ينتظر الجزائريون انطلاق حملة التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد، في غضون أيام، بعد الفصل في "جنسية" اللقاح المقتنى من بين لقاحات كورونا المتوفرة وهو الروسي "سبوتنيك V"، مع أمل أن يكون التلقيح فرصة للعودة إلى الحياة الطبيعية بعد أشهر عصيبة بسبب وباء كورونا.
وتطبيقا لتعليمات الرئيس عبد المجيد تبون، الذي أمر الوزير الأول، في 20 من ديسمبر، بالإسراع في اختيار اللقاح الأنسب ضد فيروس كورونا والشروع في عملية التلقيح، وإثر آخر اجتماع للحكومة الجزائرية تم الإعلان عن اقتناء اللقاح الروسي "سبوتنيك V" بعد فترة من التشاور والبحث مع عدة مخابر دولية.
وحسب وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة، عمار بلحيمر، الذي أعلن المعلومة، في بيان تلاه عقب الاجتماع فإنه تم توقيع صفقة بالتراضي البسيط لاقتناء لقاح "سبوتنيك V" مع مخبر روسي.
وأوضح الوزير أن معهد باستور الجزائري باشر سلسلة من الاستشارات مع الشركة الروسية المنتجة للقاح "سبوتنيك V" في وقت تتواصل الاستشارات مع أطراف أجنبية أخرى.
اقتراح 70 بالمائة من التلقيح
وتحضر الجزائر من خلال مباشرة التدابير وتعبئة الموارد الضرورية لضمان وفرة اللقاح والانطلاق في عملية التطعيم مع حلول شهر جانفي يناير 2021، كما بدأت في الظهور العديد من المبادرات من الخواص دعما لجهود الدولة في إنجاح تخزين اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19.
ويأتي هذا فور تحصلها على الدفعات الأولى من اللقاح، حيث عرض وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عبد الرحمن بن بوزيد، خلال اجتماع الحكومة، المساعي التي باشرها قطاعه في إطار اقتناء اللقاح ضد كوفيد-19 وكذا مدى تقدم العقود ذات الصلة.
ويرى الباحث في علم الفيروسات، محمد ملهاق، في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن مباشرة التلقيح "ضرورية" مع الإبقاء على درجات عالية من اجراءات الوقاية ضد الفيروس التاجي، مبرزا أهمية تطعيم 70 بالمائة من السكان للوصول إلى المناعة العامة، وأن الأمر وفق الباحث ذاته "يتطلب وقتا معتبرا".
وحسب العديد من المختصين فإن نسبة 70 بالمائة من تلقيح الناس حتى الذين اكتسبوا مناعة من المصابين سابقا بفيروس كوفيد19 مهمة للوصول إلى تطعيم واسع ما من شأنه التقليل من فرص انتشار الوباء الذي يواصل حصد الأرواح عبر العالم.
إمكانية الإنتاج المحلي
وقبل اختيار لقاح "سبوتنيك V"، كانت هناك عدة اتصالات بين الجانبين الجزائري والروسي، ترجمتها اللقاءات المتعددة التي عقدها وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مع السفير الروسي، في إطار سعي الحكومة لربط اتصالات مع الدول الكبرى المنتجة للقاح.
إضافة إلى الاتصال الهاتفي قبل يومين الذي جمع الوزير الأول الجزائري، عبد العزيز جراد بنظيره الروسي، حيث تطرق الوزيران الأولان إلى عدة مسائل أبرزها مكافحة وباء كوفيد-19، واتفقا على "تنسيق جهود البلدين في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بالتلقيح".
ومن جهة أخرى، طرحت موسكو حسب المدير العام للصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، كيريل دميترييف، فكرة إمكانية بدء إنتاج لقاح "سبوتنيك V" في الجزائر وكذلك مصر.
وكان السفير الروسي لدى الجزائر، إيغور بيليايف، الذي أفاد أن بلاده مستعدة لإنتاج اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد في الجزائر.
أسباب اختيار اللقاح الروسي
وحسب مختصين فإن سعر الجرعة الواحدة من "سبوتنيك V" تصل إلى أقل من 10 دولارات فقط، ما يجعل هذا اللقاح أرخص اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. إضافة إلى نسبة فعاليته العالية حسب عدة تجارب وأسباب أخرى دفعت أكثر من 50 دولة لطلب شراء أكثر من 1.2 مليون جرعة منه.
ووفق رئيس الهيئة الوطنية للوقاية وترقية وتطوير البحث، البروفسور مصطفى خياطي، فإن لقاح "سبوتنيك V" مصنف ضمن اللقاحات القليلة التي تدخل في إطار التعريف الذي ضبطته منظمة الصحة العالمية للقاح كورونا.
وقال البروفسور مصطفى خياطي في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن "اللقاح الروسي يتكون من فيروسات ميتة وقائم على منصة الفيروسات الغدية للإنسان المدروسة بشكل جيد مقارنة باللقاحات الأخرى".
وفي السياق ذاته، أكد البيولوجي السابق بمخابر التحليلات الطبية والباحث في علم الفيروسات، محمد ملهاق في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "من الناحية اللوجيستيةK فإن اللقاح الروسي يعتبر مناسبا خاصة أن حفظه يتم في درجة حرارة عادية عند +2 إلى +8 درجات مئوية، مقارنة بلقاح فايزر وبيونتيك الذي يجب حفظه تحت درجة حرارة ما دون 70".
واللقاح ضد كورونا في الجزائر "ليس إجباريا" ولكن من حق كل مواطن يرغب في ذلك، في حين تم تحديد نسبة 20 بالمائة من الفئات التي في حاجة إلى ذلك، يتقدمهم أصحاب الأمراض المزمنة والأشخاص المسنين.