أنقذ الآلاف في المترو.. "ياسر عصر" حكاية بطل قرر الموت مقابل أن يحيا الوطن

الثلاثاء 17 نوفمبر 2020 | 11:38 صباحاً
كتب : بلدنا اليوم

"يقوم الوطن لينحني إجلالاً لأرواح أبطاله، وتغيب الشمس خجلاً من تلك الشموس"، لا تزال تلك الأرض تقدم يوميًا ابنا عزيزًا من أبنائها مقابل أن تحيا، لم تفرق الشهادة بين جندي يحمل السلاح على الحدود أو آخر يحمي المواطنين في الداخل، الإثنان نالا اللقب العظيم مقابل عمل شجاع وتضحية لم يجرؤ الكثيرين للإقدام عليها.

أمس، وفي مساء الإثنين، استشهد بطلًا جديدًا من أبناء هذا الوطن، قرر التضحية بحياته من أجل إنقاذ أرواح أخرى، عمل لم يكن جديدًا عليه فقد اقدم عدة مرات وفي كل مرة كان ينوي الشهادة، لكنّ الله سبحانه وتعالى منحه إياها تلك المرة، فقد استشهد اللواء ياسر عصر 89 شرطة، وكيل الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، أثناء إنقاذه لأرواح الركاب في محطة مترو مسرة بمترو أنفاق شبرا الخيمة في الخط الثاني.

ياسر عصر

الشهادة دائمًا ما تختار الأفضل، هكذا كان الحال مع الشهيد اللواء ياسر عصر، والذي توفى فداء عمله ووطنه ومحاولة إنقاذ أرواح أبنائه، فبعدما تلقت النجدة بلاغًا من مترو الأنفاق، يفيد بوقوع حريق في محطة مترو أنفاق مسرة، على الفور أسرعت القوات إلى محل البلاغ، بالرغم من أنّ الشهيد كان من الممكن أن يأمر قواته بالتحرك وإبلاغه بالتطورات، لكنّه كان يستعد للذهاب قبلهم.

ومع محاولة الشهيد البطل الإسراع للتعامل مع الحريق خوفًا من أن يطال المواطنين الأذى، وأثناء تفحصه للمحطة انزلقت قدماه وسقط داخل إحدى الهوايات المتواجدة بمحطة مترو مسرة فى شبرا الخيمة، وفاضت روح الشهيد إلى بارئها داخل مستشفى الشرطة بالعجوزة، ليتم تشييع جثمانه الطاهر في قريته مشتهر، التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية.

ياسر عصر

بطولات عديدة

حالة من الحزن خيمت على الجميع، بدأ الجميع يسرد بطولات الشهيد الراحل، لم تكن تلك بطولته الأولى، لكنّ أدى واجبه بكل إخلاص وتفاني، ونفذ الوعد الذي أقسم قبل سنوات أثناء تخرجه من كلية الشرطة بأن يكون مخلصًا وأمينًا وأن يحافظ على أرواح أبناء هذا الوطن، ومن أبرز بطولات الشهيد الراحل، والتي خلدتها الذاكرة قبل 4 سنوات.

ففي عام 2016 وكان حينها الشهيد برتية عقيد واثناء خدمته في شرطة النقل والمواصلات، تحديدا كان مأمورًا لقسم الضواحي بمحطة مصر، وفي صباح الخميس 7 يناير، اشتعلت النيران في القطار 1551 القاهرة_ طنطا، وحينها لم ينتظر وصول دعم، فاقتحم النيران وبدأ في إخلاء الركاب، وأمسك بطفاية حريق وبدأ في التعامل مع مصدر الحريق، ومنعت شجاعته امتداد النيران لعربات أخرى.

ياسر عصر

وخلدت حينها وسائل التواصل الاجتماعي بطولة الشهيد البطل، وانتشرت صورته على مواقع مختلفة، وتبدو على ملابسه وهيئته آثار المواد المستخدمة في الحريق، وأشادوا بما شهد به المتواجدون في الحادث، من سلوك بطولي والمبادرة التي قام بهامة الشهيد لإنقاذ أرواح الركاب.

وبعد أيام تم استدعاؤه بمقر وزارة الداخلية، وكرمه اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية السابق، وبعد حفل التكريم وجه الشهيد البطل ياسر عصر رسالة، قال فيها إنه لم يفعل شيئا وإنما قام بواجبه فقط، ضاربا أروع الأمثلة في إنكار الذات والتضحية والتفاني في أداء رسالته، وبعدها تم تصعيده في عدة مناصب وصولا لمنصب وكيل الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، حتى استشهاده أمس الإثنين، أثناء محاولته ورجاله السيطرة على حريق.

رسالته للمجندين

"إنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً"، الجملة التي دائمًا ما كانت تتردد على لسان الشهيد الراحل، فبعد حادث الضواحي خرج ليوجه رسالة إلى المواطنين وأيضًا إلى أبنائه ورفاقه من الضباط والمجندين، فرسالته للمواطنين كانت بأن ينظروا إلى معاناة رجل الشرطة، ويعملون على تقديرها وعد الانسياق وراء من يحاولون نشر الفتنة، فيوميا ما تحدث حالات استشهاد لضباط ومجندين وهم يدافعون عن أرواح الملايين من أبناء هذا الوطن.

بينما جاءت رسالته للأفراد والمجندين، بأن يستكملوا المسير وينفذوا القسم والوعد، فالجميع مواطن أو رجل شرطة ليس لهم مكان آخر سوى هذا الوطن، ولن يتمكنوا من العيش في وطن آخر، وأن يضعوا دائما في اعتقادهم أنّهم سيكافئون على عملهم في الدنيا والآخرة.

ياسر عصر

تشييع الجنازة

أعلنت أسرة الشهيد اللواء ياسر عصر، وكيل الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، عن تشييع جنازته عقب صلاة الظهر اليوم الثلاثاء، ومن المقرر أن يتم نقل جثمانه من مستشفى الشرطة بالعجوزة، إلى محل إقامته بقرية مشتهر، التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية.

وصول جثمان اللواء الشهيد ياسر عصر بقرية مشتهر بالقليوبية

اقرأ المزيد

رفات الضحية الثالثة لـ"سفاح الجيزة" تصل مشرحة زينهم

ولاية سيناء.. المحكمة تُصدر قرارها على 555 متهمًا

اقرأ أيضا