كل الدول تترقب العالم فيما بعد أزمة كورونا الحالية، هذا الوباء الذي ضرب اقتصاد العالم أجمع، كما أنه غير موازين القوى ليجعلنا نتوقع عالما مغايرا بعد انتهاء تلك الأزمة.
وفي هذا السياق، قال الدكتور غازي فيصل حسين، استاذ العلاقات الدولية والتنمية السياسية بخصوص إمكانية أن تزيح الاشتراكية الصينية الليبرالية الأمريكية الغربية:"بعد رحيل الزعيم الصيني ماو توسيتونغ، تبنت الصين اقتصاد السوق الاشتراكي، أي الديمقراطية الاجتماعية، مما أدى لانفتاح الاقتصاد أمام الاستثمارات الرأسمالية الامريكية والأوروبية، ونجحت الصين في التحول إلى القوة الثالثة إقتصاديا في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الاعتمادية التبادلية بين الرأسمالية الصينية والعولمة الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية ووجود أكثر من 7.5 ترليون استثمارات صينية في الأصول الامريكية واتباع الصين استراتيجية لضمان مصالحها في الحصول على الثروات وفرص الاستثمار في افريقيا عبر استخدام مناهج للشراكة وليس للاحتكار الرأسمالي".
وتابع أستاذ العلاقات الدولية في تصريحات خاصة لـ "بلدنا اليوم":"كما وصل الناتج القومي للصين ما يعادل 15 ترليون دولار في 2019 كثالث قوة إقتصادية بالمقارنة مع 25 ترليون دولا في الاتحاد الاوربي و 21 ترليون دولار في الولايات، وبمعدل الدخل السنوي الفردي حوالي 19 الف دولار. ونجد اليوم 500 شركة عالمية كبيرة تستثمر في الصين لأن أجرة العامل الصيني وساعة العمل 40 مرة أقل مما عليه ساعة العمل في الدول الغربية".
وأضاف "حسين":"لذا ستبقى الصين مرتبطة بعلاقات تبعية اقتصادية وتكنولوجية، ويستمر التنافس أو الصراع بين الاقتصادات الكبرى على مصادر الثروات والاستثمار والأسواق في أفريقيا وآسيا خصوصا، لكن لن تحتل الصين الموقع الأول في العلاقات الاقتصادية الدولية بل ستذهب إلى علاقات تفاعلية والتفاوض لضمان المصالح المتبادلة، وكما أشار جاك اتالي في كتابه: مستقبل العالم، أن من يتحكم بالمال والاتصالات وتكنولوجيا المصغرات، سيتكم بالعالم والعالم بعد كورونا سينتقل إلى علاقات تضامنية لمواجهة تحديات البيئة والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والحروب والكوارث الطبيعية وانتشار الفقر والجوع والتخلف في العالم والذي يهدد الأمن والسلام العالمي".
وعن إمكانية تصدر الصين للمشهد الاقتصادي، فقال "حسين":"تعتمد السياسة الخارجية للصين، استراتيجية للاستثمار في أفريقيا وأسيا في مجال الحصول على الطاقة والمعادن الثمينة للصناعات الاستراتيجية، ونجحت في بناء علاقات إقتصادية متكافئة مع العديد من الدول الأفريقية، كما لا تتصرف الصين كدولة إمبريالية للهيمنة على الدول، وهذا ما يميزها عن الدول الرأسمالية الغربية، لكن الصين تعاني من ظاهرة الفقر الذي انخفض من 878 مليونا في عام 1981 إلى 11ر25 مليونا في نهاية عام 2013، لذا لن تستطيع الصين أن تتزعم المشهد الاقتصادي العالمي، في مواجهة الاقتصاد الأمريكي والاوربي والياباني، مع انها تحظى بالاحترام والتقدير لتقديم المساعدات الطبية لعدد من الدول، لتحسين صورتها التي تشوهت بسبب انتشار وباء كورونا".
أما عن الدور الطبي الذي تقدمه الصين واستغلاله سياسيا، فقال أستاذ العلوم السياسية:"لا يمكن التقليل من قيمة المساعدات الطبية التي تقدمها الصين، لكنها في النهاية تشكل دبلوماسية لمواجهة غضب الرأي العام العالمي لانتشار وباء كورونا وما تطرحه الدول من تحمل الصين مسؤولية إخفاء المعلومات وعدم وجود شفافية لكشف التفاصيل الخاصة بطبيعة الوباء، لكن للصين دول صديقة مهمة في أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية، وتبذل الدبلوماسية الصينية دورا نشطاً للدفاع عن المصالح الاقتصادية والأمن القومي الصيني".
وعند الانتقال لملعب آخر وهو تخصيب يورانيوم على أيدي إيران ورد الفعل المتوقع من الاتحاد الأوروبي وأمريكي، فقال "حسين": "تتبع إيران دبلوماسية استفزازية، مما يعمق المواجهة بين السياسة الإيرانية والسياسات الأوربية والأمريكية في الشرق الأوسط والخليج العربي، وترتكب ايران خطأ فادحا في عدم احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، بسبب استمرار تدخل طهران في الشؤون السيادية الداخلية للدول وعدم احترام حق الشعوب في اختيار أنظمتها السياسية والاقتصادية والثقافية، وتعمل لفرض نموذج ولاية الفقيه، الحرس الثوري واللجوء للحرب او التهديد، لذا تشكل عودة البرنامج النووي الإيراني وعدم الاستجابة لتعديل الاتفاق النووي، يثير قلق المجتمع الدولي ودول الخليج والشرق الأوسط، واستمرار إيران باتباع سياسة دعم الإرهاب من خلال تدريب وتسليح وتمويل المليشيات الإيرانية المرتبطة بالاستخبارات والحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان وباكستان ونيجيريا وغيرها من الدول، مما يشكل تهديدا خطيرا لأمن الخليج العربي والشرق الأوسط".
وعند طرح سؤال حول ما إذا قامت طهران بتخصيب اليورانيوم فما ههو رد الفعل المتوقع من ترامب، فقال "حسين":"بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة، انتقلت الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران، من الاحتواء الى المواجهة، وتصعيد الضغوط الاقتصادية، لإجبار القيادة الإيرانية المتطرفة على تغيير سلوكها بما يعني: احترام مطالب الشعب الإيراني في نظام ديمقراطي يضمن التنمية والرفاه بدلا من الحروب التي كلف الاقتصاد الإيراني ٣٥٠ مليار دولار في الشرق الأوسط وكلفة برامج التسلح ٥٠٠ مليار دولار، مما أدى لوجود ٧ ملايين شاب إيراني من خريجي الجامعات عاطل، ووجود أكثر من ٣٥ مليون إيراني تحت مستوى خط الفقر إضافة للكوارث التي يتعرض لها المجتمع بسبب تحول إيران إلى بؤرة لوباء كورونا".
موضوعات ذات صة:
إقالة مديري ٤ مستشفيات بالسعودية
الكويت تسجل 353 إصابة جديدة بفيروس كورونا والوفيات تبلغ الـ30 حالة