" رئيس الحرس المنوط بخفارة الطريق و قيل أنه تاجر تبع، توفي والداه و هو صغير فكفله عمه "طوسون" ثم حاكم قولة بعد وفاة عمه و قد أدرجه الحاكم في سلك الجندية.

دخوله مصر:

دخل محمد علي، مصر كرئيس للكتيبة الألبانية التي أرسلتها الدولة العثمانية لمحاربة الفرنسيين و أظهر محمد علي التودد إلى كبار رجالات المصريين و علمائهم و مجالستهم و الصلاة ورائهم كما أظهر العطف و الرعاية للشعب المصري، وبعد فترة من الإضطرابات والفوضى والصراع بين العثمانيين والمماليك تم عزل الوالي خورشيد باشا واختار الشعب بقيادة عمر مكرم محمد علي واليا على مصر وأصدر السلطان العثمانى سليم الثالث فرمانا بذلك.

مذبحة المماليك:

كان المماليك يرون أنهم أحق بحكم مصر و كانوا دائمي التمرد و الإزعاج لمحمد علي و لم تنفع معهم محاولات الصلح و الإرضاء التي قام بها محمد علي تجاه زعمائهم، فدبر لهم مذبحة القلعة ، أو مذبحة المماليك للتخلص منهم، وفيها دعا محمد على باشا زعماء المماليك الى القلعة بحجة التشاور معهم، ثم أغلق خلفهم الأبواب الضخمة وأمر جنوده بإطلاق النار عليهم.

ويروى أن بعض المماليك استطاعوا الهرب بتسلق أسوار القلعة وركوب أحصنتهم والهرب إلى الصعيد المصري من بينهم إبراهيم بك الذى هرب بالسودان ثم رجع بعدها بحوالى 3 سنوات ليقتل بخدعة شبيهة بمذبحة القلعة، وقد كانت هذه الفكره هي فكرة لاظوغلي باشا، وقد وقعت هذه المذبحة في يوم ١ مارس لعام ١٨١١ ميلادية.

حروبه لتوطيد حكمه في مصر:

حارب الحجازيين والنجديين وضم الحجاز ونجد لحكمه سنة ١٨١٨ ، وإتجه لمحاربة السودانيين عام ١٨٢٠ والقضاء علي فلول المماليك فى النوبة ، كما ساعد السلطان العثمانى في القضاء على الثورة في اليونان فيما يعرف بحرب المورة، إلا ان وقوف الدول الاوروبية إلى جانب الثوار في اليونان أدى إلى تحطم الأسطول المصرى، فعقد اتفاقية لوقف القتال مما أغضب السلطان العثمانى،

وكان قد إنصاع لأمر السلطان العثمانى ودخل هذه الحرب أملا في أن يعطيه السلطان العثمانى بلاد الشام مكافأة له إلا أن السلطان العثمانى خيب آماله بإعطاءه جزيرة كريت والتى رآها تعويضاً ضئيلاً بالنسبة لخسارته في حرب المورة ، ذلك بالاضافة الي بعد الجزيرة عن مركز حكمه في مصر وميل أهلها الدائم للثورة، وقد عرض على السلطان العثمانى إعطاءه حكم الشام مقابل دفعه لمبلغ من المال إلا أن السلطان رفض لمعرفته بطموحاته وخطورته على حكمه،

وإستغل ظاهرة فرار الفلاحين المصريين الى الشام هرباً من الضرائب و طلب من احمد باشا الجزار والى عكا إعادة الهاربين إليه و حين رفض والي عكا إعادتهم بأعتبارهم رعايا للدولة العثمانية ومن حقهم الذهاب إلى أى مكان استغل ذلك وقام بمهاجمة عكا وتمكن من فتحها وإستولى علي الشام وانتصر علي العثمانيين عام ١٨٣٣ وكاد أن يستولي على الاستانة العاصمة إلا ان روسيا وفرنسا وبريطانيا حموا السلطان العثمانى فانسحب عنوة ولم يبقى معه سوي سوريا وجزيرة كريت،

وفي سنة ١٨٣٩ حارب السلطان لكنهم أجبروه علي التراجع في مؤتمر لندن عام ١٨٤٠ بعد تحطيم إسطوله في نفارين وفرضوا عليه تحديد أعداد الجيش والإقتصار علي حكم مصر لتكون حكماً ذاتياً يتولاه من بعده أكبر أولاده سنا.

