لازالت سوريا تواصل المعاناة، فمسلسل المصالح مستمر على أراضيها، ما بين التدخل الروسي والإيراني مرورا بالوجود الأمريكي، بالإضافة إلى الأطماع التركية وعدوان قوات أردوغان على سيادة الأراضي السورية بحجة الأكراد، وشهدت الفترة الأخيرة نوعا من الاحتقان بين موسكو وأنقرة وتبادل اتهامات بين الطرفين ما بين عدو واشنطن وحليفها، ارتفاع وتيرة التوتر أثار القلق لدى العديد وحذر الخبراء من وقوع صدام عسكري بين روسيا وتركيا داخل سوريا.
تركيا وأمريكا تحالف "قوى معادية" لسوريا
وحول أهداف روسيا من تحالفها مع نظام الأسد في سوريا، أكد إيفان حسيب، كاتب كردي سوري، أن سوريا تمتلك موقع استراتيجي هام جدا على البحر المتوسط وفي الشرق المتوسط وتعد آخر موطئ قدم لروسيا في الشرق الاوسط بعد سقوط نظام القذافي في ليبيا وعليه عملت روسيا على حماية النظام السوري مع بداية الثورة السورية حماية لمصالحها ونفوذها في المنطقة.
وأضاف الكاتب السوري، أن مصالح روسيا التجارية وكذلك ضمان تواجد وتقوية نفوذها العسكري في الشرق الأوسط والبحر المتوسط كانت عوامل هامة للتدخل الروسي في سوريا عسكريا لحماية النظام من السقوط، مستفيدة من علاقة تاريخية مع الأسد الأب وعلاقة ثقافية مع سوريا تعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي والاستفادة من ضعف النظام وحاجته للحماية لفرض أجندات ومشاريع تجارية وسياسية وعسكرية وكان أهمها استثمار روسيا لميناء طرطوس الذي يضم القاعدة البحرية العسكرية الروسية، مؤكدا أن خسارة روسيا لسوريا يعني تبدد حلم بوتين باسترجاع أمجاد الاتحاد السوفيتي وفرض روسيا نفسها كدولى عظمة في العالم.
وتطرق للحديث عن جوهر الخلاف بين موسكو وأنقرة في سوريا، قائلا: بالرغم من التنسيق بين تركيا وإيران وروسيا في سوتشي ولكن روسيا تعلم جيدا أن تركيا حليفة للولايات المتحدة وعضوة في الناتو ولا يمكن التعامل مع تركيا سوى كقوى معادية على الأرض السورية التي تجد روسيا في تواجدها العسكري بالبلاد بالأمر المشروع بعكس التواجد التركي والأمريكي وترى روسيا في حماية نظام دمشق حماية لمصالها بعكس التوجه التركي الداعم للإخوان المسلمين والمعارضة المتطرفة بدعم وأموال قطرية.
وحول أهداف الأسد بعد موجة التصعيد الجديد بالقصف الصاروخي المكثف على خطوط التماس في أرياف إدلب وحلب واللاذقية، أكد أن النظام السوري وروسيا يعملان الآن بصبر وهدوء وبنفس طويل على كسب الوقت بالتزامن مع القيام بعمليات عسكرية تهدف بالدرجة الأولى إلى توسيع جغرافيا ومساحة السيطرة العسكرية للنظام على حساب قوات المعارضة التي تديرها تركيا في شمال البلاد.
وتطرق للحديث عن الدور التركي، وهل تستطيع أنقرة تثبيت وقف إطلاق النار؟، أوضح أن تركيا عملت على التدخل في سوريا لتحقيق مكاسب سياسية وتجارية في المنطقة وبالدرجة الأولى محاربة الأكراد السوريين ومنعهم من تأسيس أي كيان سياسي يمهد لمنطقة ذات حكم ذاتي للأكراد في سوريا ما سيكون له تداعيات مباشرة على القضية الكردية قي تركيا وكذلك احتضان المعارضة في مسعى تركي لدعم الإخوال المسلمين وإيصالهم إلى كرسي الحكم في سوريا المستقبل، لكسب نظام حليف وموالي لها في سوريا إلى جانب سرقة أموال وخيرات السوريين وأراضيهم ونقل المعامل والمصانع السورية وخاصة من حلب إلى أراضيها واستثمار أردوغان لورقة دعم المعارضة وملف اللاجئين السوريين لابتزاز الغرب والمطالبة بمليارات الدولارات مقابل إيواء اللاجئين ومنعهم من الوصول لأوروبا.
وتابع: لا يمكن لتركيا فرض وقف إطلاق النار كونها لا تملك السيطرة على الفصائل الجهادية ولا ننسى أن هذه الفصائل استهدفت 3 مرات دوريات روسية تركية في ريف إدلب وهي مسألة وقت قبل استئناف روسيا والنظام للعمليات العسكرية في إدلب مجددا.
وحول التوتر بين موسكو وأنقرة داخل سوريا، قال إن اختلاف الأجندات التركية الروسية يعد العامل الرئيسي لاستمرار الخلافات والتوترات بين الطرفين، مضيفا أن روسيا واضحة في استرتيجيتها داخل سوريا وهي دعم النظام ومحاربة المجموعات المسلحة المتطرفة والجهادية وغالبية الفصائل التي تدعمها تركيا، والتي كانت عبارة عن منظمات وجماعات إرهابية سواء تابعة لجبهة النصرة أو القاعدة وكذلك مقاتلين سابقين في داعش أو مجموعات آخرى ذات إيدولوجيا تكفيرية متطرفة، مشيرا إلى أن تركيا لا تتمكن من السيطرة الكاملة على هذه الجماعات ما يمنح روسيا البطاقة الخضراء للتحرك العسكري ضد هذه الجماعات وتوسيع نفوذها وسيطرة قوات النظام في مناطق إدلب وريف حلب الشمالي.
وتابع قائلا: كل ما تسعى إليه تركيا خلال الثلاث سنوات الماضية إلى الآن في سوريا هو مقايضة مناطق المعارضة في ريف دمشق و في شمال البلاد مقابل صمت روسيا عن العمليات العسكرية التي تستهدف فيها تركيا والفصائل الموالية لها لقوات سوريا الديمقراطية في المناطق الكردية السورية في مشروع تركي واضح لتهجير الأكراد والقيام لعملية تغيير ديمغرافي ممنهج على طول الحدود السورية التركية لتبديد التطلعات الكردية السياسية في تأسيس حكم ذاتي لهم في سوريا مستقبلا.