جاء إعلان البرلمان التركي الموافقة على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، ليشعل شرارة حرب داخل أرض المختار، وواصل النظام التركي مسلسل انتهاكاته ضاربًا بعرض الحائط جميع الاتفاقات والمعاهدات الدولية.
ومنح الامبراطور العثماني القوات التركية في مذكرته التي رفعها أمام البرلمان التركي بشأن غزو ليبيا للتصويت عليها صلاحيات غير مسبوقة في تاريخ أنقرة، فالى متى تستمر هذه التدخلات والانتهاكات من قبل العثمانين ولماذا يخيم الصمت على المجتمع الدولي، وما دوافع ترامب جراء استرضاء تركيا.
تركيا "قطعة الشطرنج"
وحول التدخل العسكري التركي وتحديدًا بعد موافقة البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية داخل ليبيا لمعاونة حكومة الوفاق والميليشيات الإرهابية، أكد عبد الستار حتيتة، المتخصص بالشأن الليبي، أن إذا أراد المجتمع الدولي إظهار جديته فعليه اتخاذ اجراءات حاسمة ضد القرار التركي، وعلى مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي وأيضاً الأمم المتحدة والدول المعنية بالسلام الدولي أن يعقدوا الاجتماع، لأن هذا التدخل انتهك كل المواثيق والاتفاقات والمعاهدات وسبب لاشتعال الصراع في منطقة البحر المتوسط ومنطقة شمال إفريقيا.
وحول غموض موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومطالبة العديد من الدول لترامب بالكف عن محاولات الاسترضاء لتركيا، وسؤاله حول هل تستخدم واشنطن أنقرة لتحقيق أهداف معينة داخل المنطقة، أكد حتيتة، أنه أمر معتاد من الدول الغربية والولايات المتحدة تحريك الدول الصغيرة كقطع الشطرنج للاستفادة منها واستخدامها بلعبتها الخاصة، فتركيا مهما كانت لا تمثل سوى ورقة على رقعة الشطرنج تحركها الدول الكبرى وتهيئة الأوضاع لأردوغان، لكي يتخذ كل هذه الإجراءات التصعيدية بالتدخل في تركيا الذي يعد نوعًا من الغموض في الموقف الدولي والموقف الأمريكي، لأنها هذه الدول إذا لم تكن تريد لأردوغان أن يقوم بالتصعيد لوقفت ضده منذ وقت مبكر.
وأضاف أن هناك بعض الدول الآخرى التي تترقب نتائج التدخل الروسي في الأزمة الليبية، خوفًا من نتائج سلبية تهدم طموح دول طامعة لتحيقيق أطماعها داخل ليبيا.
وتابع قائلاً: الدول الأوروبية وقوات صوفيا الأوروبية المنتشرة في البحر المتوسط وقوات افراكوم الأمريكية المختصة بالعمليات العسكرية في إفريقيا، كل هؤلاء لديهم معلومات عن الدعم التركي في ليبيا وعن نص الاتفاق بشأن حظر الأسلحة، ومع ذلك لم تتخذ هذه الدول اجراءات رادعة ضد النظام التركي، وأن السماح لأردوغان بالتدخل في ليبيا يعد تمهيد للدول الأخرى الطامعة للتدخل فيما بعد، وتضمن للجانب التركي بعض الفتات في ليبيا، وهذا السيناريو موجودًا وبقوة لأنه يفسر صمت المجتمع الدولي على الممارسات الأردوغانية منذ قبل توقيع مذكرتي ترسيم الحدود والتعاون الأمني والعسكري مع فايز السراج وحكومة الوفاق.
وحول تباين ردود أفعال الدول الغربية حول التدخل التركي، أكد المختص بالشأن الليبي، أنه لابد ألا نغفل أن تركيا عضو بحلف الناتو، قائلاً:"بمعنى أنها في آخر الليل تكون بغرفة واحدة مع باقي أعضاء حلف الناتو الأوروبيين والأمريكان"، وبالتالي شئنا أو أبينا نحن نتحدث عن عائلة واحدة ولهذا لا يستبعد هناك نوع من التواطؤ من جانب الأوروبيين، للاستفادة من تحركات أردوغان مدللا بمثال استخدام بعض الأسلحة النوعية لأول مرة في ليبيا كانت مسار ترقب ومراقبة من جانب باقي أعضاء حلف الناتو لأن هذه المنظومة العسكرية في نهاية المطاف تعد جزأ من المنظومة العسكرية للحلف بأكمله، موضحًا أن الاجندات الغربية والاجندات الأمريكية تختلف اختلاف جذري عن المصالح العربية وعلى رأسها المصلحة الليبية، لهذا طريقة التفكير العربي الذي تتوقع من الغرب أن يقف موقف مشابه لموقفها كدول عربية هذا غير موجود على أرض الواقع، ما هو موجو تبادل مصالح بين أطراف مختلفة والمصالح العربية وعلى رأسها المصالح الليبية في ذيل القائمة.
