الأزمة في تونس تتجدد، بعدما رفض الرئيس قيس سعيد الموافقة على تعديلات البرلمان على قانون المحكمة الدستورية، مُعللًا ذلك بجملة من الحجج، ليشعل صراعًا قانونيًا ودستوريًا يضاف للأزمة السياسية القائمة بين رؤوس السلطة والتي بلغت شهرها الثالث دون حل، تزامنًا مع مبادرة الرئاسة التونسية لانطلاق حوار وطني يواجه انتقادات من مشاركة حركة النهضة التونسية وحلفائها المتهمين بالفساد.
تقرير أعدته مؤسسة "رؤية" كشف أن هناك أزمة جديدة تلوح في الأفق، بعدما أرسل الرئيس التونسي قيس سعيد كتابًا إلى رئيس البرلمان راشد الغنوشي يبلغه من خلاله رده للقانون المتعلق بالمحكمة الدستورية والمؤرخ في 3 ديسمبر 2015، حيث ورد فيه رفض الرئيس الإمضاء على التعديلات التي أدخلها البرلمان على قانون المحكمة الدستورية.
وأوضح التقرير أنه من المنتظر أن ينطلق حوار وطني تحت رعاية الاتحاد العام للشغل (أكبر تجمع نقابي في البلاد) للبحث عن خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية الحادة التي تعرفها تونس، فيما أفادت مصادر مقربة من الرئاسة التونسية بأن سعيد قرر رفض كل القوانين المخالفة للدستور والتي تتم المصادقة عليها داخل البرلمان من قبل الكتل الإخوانية (حزب النهضة وائتلاف الكرامة).
ولفت التقرير أن سعيد سيقدم مبادرة لكشف الثروات المالية للشخصيات السياسية الحاكمة في البلاد ومكافحة الفساد السياسي، في وقت مثلت ثروة الغنوشي المشبوهة محور نقاش لدى الرأي العام التونسي في الفترة الأخيرة، حيث كشفت صحيفة “الأنوار” عن ثروة تقدر بمليار دولار مصدرها تجارة الأسلحة وتسفير الإرهابيين إلى سوريا، من جهة أخرى نظم الحزب الدستوري الحر، برئاسة عبير موسي، تنظيم مسيرة شعبية يوم 9 أبريل للدعوة إلى تغيير منظومة الحكم السياسي في تونس، ومحاكمة حركة النهضة على مجموعة الجرائم الإرهابية التي ارتكبتها في حق الدولة التونسية.
وأوضح التقرير أنه يرى المحللون أن الذهاب إلى استفتاء شعبي سيكون فاتحة لحل أزمة تونس السياسية منذ سنة 2011، وسيسهم بشكل جدي في إنقاذ تونس من الإخوان، فالنظام السياسي الحالي الذي تتحكم في مفاصله الحركة الإخوانية يقسم السلطة بين ثلاث جهات (رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان) وهو عين الأزمة السياسية في البلاد.
وتابع التقرير أنه يستمر هذا التوتر والتجاذب السياسي، تراوح البلاد مكانها في أزمة اقتصادية وصحية حادة، وتشهد عدة مدن بين الحين والآخر احتجاجات تطالب بالتنمية والوظائف، وفي الوقت الذي تنتظر فيه الساحة السياسية والشعبية إشارة انطلاق الحوار الوطني بعد تقديم اتحاد الشغل مبادرة لإنهاء الأزمة تشترط أحزاب المعارضة استقالة المشيشي لنجاح أي حوار قادم، في وقت تتمسك فيه الكتل الإخوانية ببقاء الأخير وعقد حوار جامع دون إقصاء على وقع تعالي الأصوات المنادية بتقديم تنازلات لإحداث انفراجة حقيقية للأزمة السياسية الحادة التي تمر منها البلاد.
واختتم التقرير أنه يتوقع خبراء أن الحوار لن يكون مجديًا ما لم تطرح فيه الأطراف المشاركة (اتحاد الشغل والأحزاب البرلمانية ورئاسة الجمهورية) ملف تمويلات الإخوان وثروة الغنوشي التي تجاوزت المليار دولار، والتي قد تعرقل أي مسار لحل الأزمة المتعثرة في تونس منذ شهور.