بناء مصر الحديثة:

تمكن من أن يبني من مصر دولة عصرية على النسق الاوروبى، واستعان في مشروعاته الاقتصادية والعلمية بخبراء اوروبيين ومنهم بصفة خاصة السان سيمونيون الفرنسيون الذين أمضوا في مصر بضع سنوات في الثلاثينات من القرن التاسع عشر، وكانوا يدعون إلى إقامة مجتمع نموذجي على أساس الصناعة المعتمدة على العلم الحديث،

وكانت أهم دعائم دولة محمد علي العصرية سياسته التعليمية والتثقيفية الحديثة، فقد آمن بأنه لن يستطيع أن ينشئ قوة عسكرية على الطراز الاوروبى المتقدم ويزودها بكل التقنيات العصرية وأن يقيم إدارة فعالة واقتصاد مزدهر يدعمها ويحميها إلا بإيجاد تعليم عصري يحل محل التعليم التقليدي، وهذا التعليم العصري يجب أن يقتبس من اوروبا، وبالفعل فإنه قام منذ ١٨٠٩ بإرسال بعثات تعليمية إلى عدة مدن ايطالية ليفورنو، ميلانو، فلورنسا، روما، وذلك لدراسة العلوم العسكرية وطرق بناء السفن والطباعة، وأتبعها ببعثات لفرنسا وكان أشهرها بعثة ١٨٢٦ التي تميز فيها إمامها المفكر والأديب رفاعه رافع الطهطاوى الذي كان له دوره الكبير في مسيرة الحياة الفكرية والتعليمية فى مصر.

وكانت اسرة محمد على باشا بانفتاحها وتنورها سبب هام لإزدهار مصر وريادتها للعالم العربى منذ ذلك الوقت وقد أنهت تحكم المماليك الشراكسه لمصر واقتصادها.

بعض انجازات محمد على باشا فى مختلف المجالات فى مصر:

• انشاء مدارس وتعليم ابناء البلد المصريين.

• انشاء المدارس العليا التى تساوى الجامعات كمدرسة المهندسخانه ومدرسة الطب.

• انشاء جيش كان اقوى من جيش الدولة العثمانية كلها مما اغضب اروبا واقلقها منه واتفقت على تحجيمه بمعاهدة لندن التى حدت من نفوذ مصر الى داخل حدودها و هذا الجيش الذى هزم اسطول الامبراطورية العثمانية كلها وكان على ابواب الاستانه ولو اتفاق اوربا مع رجل اروربا العجوز لعادت الخلافة الاسلامية اقوى خلافه واصبح عصره عصرا ذهبيا ومع العلم كان الجيش من المصريين.

• اعاد توزيع الارض بواقع خمسة افندنه للفلاح فيما يعرف باكبر اصلاح رزاعى شهده العالم ومع تمليك المصريين واعطاهم الصلاحيات لامتلاك المزيد.

• اعاد الاهتمام بالنيل ورمم مقياس النيل وحفر القنوات مثل الابراهيمية وبحر يوسف.

• زادت الرقعه الزراعية الى ملايين الافندنه بفضل سياسته الاصلاحية وانشاء القناطر الخيرية التى احيات الدلتا بعد ان سارت خرائب.

• إعاد التقسيم الإدارى لمصر واهتم بتقسيم الصعيد إلى مديرات واعاد الحياة له.

• إنشاء الوزرات والدواوين.

• تخلص من المماليك الذين اصبحوا عبأ على الدولة.

• اعاد فتح السودان وضمة الى مصر وانشا الخرطوم مع العلم اخى الفاضل ان السودان اكبر بلد عربى حاليا وحاول اكتشاف منابع النيل واستثمار خيرات السودان.

• من عبقريته استيراد انواع غير مالوفه من الزراعات مثل القطن وزرعه بمصر والسودان وهو عماد الاقتصاد المصرى الذى يعرف باسم القطن المصرى.

• ارسال البعثات الى الخارج و الاهتمام بالترجمه والتى توقفت منذ عهد العباسيين.

• محبتة لعلماء الازهر ورعايته لعلماء الدين.

• احضر المطبعه وانشا اول جريده باللغه العربيه الوقائع المصريه والاهرام.

• كانت مصر ملاذ الهاربون من طغيان العثمانين.

• انشاء المستشفيات وعالج الامراض وردم المستنقعات.

وفاته:

مرض محمد علي باشا مرضاً شديداً وبحلول عام ١٨٤٨ ظهرت عليه أعراض الشيخوخة وأصبح توليه عرش الدولة أمرًا مستحيلاً، فعزله أبناؤه وتولّى إبراهيم باشا إدارة الدولة.

اقرأ أيضا