تعتبر قصّة سيدنا موسى -عليه السلام-من أكثر القصص التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، ولقد بيّن الله سبحانه في القران الكريم الصراع الذي كان بين معسكر الحق الذي مثّله النبيّ موسى -عليه السلام- ومن آمن من قومه، وبين معسكر الباطل الذي زها بنفسه وبغى ببطشه وهو معسكر فرعون وجنده، وقد بيّن الله سبحانه كيف كانت الغلبة لمعسكر الحق، والتمكين بعد التعرّض لكثير من الإبتلاءات والمحن التي اختبرت إيمانهم وثباتهم على أمر الله تعالى.
واجه كلّ نبيٍّ من الأنبياء من كفر به وتكبر عن عبادة الله تعالى خوفًا على ماله أو وضعه الاجتماعي بين الناس، وقد كان من أشهر هؤلاء المتكبرين فرعون الذي واجه موسى عليه السلام وتكبر عن عبادة الله تعالى، فعانى بنو إسرائيل الذين آمنوا مع موسى عليه السلام منه أشد العذاب، ولم يزده ما رأى من الآيات والعبر إلّا تكبرًا وعنادًا وتعذيبًا لبني إسرائيل وموسى عليه السلام، ولكن الله تعالى لا يهمل ولا ينسى من كان تقيًّا صالحًا مؤمنًا به ومتوكلًا عليه مهما طال الزمان.
بعد عناد وتكبر علي نبي الله ودعوة ربه أغرقهم الله تعالى في البحر من بعد أن انفلق فكان كالجبلين؛ حيث نجّا الله موسى -عليه السلام- وقومه، فساروا على اليابسة والمياه عن يمينهم وشمالهم في صورةٍ دلّت على عظمة الله عز وجل، ومعجزته الواضحة الجليّة، ثمّ وبعد أن مرّ آخر فردٍ من بني إسرائيل، واقترب فرعون وجنده الذين لحقوا بهم من المكان الذي عبروا منه، أمر الله سبحانه وتعالى ملائكته أن تعيد حال البحر كما كان؛ لترجع أمواج البحر إلى حالها، فتغمر فرعون وجنوده بالماء، فيدركهم الغرق فيموتون حتف أنفهم على الضلالة والشرك، وبعد ذلك تعُرض النّار غدوًا وعشيًا في قبورهم، ويوم القيامة يستحقون عذاب جهنّم مصيرًا لهم ومآلًا.
كان نبي الله موسى - عليه السلام - عندما وصل إلى البحر أمره الله تعالى أن يضرب البحر بعصاه فانشق البحر بقدرةٍ من الله تعالى وظهر في وسطه الطريق الذي على موسى وقومه أن يسيروا فيه، فكانت هذه إحدى معجزات موسى عليه السلام الأخرى والتي تركت بصمة في التاريخ الديني كحادثة انشقاق القمر، فعندما مرّ موسى عليه السلام ومن معه من البحر وخرجوا منه، وعندما دخل فرعون وجنده إلى البحر بالكامل أمرّ الله تعالى البحر فانطبق عليهم وعاد إلى حاله الأصلية، فبذلك نجى الله تعالى موسى عليه السلام وبني إسرائيل من فرعون وجنده وأغرقهم جميعًا.
اختلف العلماء المسلمون في المكان الذي غرق فيه فرعون وجنده هل كان بحرًا أم نهرًا، والحقيقة أنّ الله سبحانه وتعالى قد ذكر هذا المكان وسمّاه بالبحر في آيات معينة، حين قال جلّ من قائل: (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)، وفي مواضع أخرى سمّى الله هذا المكان يمًا، قال تعالى: (فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم). الآيات السابقة تبين أنّ القرآن الكريم لم يفرّق بين البحر واليم؛ فكلاهما أُطلق على المكان الذي غرق فيه فرعون وجنوده، ولكن المفسّرين اختلفوا في تحديده على وجه الخصوص هل هو البحر المعروف باسم البحر الأبيض المتوسط الذي يفصل بلاد مصر عن بلاد الحجاز، أم هو نهر النيل المشهور الذي ينبع من بلاد الحبشة ويمر في أراضي مصر، فمنهم من قال: إنه البحر الأبيض المتوسط ومنهم من رأى أنه نهر النيل، واستدلوا على ذلك بالآية الكريمة التي تحدثت عن قصة إلقاء موسى -عليه السلام- في اليم وهو نهر النيل، والراجح من تلك الأقوال أنّه البحر الأبيض المتوسط لقصد موسى -عليه السلام- الأراضي المقدسة، وهي فلسطين عندما خرج من مصر.
وهناك معلومات تناقلها البحار وأجدادهم من أسلافهم عبر العصور، مفادها أن سيدنا موسى عليه السلام عبر خليج السويس إلى بر سيناء عن طريق مدينة رأس غارب ، وأن فرعون غرق قبالة سواحل المدينة، لكن دون أن يحددوا المكان بشكل دقيق.
وقال أحد مؤرخين البحر الأحمر أن منطقة غرق فرعون تعتبر من الأماكن المشؤمة عند البحارة ويشبهونها بالمكان الذى وقع فية العذاب على "قوم لوط" بمنطقة البحر الميت فى الأردن، حيث جاء أمر الله عز وجل فى قولة تعالى (فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ)، فعند حدوث أمر الله سبحانة وتعالى تتغير قوانين الطبيعة وهذا ما لاحظة البحارة من تغير فى طبيعة هذا المكان وهناك رواية يؤيدها البحارة حول الطريق الذى إتخذة موسى فى هروبة الأول إلى "مدين".
واختلف العلماء والباحثين والمؤرخين فى تحديد المكان الذى مر منة سيدنا موسى وغرق فية فرعون، فمنهم من قال تم عن طريق بحيرة المنزلة فى إتجاة القنطرة شرق، لكن هناك نصا فى التوراة (سفر الخروج) ينفى هذه الفرضية ويؤكد أن العبور من مصر للأرض المقدسة كان عن طريق جنوب سيناء وليس شمالها، لأن قبضة الفراعنة كانت أقوى بشمال سيناء.
والطريق الواصل بين مصر وفلسطين المستخدم فى الحملات العسكرية للفراعنة وتكثر فية الحصون ونقاط المراقبة وبة مقر قيادة جيش رمسيس الثاني بسيناء، ما يعنى استحالة عبور سيدنا موسى وبني إسرائيل من هناك، كما إدعى باحثين أمريكيين وقالوا أن فرعون غرق نتيجة ظاهرة (المد والجزر)، وهذا ما نفاة القرآن الكريم وأن معجزة شق البحر جاءت واضحة عندما رأى النبى موسى وبنى إسرائيل البحر بالفعل وخشوا أن يعبروة لعمقة الكبير وقالوا إنا لمدركون، فقال موسى (إن معى ربى سيهدين) فألقى بعصاة وحدثت المعجزة.
أقرأ أيضا...
دار الإفتاء تكشف عن 8 سنن مستحبة يوم الجمعه
القبض على إخواني هارب بأوكرانيا تمهيداً لترحيله إلي مصر