ناقش معهد التخطيط القومى، الذراع البحثي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، تقرير التنمية البشرية العالمى 2019 بعنوان "أوجه عدم المساواة في القرن الحادي والعشرين" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP وذلك في الحلقة الرابعة من المتابعات العلمية للمعهد للعام الأكاديمي 2019/2020.
في هذا الإطار أكدت الدكتور هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ورئيس مجلس إدارة معهد التخطيط القومى، أن البشر هم ثروة الأمم الحقيقية، موضحة أن المواطن هو نقطة التقاء كل الجهود المبذولة وهو الشريك الأساسي في التنمية.
وأضافت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن الغاية الحقيقية لعملية التنمية يجب أن تتخطى زيادة الدخل إلى توسيع خيارات الإنسان من خلال تعزيز حقوقه وإمكاناته وفرصه، مشيرة إلى أن تقرير التنمية البشرية العالمي لعام 2019 يُعد الإصدار السادس والعشرين لسلسلة تقارير التنمية البشرية العالمية وذلك بعد توقف دام لمدة ثلاث سنوات.
ويشير التقرير إلى أنه بخلاف الفجوات التقليدية بين البلدان وداخل البلد الواحد في مجالات الصحة والتعليم والدخل فقد نشأت فجوات جديدة ترتبط بالتكنولوجيا الجديدة وعوامل التغير المناخي وهذه الأمور أصبحت اليوم حاسمة في التنافس والانتماء، موضحا أن أوجه عدم المساواة في التنمية البشرية لا تقتصر على الفوارق في الدخل وفى الثروة ولا يمكن اختزالها بمقاييس تركز على بعد واحد، بل انها ستحدد معالم المستقبل في القرن الثاني والعشرين.
يُشار إلى أنه قد تم تقسيم التقرير إلى ثلاثة أجزاء رئيسة، وقد خلص إلى أن أوجه عدم المساواة في التنمية البشرية تضر بالمجتمعات وبالاقتصاد نتيجة تبديد ما كان قد ينجز لو حقق الأفراد كامل إمكاناتهم في العمل والحياة، وجميعها أمور تحول دون تحقيق خطة التنمية المستدامة الأممية 2030.
قدم التقرير خمس رسائل رئيسة تمثلت في أنه لا تزال التفاوتات في التنمية البشرية واسعة الانتشار، رغم الإنجازات في خفض الحرمان الشديد، وأن هناك جيل جديد من أوجه عدم المساواة الحادة قد نشأ؛ في ظل أزمة المناخ وموجة التغير التكنولوجي الكاسحة وأن عدم المساواة تتخذ في التنمية البشرية أشكالا جديدة في القرن الحادي والعشرين.
كما تمثلت الرسالة الثالثة في أن أوجه عدم المساواة تتراكم مدى الحياة وكثيرًا ما تعكس اختلالات عميقة في موازين القوى، كما يتطلب تقييم عدم المساواة في التنمية البشرية والتصدي له ثورة في المقاييس، فهناك حاجة إلى مفاهيم أوضح مرتبطة بتحديات العصر وإلى الجمع بين مصادر متعددة للبيانات واستخدام أدوات أدق للتحليل، أما الرسالة الخامسة فتتمثل في أن تصحيح عدم المساواة في التنمية البشرية في القرن الحادي والعشرين أمر ممكن، إذا بدأنا العمل حالا.
واختتم التقرير بتقديم مجموعة مقترحة من السياسات للحد من أوجه عدم المساواة في التنمية البشرية في القرن الحادي والعشرين وذلك ضمن إطار يربط ما بين توسع الإمكانات والدخول وبين توزيعها.
وشملت مداخلات الحضور في الحلقة الرابعة من المتابعات العلمية لمعهد التخطيط للعام الأكاديمي 2019/2020، مجموعة من الملاحظات تتمثل في أن تعرض التقرير لعدة قضايا مهمة تستحق الدراسة والبحث والتضمين في خطة عمل المعهد للعام الأكاديمي القادم، وضرورة وجود قواعد بيانات سليمة ومدققة كاملة، وأن التقدم في مؤشر التنمية البشرية يرتبط بالتقدم في التعليم والصحة واستخدام التكنولوجيا والرفاهة الاجتماعية وغيرهما من الجوانب المختلفة، وأنه لا بد من تهيئة المجتمع لاستيعاب التكنولوجيا والتطورات الجديدة، كما أنه من المهم إدراك عدم وجود فوارق بين الرجال والسيدات في مصر في إتاحة فرص العمل أو التعليم أو خلافه، وأن المشكلة الأساسية تكمن في قياس المتغيرات النوعية والكيفية، وتحويلها لقياسات كمية.
وأضاف الحضور، أنه من الأهمية البحث عن أسباب الارتداد عن سياسات دولة الرفاهة أو الرعاية الاجتماعية التي من شأنها تقليل الفوارق والحد من أوجه اللامساواة، وأنه مادامت المشكلة منظومية، لا بد من أن تكون الحلول والمقترحات والسياسات منظومية وليست مجرد حلول عارضة، وأنه لا بد من مراجعة المفاهيم وضبط المصطلحات عند التعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وأن تقارير التنمية البشرية تعبر لجهود البشرية لقياس عملية التنمية، ويجب إدراك أن مهمة التقرير الأساسية هى قياس أكثر من تحليل تشابكات والوصول لحلول.