قال الدكتور مصطفى شلش، رئيس وحدة الدراسات الآسيوية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، إن ردود الفعل الأمريكية تجاه الأوضاع في سوريا كانت حاسمة، حيث عبّر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن دعمه للأقليات، بما في ذلك الدروز والعلويون والأكراد، محملاً الحكومة الجديدة أو الإسلاميين في السلطة مسؤولية المجازر التي وقعت بحق العلويين.
ولفت إلى أن بيان وزارة الخارجية الأمريكية كان واضحًا في اتهام جماعات إرهابية أجنبية بارتكاب أعمال وحشية، ما يعكس أزمة داخلية عميقة لم تتمكن حتى الدول الداعمة للنظام الجديد، مثل تركيا، من حلها على الساحة الدولية.
الميليشيات المسلحة وتفكك النظام
وأشار الدكتور شلش إلى أن "جبهة تحرير الشام"، المعروفة سابقًا باسم "جبهة النصرة"، لم تكن سوى خليط من مقاتلين أجانب من تونس والشيشان وغيرهم، مما يجعل من الصعب اعتبارها كيانًا وطنيًا يمكن الاعتماد عليه.
وأوضح أن العمليات العسكرية العنيفة التي نفذتها تلك الميليشيات كشفت عن طبيعتها الحقيقية، حيث تضم مجموعات من قطاع الطرق واللصوص الذين دمروا الصورة التي حاولت القوى الدولية الترويج لها بشأن النظام الجديد بعد سقوط بشار الأسد.
وأكد أن الولايات المتحدة، إلى جانب دول أخرى مثل بريطانيا وألبانيا، ترفض رفع العقوبات عن النظام السوري، نظرًا لاستمرار الفوضى وانعدام الاستقرار.
وأضاف أن هذه التطورات تعكس ضعف النظام في دمشق، حيث أصبح غير قادر على إدارة علاقاته الخارجية، سواء مع تركيا أو دول الخليج، ولا حتى حماية سوريا من التدخلات الإيرانية والإسرائيلية.
التحديات الإقليمية ومستقبل سوريا
وأوضح الدكتور شلش أن هجومًا محدودًا نفذته ميليشيات صغيرة على الساحل السوري أظهر مدى هشاشة الوضع العسكري، حيث اضطر النظام إلى طلب دعم عسكري كبير من ميليشيات أخرى، بعضها مدعوم بشكل مباشر من تركيا.
ولفت إلى أن عدم قدرة النظام على السيطرة على دمشق بالكامل يعكس حجم التصدع الداخلي، حيث بدأت بوادر تمرّد داخل الأقليات، بما في ذلك الأرمن داخل العاصمة، ضد النظام الحاكم.
وأضاف أن الوضع الحالي في سوريا دفع العديد من الدول، بما في ذلك مصر، إلى توخي الحذر في التعامل مع النظام، حيث ترفض القاهرة المساهمة في محاولات "تعويمه" على الساحة الدولية.
وأكد أن اللقاء الذي تم في القاهرة مع المسؤولين السوريين كان مجرد إجراء بروتوكولي فرضته جامعة الدول العربية، لكن مصر حافظت على موقفها الثابت، مشددة على ضرورة وقف الانتهاكات وإطلاق عملية سياسية شاملة تشمل جميع الأطراف.
وأشار الدكتور شلش إلى أن الأزمة السورية تظل جرحًا مفتوحًا في منطقة الشرق الأوسط، التي تعاني بالفعل من توترات حادة بسبب الحرب في غزة والتوترات الأمريكية مع إيران.
وأكد أن سوريا لم تصل بعد إلى مرحلة الحسم، وستبقى بؤرة صراع معقدة تحمل في طياتها أزمات طائفية وسياسية عميقة.