لم يمر موت قاسم سليماني على قطر مرور الكرام، الدولة التي وضعت في مأزق بعد اغتيال رجل إيران الأول كون الطائرة التي اغتيلت سليماني خرجت من قاعدة العديد الأمريكية، المتواجدة في الدوحة، الأمر الذي دفع تميم للتحرك بشكل سريع من أجل التهدئة فأرسل وزير خارجيته مباشرة إلى طهران للتهدئة لكنّه عاد خالي الوفاض إلى دويلته من جديد، قطر حاليًا لا خيار لديها سوى أن تختار طرف واحد من الجانبين مساندة إيران أو الوقوف لدعم الولايات المتحدة الأمريكية وكلا الخيارين سيكلفا الدوحة الكثير والكثير.
خيارات قطر بين كلا من أمريكا وإيران هي الأصعب من نوعها، خاصة وأنّ مصالحها مع كل دولة تختلف عن الأخرى، فقطر هي المركز الرئيسي لأكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط ألا وهي قاعدة العديد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتوتر العلاقات بينهما، في الجانب الأخر لم يختلف الوضع كثيرًا فإيران تعد بمثابة الذراع الحامي الخفي لقطر، تحديدا بعد مقاطعة الدول العربية للدوحة والتضييق عليها وفرض الحصار لم يكن أمامها ملجأ سوى إيران التي ساعدتها طوال فترة الحصار لذلك فلا يمكن مطلقًا أن تتشابك معها خلال تلك الفترة.
العديد من الخبراء والسياسيين قالوا أنّه لا يمكن نشوب حرب عسكرية بين كلا من إيران وأمريكا خلال الفترة الحالية، لكن ولكن فى حال حدوث حرب، فإن قطر ستكون في مأزق صعب وستواجه ثلاث سيناريوهات الأولى هو اختيار الولايات المتحدة الأمريكية على حساب إيران، بل ومشاركتها في الحرب ضد إيران، لكن هذا الموقف سيكبدها خسائر فادحة، بينما السيناريو الثاني هو بقاء علاقات التطبيع مع إيران، والاستمرار في عملية دعمها ، لكن هذا السيناريو سيشهد توتر شديد مع الولايات المتحدة الأمريكية ولا يمكن أن يتم تقدير الخسائر التي من المتوقع السقوط فيها، بينما السيناريو الثالث والآخير بل وهو الأقرب لما قد يحدث، وهو أن تمارس الدوحة سياسة التناقض المعتادة، حيث تعلن دعمها لأمريكا فى العلن، بينما تبقى على اتصالات سرية مع إيران.
جميع تلك السيناريوهات غير محتملة حتى الآن خاصة وأنّ قطر لم يتم تخييرها، لكن من الممكن أن يتم هذا قريبًا خاصة مع تهديد إيران بضربة موجعة لأمريكا، تلك الضربة التي من الممكن أن تكون عن طريق اغتيال شخصيّة أمريكيّة سياسيّة، أو عسكريّة كبيرة أو أكثر، سواءً داخِل الولايات المتحدة أو خارجها، أو شن هجمات على القواعد الأمريكية في العراق، أو حتى قصف أهداف عسكرية تابع للاحتلال الإسرائيلي، الآخير والتي لا تفضله قطر مطلقًا كونه سيكون سببا في اشتعال الأزمة وهنا سيكون عليها الاختيار ألا وهو استهداف القواعد العسكريّة الأمريكيّة في مِنطَقة الخليج مِثل قاعدة العديد الجويّة في قطر، أو قاعدة الأسطول الأمريكي الخامس البحريّة في المنامة، أو “الدوحة” البريّة في الكويت، ورابعة في أبو ظبي.