انطلقت صباح اليوم الإثنين، فعاليات القمة البريطانية الأفريقية للاستثمار 2020 بحضور ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، في الجلسة الافتتاحية لقمة "أفريقيا - بريطانيا" للاستثمار:
السيدات والسادة؛
"السيد بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، أصحاب الفخامة والمعالي رؤساء الدول والحكومات الأفارقة، السيد موسى فقيه محمد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، السيدات والسادة الحضور..
يُسعدني أن أشارككم اليوم في هذه القمة، والتي تمثل إضافة جديدة للعمل الدولي المساند لجهود الدول الأفريقية في تحقيق تطلعاتها للنهوض بالقارة على مختلف الأصعدة، وأود أن أعرب في هذا السياق عن التقدير للمملكة المتحدة لمبادرتها الهادفة لدعم مساعينا الأفريقية نحو تحقيق الأهداف التنموية التي توافقنا عليها أفريقياً في أجندة التنمية 2063، وكذا الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030، وذلك استناداً إلى مبدأ المصالح المتبادلة والمشتركة.
ونجتمع اليوم في ظل أوضاع دولية تتسم بالاضطراب وعدم الاستقرار وتزايد وتيرة الصراعات المسلحة، وانتشار ظاهرة الإرهاب وتداعياتها على القارتين الأفريقية والأوروبية، واستمرار استخدام منطق القوة في العلاقات الدولية، مع تصاعد القلق المتصل بتدفقات الهجرة غير الشرعية في محيطنا الإقليمي، فضلاً عن بروز تحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية متعددة الأبعاد، مما يؤثر بالسلب على جهود تحقيق التنمية المستدامة الشاملة والمنشودة.
ورغم ضخامة كافة تلك التحديات وتشابك آثارها على قارتنا الأفريقية، بما يتعارض مع تهيئة المناخ الملائم لتحقيق التنمية بكافة أبعادها، وعلى رأسها اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو موضوع قمتنا اليوم، إلا أنني أستطيع القول، بعد مرور عام حافل من الجهد على طريق تحقيق أولويات القارة المتمثلة في إرساء الاندماج الإقليمي والتكامل الاقتصادي الأفريقي، أن هناك فرصاً واعدة ومتنوعة أمام شركاء القارة على مستوى العالم تجعل من أفريقيا أحد أهم المقاصد أمام مؤسسات الأعمال الدولية ذات الأهمية، مثل تلك المتواجدة هنا في المملكة المتحدة.
ومن هذا المنطلق، فإن دول القارة الأفريقية تؤكد انفتاحها التام للتعاون مع كافة الشركاء، ومن بينهم بريطانيا، لا سيما فيما يتعلق بالمحاور الأربعة التالية ذات الأولوية لقارتنا:
أولاً: تكثيف تنفيذ المشروعات الرامية لتطوير البنية التحتية التي تسهم في تحقيق الاندماج القاري، خاصةً تلك المشروعات التي تقع ضمن أولويات برنامج تنمية البنية التحتية بالاتحاد الأفريقي، وعلى رأسها محور القاهرة – كيب تاون لربط شمال القارة بجنوبها، ومشروعات توليد الطاقة المتجددة وكافة مشروعات الطرق والربط عبر خطوط السكك الحديدية.
ثانياً: تفعيل كافة المراحل التنفيذية لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية بما يُسهم في تعزيز حركة التجارة البينية وزيادة تنافسية القارة على الصعيد الدولي، ويقيم سوقاً أفريقياً جاذباً للاستثمار الأجنبي.
ثالثاً: الدور المهم للقطاع الخاص المحلى في تعزيز الجهود الوطنية للدول الأفريقية في تحقيق التنمية، باعتباره أحد أهم محفزات النمو للنشاط الاقتصادي، وبالتالي فإن تدشين شراكات بين القطاع الخاص الأجنبي والأفريقي وتذليل أية عقبات في طريقها يُعد جزءاً لا يتجزأ من استراتيجياتنا الوطنية.
رابعاً: تمكين الشباب والمرأة بدول القارة، وتوفير فرص العمل، باعتبار ذلك ركيزة أساسية لتحقيق التنمية والاستقرار الاجتماعي، وإكسابهم المهارات والخبرات التي تمكنهم من التعامل مع أدوات العصر وتيسير نفاذهم إلى التكنولوجيا المتقدمة لمواكبة التطورات العالمية ذات الصلة، وتعزيزاً لحقوق الإنسان بمفهومها الشامل.
السيدات والسادة،
استناداً على ما تقدم، أعرب عن تطلعنا لبناء شراكات جادة بين الأشقاء الأفارقة والشركاء الدوليين، ومنهم المملكة المتحدة، الأمر الذي يتطلب تقديم حزمة متكاملة من الأطر التعاونية التي تؤسس لعلاقة مستقبلية بناءً على العناصر التالية:
تقديم ضمانات استثمار حكومية للشركات الدولية، ومنها البريطانية، على نحو يُساهم في طمأنة المستثمرين لتشجيعهم على ضخ استثمارات مباشرة في دول القارة الأفريقية. العمل على تهيئة السبل لتعزيز المبادلات التجارية على أسس أكثر عدالة مع القارة استناداً إلى المصالح المشتركة، بما في ذلك فتح الأسواق البريطانية أمام المنتجات الأفريقية، سعياً لزيادة قيمة التبادل التجاري ومعالجة الخلل الكبير في الميزان التجاري بين الجانبين.توفير التمويل الدولي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البلدان الأفريقية، لكونها الأكثر مساهمة في توفير فرص العمل وزيادة الصادرات.الارتقاء بمستوى ومعدلات الإنتاج الصناعي والخدمي في القارة الأفريقية، بما يُعزز الترابط مع سلاسل القيمة العالمية.
السيدات والسادة،
أوكد لكم في ختام كلمتي أن ما يشهده عالمنا من تحديات ينبغي أن تُشكّل حافزاً إضافياً لتعاوننا المشترك، لما لتلك التحديات من طبيعة عابرة لحدود الدول والقارات، مع حتمية التكاتف والتنسيق الدولي في مواجهتها، وبما يُكرس من الإدراك المتبادل لوحدة المصير والمسار بين القارتين الأفريقية والأوروبية، ونتطلع في هذا السياق لأن نخرج من اجتماعنا اليوم بنتائج عملية تُلبي آمال وطموحات شعوبنا، وتوفر آليات عملية قابلة للتطبيق تفتح آفاقاً جديدة في العلاقات الأفريقية البريطانية.. وشكراً".