قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله ورسوله أوصانا في كتابه سبحانه وتعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ﴾ [المائدة:2]، أمرنا أن نتعاون على البر والتقوى، وأن نبتعد عن الاشتراك على الإثم والعدوان، وجعل هذا من ملامح التقوى، وتوعدنا، وهددنا، وحذرنا بأن الله سبحانه وتعالى شديد العقاب يُمهل، ولا يُهمل.
وأضاف جمعة عبر الفيسبوك: النواس بن سمعان رضي الله تعالى عنه يسأل رسول الله ﷺ يا رسول الله ما البر والإثم؟ -حتى نتعاون على البر ونترك الإثم- فقال له ﷺ وقد أوتي جوامع الكلم: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وخفت أن يطلع عليه الناس» البر حسن الخلق، إذًا لابد أن نتعاون على حسن الخلق، حسن الخلق يقول فيه رسول الله ﷺ: «التبسّم في وجه أخيك صدقة»، ويقول ﷺ: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلقٍ حسن»، ويقول ﷺ: «أحسن الحسن الخلق الحسن»، ويقول ﷺ: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، ويقول ﷺ: «إياك وكرائم أموالهم، وعليك بحسن الخلق» وكان ﷺ خلقه القرآن، كان رحيمًا رفيقًا؛ لأن القرآن يبدأ رسالته ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1]، ويقول في شأنه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107]، ويقول في شأنه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم:4]، «البر لا يبلى، والذنب لا يُنسى، والديان سبحانه وتعالى لا يموت، افعل ما شئت؛ فكما تدين تدان» «البر لا يبلى» لا يُنسى، لا ينتهي؛ فإن كلمة الخير تهز هذه الأكوان هزا.
وتابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة، ولا تحقرن من المعروف شيئا، حتى ولو أن تلق أخاك بوجهٍ طلق، تعاونوا على البر والتقوى ﴿لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَالمَلَائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ إيمان، ثم يتلوه عمل ينبثق عن هذا الإيمان ﴿وَآَتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ ﴿وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ﴾ [البقرة:177]، ﴿وَآَتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ إذًا عمل ارتبط بعقيدة.
وقال إن البر هو حسن الخلق، ويجب عليكم أن تتحدوا، وأن تشاركوا في حسن الخلق، ومن حسن الخلق البُعد عن الكذب؛ فإن الكذب من الفجور، ومن حُسن الخلق الصدق فإن الصدق من الهدى، يقول رسول الله ﷺ: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار» إذًا فليتخير كل واحدٍ منا طريقه، ولا أظن أن أحدًا منا يريد أن يختار طريق النار، ربنا ترك لنا الحرية ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف:29]، ولكن العاقل خصيم نفسه؛ فيجب عليه أن يختار طريق الجنة، وطريق الجنة الصدق، وطريق الجنة الرحمة، وطريق الجنة الرفق، وطريق الجنة ألا تتحدث بكل ما تسمع.
قال رسول الله ﷺ: «كفى بالمرء كذبًا أن يُحدّث بكل ما سمع» طريق الجنة أن تكون رفيقًا، رحيمًا، واعيًا، يتعلق قلبك بالله سبحانه وتعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2]، والإثم أعلاه الظلم، وكان الإمام الشافعي يحب سورة العصر ﴿وَالعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر:1-3]، التعاون على البر والتقوى، وكان يقول: «إن كثيرًا من الناس يغفل عن هذه الآية، ولا يعرف معناها»، وكان يقول: «لو لم ينزل من القرآن إلا هذه السورة لكفى فقد جمع الله فيها كل شيء» ﴿وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ﴾ لا تتواصوا بالباطل ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ على ذلك الحق؛ فإن «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل» فما بالك لو كثُر!
وتابع: قال رسول الله ﷺ: «خذ ما تعرف، ودع ما تُنكر، وأمسك عليك لسانك» فرصة لك ولأهلك أن تأخذ ما تعرف، وأن تدع ما تُنكر، وأن تقاوم نفسك في لسانك، وفي قلبك، وأن تقف عند حدود الله، وأن تتوكل على الله، وأن تثق بالله، وأن تجعل الدنيا في يدك لا في قلبك.
عالمة الفيروسات: سلالة كورونا البرازيلية متواجدة في بريطانيا منذ فترة