قال الدكتور جمال صيام خبير الاقتصاد الزراعي، إن الاقتصاد المصري يسير وفقاً لما يسمى باقتصاد السوق الذي يعتمد على العرض والطلب، مما يعني أنه يتأثر بالظروف المحلية والأسعار العالمية، لكن هناك بعض المحاصيل الاستراتيجية هي التي كانت الحكومة تقوم بتسعيرها كمحصولي قصب و بنجر السكر اللذان تحدد سعرهما شركات قطاع الأعمال الحكومية، وكذلك محصولي القطن والقمح ولكن الحكومة تخلت عن تسعيرهما، اللذان كانا يتم تسعيرهما بسعر التوريد.
وأوضح "صيام" في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن هذه المحاصيل الأربعة كانت الحكومة تتداخل في تسعيرهم ومازل الأمر جارياً حتى الآن فيما يخص محصولي القصب والبنجر باعتبارها المشتري الوحيد لهما من خلال الشركات وسعرهما يتوقف على المؤشرات العالمية، أما محصول القطن فقد تخلت الحكومة عن تسعيره وفقاً لما يسمى بـ"الضمان"، وهو ما تسبب في انهيار زراعة القطن ليصل إلى مساحة أقل ما يمكن وصلت إلى 200 ألف فدان في الموسم، متوقعاً بأنه طالماً لم يتم الإعلان عن سعر الضمان، فسيعزف الفلاحين عن زراعة القطن في الموسم القادم وسينتهي تماماً.
وأشار خبير الاقتصاد الزراعي، إلى أن الفلاحين اضطروا لبيع محصول العام الماضي بحوالي 2100 جنيه، وهذا في ظل إنتاجية منخفضة تصل إلى 7 قناطير بحد أقصى، فهذا لا يغطي أي هامش ربح قد ينافس أي محصول آخر.
وتابع: " أما القمح، فالحكومة كانت مستمرة في دعم السعر الخاص به، فكان يتم دعم سعره بحوالي 20% كنوع من التحفيز لزراع القمح للتوسع في زراعته، ولكن منذ ثلاث سنوات لم توفر الحكومة أي زيادة في السعر، وأصبحت تضع تكلفة القمح وفقاً للسعر العالمي "الروسي".
وعن حديث وزير الزراعة السيد القصير، إن تحديد أسعار المحاصيل الزراعية، ليس مهمة وزارة الزراعة فقط، لكن هناك أكثر من وزارة معنية بالأمر، وأن هناك اعتبارات كثيرة في الأمر، أكد أن الوزير لم يخطئ في ذلك، لكنه يقع على عاتقه التوضيح للحكومة الخطورة التي ستنجم عندما ينتهي أحد المحاصيل كالقطن، متسائلا:" هل نحن مستعدون لاختفاء القطن المصري بأسطورته العظيمة؟"، كما أن المساحة المزروعة من القمح هذا العام قلت عن العام الماضي مما سيتسبب في الاستيراد من الخارج لتعويض النقص في الإنتاج المحلي، مشيراً إلى أن وزارة الزراعة كانت تعلن عن سعر القمح قبل بداية نوفمبر، ولكن بعد مرور شهرين وحتى الآن لم يتم الإعلان عن سعر استلام القمح من الفلاحين، ويتم فقط تحديد السعر عن الاستلام وفقاً للسعر العالمي.
وأكد أنه لا يمكن الاعتماد على العرض والطلب في ظل وجود الأسواق الموجودة حالياً بطابعها الاحتكاري، متسائلاً:" هل يحترم التاجر السوق؟"، فما يحدث هو ترك المزارع ضحية للتجار، فيجب في البداية العمل على ضبط السوق قبل الحديث عن العرض والطلب، مشيراً إلى أن المزارع مظلوم بالفعل في قضية العرض والطلب، فهناك 85% من المزراعين لا يمتلكون أقصى من 3 فدادين "غلابة جداً"، فكيف يمكن تركهم فريسة للعرض والطلب؟، كما أن محصول مثل القمح بمثابة أمن غذائي، فمع قلة المساحة فسيتم الاضطرار للاعتماد على القمح المستورد.
وشدد على أن وزير الزراعة، يعتبر بمثابة محامي عن الفلاح، وعليه أن يدافع عن قضيته في اجتماع مجلس الوزراء، خصوصاً أن الفلاح هو أضعف الحلقات في المنتجين، فالتاجر له من يدافع عنه في الغرفة التجارية، كما أن الفلاح قطاع مهم جداً فنصف الدولة من الفلاحين، تشكل أكثر من 56% من سكان الدولة وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأشار إلى أن الوزارة لا توفر إرشاد زراعي أو بحوث زراعية، وكذلك وجود جمعية تعاونية قوية تدافع عن الفلاح، ثم نستطيع من خلال هذه العوامل أن نقول بعدها يمكن للفلاح مواجهة سوق العرض والطلب.
وصرح السيد القصير، وزير الزراعة، بأن تحديد أسعار المحاصيل الزراعية، ليس مهمة وزارة الزراعة فقط، ولكن هناك أكثر من وزارة معنية بالأمر، مضيفًا أن هناك اعتبارات كثيرة في الأمر، متابعًا: "على سبيل المثال زيادة أسعار توريد محصول قصب السكر، قد ينعكس على زيادة أسعار المنتج النهائي، أو زيادة خسارة الشركات، ما يعني ضرورة ضبط أطراف المعادلة بما يضمن تحقيق توازن في الشارع المصري".
جاء ذلك خلال الندوة التي ينظمها حزب "مستقبل وطن"، حول رؤية وزارة الزراعة لتطوير وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة، بحضور السيد قصير وزير الزراعة، وعدد من قيادات الوزارة، وبمشاركة النائب هشام الحصري رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، والدكتور عبدالهادي القصبي، نائب رئيس الحزب، والمهندس حسام الخولي الأمين العام للحزب، والمستشار عصام هلال عفيفي، أمين التنظيم، وعدد من أعضاء وقيادات مستقبل وطن بالمحافظات.