في الوقت الذي بدأ الخناق فيه يضيق على حركة النهضة في تونس، ورئيسها راشد الغنوشي، الذي تسعى كتل نيابية إلى سحب الثقة منه وإطاحته من رئاسة البرلمان، بدأت النهضة مناورة أخرى بإجراء مشاورات من أجل تشكيل حكومي جديد، في محاولة للتهرب من المأزق الذي وجدت نفسها فيه، وتسليط الضوء على رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، لتشعل بذلك "حرب الـ109 أصوات" في البرلمان.
وكانت 4 كتل نيابية تونسية، قد أعلنت اتفاقها على سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، بعد أن أشار "الحزب الدستوري الحر" إلى أن جلسات البرلمان ومشاريع قوانينه المطروحة "لم تعد حكرا على النواب فحسب، إذ فتح الغنوشي المجال أمام جهات متهمة بالإرهاب لدخول البرلمان".
في غضون ذلك، أعلن مجلس شورى حركة النهضة، تكليف الغنوشي بإجراء ما وصفه بـ"المفاوضات والمشاورات الضرورية مع رئيس الجمهورية والأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية"، من أجل البحث عن تشكيل حكومي جديد.
واعتبر مراقبون أن ما جاء في قرار الشورى هو "بدعة ولا أسس دستورية له"، لافتين أيضا إلى أن الصفة الدستورية لرئيس البرلمان لا تسمح له بإجراء المشاورات.
ورجح مراقبون أن يكون موقف النهضة "مناورة سياسية وحركة استباقية" لمواجهة مبادرة سحب الثقة من الغنوشي.
كما أن هذا الموقف يسعى بشكل واضح، لدرء الشبهات عن حركة النهضة، خاصة فيما يتعلق بالاتهامات التي وجهها الحزب الدستوري الحر لها بدعم الإرهاب، من خلال إعادة تسليط الضوء على شبهة تضارب المصالح التي تواجه رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، بعد تعاقد شركات يملك جزءا من أسهمها مع الدولة، وهو ما يمنعه القانون.
وقال المدير التنفيذي لـمرصد الحقوق والحريات، مروان جده، إنه "من حق النهضة الخروج من الحكومة، لكن دون الكذب على الرأي العام والادعاء أن السبب هو شبهة تضارب المصالح، في الوقت الذي تسعى فيه إلى توسيع حزام الشبهات والفساد".
واعتبرت الكاتبة الصحفية التونسية منية عرفاوي، أن التخلي عن الفخفاخ "ليس بالسهولة التي يروج لها أنصار حركة النهضة"، محذرة من أن "فاتورته السياسية باهظة على الجميع، بمن فيهم النهضة".
من جانبه، رأى النائب ياسين العياري، أن موقف حركة النهضة "مناورة سياسية، تضع رئيس الحكومة أمام خيار تعويض وزرائها بآخرين من حزبي قلب تونس والدستوري الحر، أو تكليف وزراء بالنيابة".
ودعا الرئيس قيس سعيد، إلى "استعادة زمام المبادرة واقتراح رئيس حكومة جديدة تعرض على البرلمان، ويتم المرور في حال رفضها إلى إعادة الانتخابات".
وينص الدستور التونسي على إمكانية سحب الثقة من الحكومة، عبر "لائحة لوم" بأغلبية 109 أصوات، في غضون 6 أشهر من بدء عملها.
ويحل هذا الموعد في الـ28 من أغسطس المقبل، لذا فإن حركة النهضة تعد له العدة من خلال مناوراتها السياسية، غير أن إمكانية جمعها للأغلبية البرلمانية "يبدو مستحيلا".
ولا تزال "حرب الـ109 أصوات" مستمرة، فهي الأغلبية التي تفرضها تركيبة البرلمان التونسي لسحب الثقة من الحكومة، أو رئاسة مجلس النواب.
وتشغل معركة كسب الأغلبية البرلمانية، الساسة كما تشغل الشارع التونسي، فحركة النهضة بمعية حلفائها في ائتلاف الكرامة و قلب تونس، لديها 100 نائب، فيما تجمع الكتلة الديمقراطية وحركة الإصلاح وتحيا تونس والكتلة الوطنية والدستوري الحر، 92 آخرين.
وبهذا، يبقى العنصر المحدد 25 صوتا، لنواب كتلة المستقبل والنواب المستقلين.
حسابات سياسية يراها البعض ضيقة أمام صعوبات تواجهها المالية العمومية، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والعالم أجمع في ظل تفشي فيروس كورونا، خاصة وأن دعوات النهضة لتشكيل حكومة جديدة تجد نفسها بلا "أساس دستوري".
موضوعات ذات صلة
قرار إماراتي جديد بشأن التأشيرات المنتهية الصلاحية
لمواجهة البطش التركي.. اليونان تعتزم تعزيز التعاون العسكري مع فرنسا