"الشغل مش عيب.. أهم حاجة ممدش إيدي لحد.. والجنيه ييجي بالحلال".. كلمات بسيطة خرجت من سيدة تحدت الظروف السيئة التي شاء القدر أن تعيش فيها، وأن تتحدى الجميع من الأهل والجيران، وتجري على لقمة عيشها التي اختارت أن تكون بالحلال من عرق جبينها.
بضحكة جميلة ممزوجة بالرضا، وبعباءة سوداء، وغطاء على الرأس، خرجت "عطيات" في الصباح الباكر من منزلها لتكتب قصة كفاح من نوع خاص، بعد أن قررت أن تمتهن مهن الرجال وتعلمت قيادة السيارات، حتى تجلب الرزق وتوفير احتياجات أسرتها.
برودة الشتاء القاسية، لم تمنعها من الاستيقاظ، فطبيعة عملها كسائقة تاكسي، أجبرتها على أن تشق طريقها في الساعات الأولى من الصباح، طلبًا "الرزق الحلال"، خاصة أن زوجها توفى، وتركها بـ أربعة أولاد، أكبرهما يبلغ من العمر 17 عامًا، تدعى "سماح"، فأجبرتها ظروف المعيشة، أن تعمل في "جراج"، ثم شاءت الصدفة، أن تعمل سائقة تاكسي، لتنقل للعالم أجمع، شخصية المرأة المصرية في تحدي كل الصعاب.
في بداية الحديث قالت "عطيات": "أنا أسمي عطيات عبدالمنعم، سني 47 سنة، ولدي منزل بأرض اللواء، ولدي أربع أولاد، أنا شغالة على "تاكس أجرة" من سبع سنوات، تحديدًا من 2013، زوجي متوفي، وأكبر أولادي "أحمد" في الصف الثالث الإعدادي، و"سماح" في الصف الأول الثانوي"، مضيفًة: "اشتغلت حاجات كتيرة جدًا، بس أنا لقيت نفسي في سواقة التاكسي".
وعن سير يومها الطبيعي، قالت: "أنا بصحي من النوم الساعة 6، بعد ما أصلي الفجر، وأقول الأذكار، بنزل "الجراج" بمسح التاكس، واسخن الماتور "شوية" واتوكل على الله، اشوف رزقي"، مشيرًة إلى أن، "فكرة السواقة جت من خلال "الجراج" إللي كنت شغالة فيه، ده وفر ليا إن اتعلم السواقة".
وعن فكرة العمل كسائقة تاكسي، قالت: "كان في واحد راكن عندنا التاكس لمدة أسبوع في "الجراج" وقالي يا "أم أحمد"، معندكيش حد يشتغل على التاكس ده، قلتله ما ينفعش أنا، خد الموضوع بـ"تريقة"، لكن لما شاف إصراري إني عاوزة أخوض التجرية، قالي خدي المفتاح أهو، وأنزلي اشتغلي، في أول مفيش ولا واحد ركب معايا خالص، لدرجة إن السواقين قالولي متقفيش معانا في الموقف، لكن بعد كده الدنيا مشيت".
"في ناس كتير لما بيشوفوني واحدة ست بيخافوا يركبوا معايا".. أوضحت "عطيات"، أنها تعرضت إلى العديد من المشاكل والصعوبات بسبب أنها "واحدة ست"، قائلة: "حتى البنات كانوا بيخافوا يركبوا معايا، والرجالة كان في ناس توافق وناس تانية كانت بتعاملني إني حد بيسرق، أو مجرم، وساعات كان في ناس بتضايقني لكن كنت بعديها، وتعرضت فى بداية الأمر لمضايقات من السائقين إلا أنني استطعت التغلب على ذلك.. ولم أيأس وقمت بتوفير مواصلات خاصة لبعض الأسر في حاله الاحتياج لها لتوصيلهم من مكان لأخر".
وعن ظروف المعيشة، قالت سائقة التاكسي: "جوزي كان على الله، يعني مفيش معاش ولا أي مصدر دخل ثابت، وبنتي كانت تعابنة جدًا، فكان لازم اضغط على نفسي واشتغل واستحمل كل المشاكل، وكنت باخد يومية من 100 إلى 150 جنيه".
وعلقت "عطيات" علي اجتهادها بمفردها، قالت إنها تفضل الاعتماد علي نفسها دائمًا، وتفضل التعب في العمل علي إنها تطلب المساعدة من أحد الأقارب، مضيفة: "عيالي مسئولين مني أنا لازم أتعب وأشتغل علشان أقدر أكفيهم".
وأنهت سائقة التاكسي حديثها موجهة رسالة إلي كل الستات المصرية قائلة لهم: "انزلي اشتغلي من نفسك وقولي يارب، ومتتكليش علي حد".