أكد محمد ربيع الديهي، الباحث المتخصص في الشئون التركية، أن مؤتمر برلين كشف عن مدي القبول الدولي لتركيا حيث ظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمفرده في الكثير من الاجتماعات مما يؤكد أن تركيا فقدت الكثير من داعميها من الدول الأوروبية، لافتا إلى أن انعقاد مؤتمر برلين وما نجم عنه من توصيات لم تكن في صالح تركيا والسراج، مما جعله يجزم بأن انقرة أصبحت تملك القليل من الأصدقاء في حوض المُتوسٍط، بشقّيه العربيّ والأوروبيّ، باستثناء العلاقات القويّة مع حركة الإخوان، ودولة قطر، وحُكومة السراج في ليبيا، مما دفع بعض الدول الكبري لفرض عقوبات اقتصاديّة على أنقرة سعيًا لتعديل السلوك التركي في التعامل مع المجتمع الدولي والدول المحيطة بها.
وتابع الديهي، قائلًا: "يمكننا القول أن مؤتمر برلين ومخرجاته جاءت لتحجيم الدور التركي في الأزمة الليبية فبالرغم من هشاشة البيان الختامي الذي لم يجد آلية لمعاقبة الدول التي ستخترق هذا البيان والاتفاق إلا أن المطلع على نقاط البيان سيلاحظ أنه يهدف لتحجيم الدور التركي في المنطقة وخاصة ليبيا حيث يثور في أوروبا الكثير من المخاوف نتيجية التدخل التركي في الكثير من الأزمات وخاصة الأزمة الليبية التي تشكل تهديد مباشر للأمن القومي الأوروبي فعدم الاستقرار في الداخل الليبي يعني تهديد الأمن القومي الأوروبي لكونها دولة مطلة على البحر المتوسط ويمكن أن يستغلها الإرهابيين للمروح إلى أوروبا فضلا عن احتمال ارتفاع معدلات الهجرة الغير الشرعية لإلى أوروبا.
وأضاف، لا يمكننا الجزم بأن المؤتمر نجح في إنهاء الطموح التركي في ليبيا ولكنه كشف عن حقيقة الموقف الدولي الرافض لهذا التدخل في الأزمة الليبية والذي من الممكن أن يتطور من رفض دبلوماسي وعقوبات اقتصادية إلى عمل عسكري ضد تركيا لوقف هذا التدخل لذلك عمد أردوغان بعد انتهاء مؤتمر برلين إلى إصدار بيان يتحدث فيه بأنه لم يرسل جنود أتراك لإلى ليبيا بل أرسل مستشارين ومدربين عسكريين مما يعني أن المؤتمر قد أوصل رسالة واضحة إلى أردوغان مفادها "إذا استمرت تركيا في تبني أسلوبها المزعزع للاستقرار والمهدد للأمن الجماعي سيكون هناك إجراءات صارمة لمواجهة هذا الأسلوب وهذه التكتيكات التركية بكل الوسائل المتاحة.
وتابع "من المؤكد أن الطموح التركي في ليبيا مازال مستمرًا فأردوغان يرغب في جعل ليبيا سوريا جديدة من أجل السيطرة على الغاز والثروات النفطية في شرق المتوسط في ظل احتياج تركيا للطاقة التي تستورد منها قرابة 90% إضافة إلى رغبة أردوغان في إزعاج مصر وتهديد الأمن القومي المصري بنشر الإرهاب في ليبيا بعد أن أفشلت مصر المخطط التركي الإخواني للسيطرة على المنطقة العربية وثرواتها لذلك يمكن أن توقع بأن أنقرة ستستمر في تصدير ودعم الارهاب في الداخل الييبي ودعم المليشيات المسلحة من أجل استمرار الصراع وإطاله أمد الأزمة بل يمكننا الحديث أن أنقرة ستسعي نحو اختراق هدنة وقف إطلاق النار بهدف إقحام حفتر في الصراع من جديد لتجد لنفسها مببرًا للتدخل في الأزمة الليبية ما يعني احتمالية انشاق في حلف الناتو الذي لن يقف هذه المرة مكتوف الأيدي أمام الطموح التركي في المنطقة والذي سيؤثر بشكل مباشر على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الحلف لعدم قدرة الحلف في مواجهة سياسات تركيا التوسعية.