كتب:صالح المسعودى
تذكرت مقولة والدي ( متعه الله بالصحة والعافية ) عندما كان يقول ( يفرح للقا اللي ما لاقى اللقا وأصحاب اللقا متكدرين ) ومعناها لمن لم يدرك مفهومها ( أنه يفرح للحروب اللي ما جرب الحروب أما من جرب الحروب فهو في كدر وهم ) وهذا بالتأكيد ليس نوعا من إحباط العزائم ولا لأني رعديد و ( خواف ) لكن تعودت أن أتحدث بكل مصداقية ، فأنا أضع نفسي مكان صاحب قرار الحرب ، فالحرب يا سادة ليست بالأمر الهين حتى يهرف فيها كل مَن لا يعرف. فللحرب حسابات أخرى.
فأنت وأنا وغيرنا تعجزنا تعقيدات الأسرة في أحيان كثيرة بل أن بعضنا يهاب أن يتخذ قرارا مفاجئا حتى في نوع الطعام. فكيف بنا نلتحف غطاء الربيع ونستلقي على الأسرة ونريد أن ندير رحا الحرب ، فالحرب يا سادة ليست بالقرار السهل . فمن يتخذ قرار الحرب لابد أن يدرسه من جميع الاتجاهات آخذا حيطته من الصغيرة قبل الكبيرة، بل يبحث في التبعات قبل النصر. قرار الحرب يا سادة يحتاج للكثير والكثير من الدراسة والتفكير ودعونا نترك الكلام ( الفيس بوكي ) ، أو الحرب تحت الأغطية ونفكر فيما علينا فعله لو خاض جيشنا هذه الحرب التي إن خضناها فهي دفاعاً عن وجود كل مصري على أرض هذا الوطن العزيز
وأحاول أن أضع نفسي مكان صاحب قرار الحرب بل وأحاول أن أقتبس جزء من تفكيره بما أنني مواطن مخلص لهذا الوطن لا غاية لي إلا نصرته بلا تهويل أو تهوين فقد أقلتني أرضه وأظلتني سماءه وأحياني بعد الله هواءه . فكأني أتصور صاحب قرار الحرب وهو يسأل نفسه الآن ( ما هذا التعنت الذي تبديه إثيوبيا ؟ هل لأنها تمتلك جيشاً جراراً مشهودا له في المعارك ومصنفا مثلاً على مستوى العالم في مصاف الدول القوية وأسلحته متطورة ؟ ( بالتأكيد لا ) فالقاصي والداني يعرف مدى التفاوت بين القوة المصرية وما لها من تاريخ عسكري وهي المصنفة من أكبر عشرة جيوش على مستوى العالم ) وهذا معناه أنه لا وجه للمقارنة بين الجيشين بكل المقاييس.
إذاً الأمر في الظاهر لا يتعلق بالقوة العسكرية، ثم ينتقل صاحب القرار إلى تفسير آخر بسؤال هل من الممكن أن يكون ما يحدث الآن هو ( كمينا ) للجيش المصري لاسيما أن دولاً كثيرة أصبحت تخشى التطور المصري المتسارع وخاصة فيما يخص القوة العسكرية فأرادت أن تصنع لنا بؤرة صراع تلهينا بها فترة من الزمن ؟ ولم لا ؟ وقد تم ذلك مع الجيش المصري في بداية عصر نهضة مصر أي في بداية حكم ( محمد علي ) لمصر حيث كون الرجل جيشاً مدرباً هدد به الأستانة مما قلب الأعداء إلى أصدقاء حتى تكالبوا على الجيش المصري مُصرين على تحجيمه . فمن لم يدرس التاريخ جيدا ليس له حظ وافر في المستقبل.
نعم نعم أسمعك جيدا يا من تقرأ وتصفني بأنني أرفض خيار الحرب وأنني ، وأنني ( لا يا سيدي ) أنا فقط أوضح لك جزءا يسيرا جدا لما يفكر فيه مَن سيتخذ قرار الحرب، فدعوا الرجل يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب ، أما أنا وأنت وغيرنا فيجب أن نترك تلك السلبية القاتلة والنوم في أحضان ( التليفون المحمول ) حاملين أسلحة الألسنة وبث الأكاذيب والإشاعات التي من الممكن أن تضر بمسيرة هذا الوطن ونحن ( نعتقد أننا نحسن صنعا ).
فمَن سيتخذ قرار الحرب أو السلم لابد أن يطرق كل أبواب السلام لأن هذا الوطن كبير أمام العالم وجيشه مصنفا عالميا أي أنه ليس مجموعة من المرتزقة يتم حملهم لمناطق الصراع كما يفعل البعض وأقصد من هذا الكلام أن جيشنا بفضل الله قادر أن ينهي هذا الأمر في سويعات ، ولكن مصر التي كانت السبب الرئيسي في تحرير إفريقيا عليها دورا كبيرا أيضاً في ضبط النفس حتى يشهد العالم، وخاصة الدول الإفريقية أننا استنفذنا كل السبل التي تنهي هذا الأمر بسلام. فلسنا دعاة حرب ولكن إن فُرضت علينا كنا لها بعون الله
أما أنا وأنت فهيا بنا نعمل على تماسك الجبهة الداخلية التي لا تقل خطورة عن الجبهة الخارجية، هيا بنا نتماسك ونتعاضد ولا نجعل للثرثار بيننا مكانا، هيا بنا نتناسى أي خلافات بيننا لنعضد ونقف خلف ظهور مَن يضحوا من أجل أن يبقى شريان الحياة يجري كعادته، بالتأكيد يروي لنا التاريخ أننا شعب نتوحد في لحظات ونتحول لجيش بين صبحة وعشية ؟، أم تريدون أن أذكركم بذاك الضابط المصري ( المسيحي ) الذي أغلق بجسده مخرج ( النابالم ) عندما سمع الطائرات تعبر ليموت فداءا لترابها . هل كان يدفعه أحد أو يأمره أحد بأن يضحي بنفسه ؟ أم أنه وجد وطنه في احتياج لروحه فوهبها إياه عن طيب خاطر.
فلنترك أيها الأخوة مَن بأيديهم قرار الحرب أو السلام فعليهم حمول ثقال ونلتفت نحن لما يجب علينا فعله في تلك الحالة وأقصد ( في حالة قرار الحرب ) من وحدة الصف الداخلي والاصطفاف في خندق واحد وتناسي مشاكلنا الداخلية حتى لو استدعينا المثل المصري القديم عندنا الذي يقول ( غلبك لابن عمك مش غلب ) ( أسأل الله أن يجنب بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ) دمتم بخير وعافية و تحيا جمهورية مصر العربية.