وتطرق للحديث عن اجتماع مجلس النواب الليبي، للمطالبة بتفعيل معاهدات الدفاع المشترك مع الدول العربية، حيث أكد المتخصص في الشأن الليبي، أن البرلمان الليبي كان يعول على الجامعة العربية وسيعقد جلسة في بنغازي الأيام المقبلة لدعوة المجتمع الدولي للوقوف ضد التدخل التركي، وعلى المستوى العربي هناك سوابق لجامعة الدول لقضايا مشابهة للقضية الليبية فشلت الجامعة العربية ولم تجد توافق بجانب الخلافات بين أعضاءه، مدللاً بالملف السوري واليمني والعراقي التي كان ينبغي أن تكون فيه الجامعة العربية هى الرائدة والسبيل لحل النزاعات والمصالحة لكن هذا لم يتحقق، فبالنظر إلى هذا الفشل السابق لا نستطيع أن نتوقع نجاح الجامعة العربية في تسوية الأزمة الليبية.
المعارضة التركية تدعو الأمم المتحدة لوقف أطماع أردوغان
دعا كمال كلتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض الأمم المتحدة لإرسال قوات السلام التابعة لها إلى ليبيا على وجه السرعة، من أجل إنهاء الحرب في المنطقة، لمواجهة محاولات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان التدخل العسكرى فى ليبيا وإرسال جنود أتراك إلى طرابلس لمساعدة المليشيات الإرهابية التابعة لفايز السراج بالعاصمة الليبية.
وأكد زعيم المعارضة التركية، أن تدخل الأمم المتحدة سيقضي على مزاعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن غرضه ضمان الاستقرار في البلد العربي.
وقال زعيم المعارضة التركية، إنه من أجل إنهاء الحرب الأهلية بليبيا، ووقف سيل الدماء هناك، يجب إرسال قوة من الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى المنطقة دون تأخير، ويجب إظهار كافة الجهود السياسية في هذا الاتجاه.
وأكد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركى المعارض، سيد تورون، أنه لا يمكن للسلطة التركية الحاكمة أن تخدع الشعب أكثر من ذلك، عبر مشروع قناة إسطنبول، واصفًا إياه بكارثة، ولن يصرف انتباه الناس عن السيارات المحلية الخيالية، حيث تأتى تصريحات القيادى التركي المعارض وسط رفض عارم من الشعب التركى لمشروع قناة إسطنبول الذى يصر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على تدشينه.
وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركى المعارض، إن إرسال الجنود الأتراك إلى ليبيا وتوريطهم في حرب لن يعود بأي فائدة، لافتًا إلى أن نظام أردوغان يسعى للتستر على الأزمة الاقتصادية الراهنة عبر مشروع قناة إسطنبول، وهو مشروع كارثة، لن يصرف انتباه الناس عن السيارات المحلية الخيالية.
الخارجية المصرية تدين البرلمان التركي
وأكدت الخارجية المصرية على ما تُمثله خطوة البرلمان التركي من انتهاك لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ، وبالأخص القرار (1970) لسنة 2011 الذي أنشأ لجنة عقوبات ليبيا وحظر توريد الأسلحة والتعاون العسكري معها إلا بموافقة لجنة العقوبات، مُجدداً اعتراض مصر على مذكرتيّ التفاهم الباطلتين الموقعتين مؤخراً بين الجانب التركي و"السراج"، وعدم الاعتراف بأي إجراءات أو تصرفات أو آثار قانونية قد تنشأ عنهما، نتيجة مخالفة إجراءات إبرامهما للاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات في ديسمبر 2015، وبالأخص المادة الثامنة التي لم تخول "السراج" صلاحية توقيع الاتفاقيات بشكل منفرد، وخولت في ذلك المجلس الرئاسي مجتمعاً، واشترطت مصادقة مجلس النواب على الاتفاقيات التي يبرمها المجلس الرئاسي.
كما حذرت مصر من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، وتؤكد أن مثل هذا التدخل سيؤثر سلباً على استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمّل مسئولية ذلك كاملة.
وأكدت مصر في هذا الصدد على وحدة الموقف العربي الرافض لأي تدخل خارجي في ليبيا، والذي اعتمده مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه يوم 31 ديسمبر 2019، وتذكر بالدور الخطير الذي تلعبه تركيا بدعمها للتنظيمات الإرهابية وقيامها بنقل عناصر متطرفة من سوريا إلى ليبيا، مما يُبرز الحاجة المُلحة لدعم استعادة منطق الدولة الوطنية ومؤسساتها في ليبيا مقابل منطق الميليشيات والجماعات المُسلحة الذي تدعمه تركيا ويعوق عودة الاستقرار في هذا البلد العربي، فضلاً عن أي احتمال للتدخل العسكري التركي في ليبيا باعتبار أن هذا التطور إنما يهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة، والأمن القومي المصري بصفة خاصة، مما يستوجب اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية المصالح العربية من جراء مثل هذه التهديدات.
ودعت مصر المجتمع الدولي للاضطلاع بمسئولياته بشكل عاجل في التصدي لهذا التطور، المنذر بالتصعيد الإقليمي، وآثاره الوخيمة على جهود التوصل عبر عملية برلين لتسوية شاملة وقابلة للتنفيذ تقوم على معالجة كافة جوانب الأزمة الليبية من خلال المسار الأممي.
كما حذرت مصر من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، وتؤكد أن مثل هذا التدخل سيؤثر سلباً على استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمّل مسئولية ذلك كاملة.