قال الكاتب الصحفي أحمد الصاوى رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر الصادرة عن مشيخة الأزهر الشريف، إن العدد الخاص الذي أصدرته الجريدة للاحتفاء بمناسبة ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ينسجم تماما مع قناعات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، والتي عبر ويعبر عنها في كتبه ومقالاته ودراساته وحلقاته التليفزيونية ومواقفه وسياساتها في تحديث وتطوير الأزهر الشريف.
وأشار الصاوي، إلى أن رسالة الجريدة في عددها الأخير مع المناهج الأزهرية التى يدرسها طلاب الأزهر الشريف في كافة المراحل الدراسية والتى تفرد مساحات كبيرة لقضية المواطنة من كافة جوانبها وتتصدى بدروس واضحة لدعاوى الانغلاق وعدم الانفتاح علي غير المسلمين وتحريم برهم وتهنئتهم ومشاركتهم الأفراح والأحزان، مشيرا إلي أن رسالة الإمام المنشورة في هذا العدد لطلاب المعاهد الأزهرية هي جزء من هذه المناهج ومضمنة في كتاب الثقافة الإسلامية المقررة علي طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية.
وأضاف أن هذا العام لم يكن الأول الذي تحتفي فيه الجريدة بهذه المناسبة بعدد خاص، وإنما هو العام الثالث علي التوالي، حيث أصدرت الجريدة في يناير ٢٠١٨ عددا بعنوان "سلام عليه يوم ولد".. وفي يناير ٢٠١٩ أصدرت عددا بعنوان "ولنجعله آية للناس"، كما أنها أيضا ليست المرة الأولي التي تستكتب فيها الجريدة كتابا أقباطا، وإنما سبق للجريدة في كثير من المناسبات والأعداد أن تعاونت مع كتاب ومثقفين ومفكرين ورجال دين مسيحيين في إطار مهمتها كجسر للحوار بين الأزهر والمجتمع.
واعتبر الصاوى أن مناسبة عيد الميلاد فرصة لمناقشة ما تم من إنجاز في ملف المواطنة وتعزيز التسامح والتعايش، وإبراز جهد الأزهر الملموس في هذا الجانب، والذي يعبر عنه في وثائقه ومواقفه ومناهجه، معتبرا أن مناهج الأزهر وفي مقدمتها كتاب الثقافة الاسلامية، تعزز هذا المعني بدروس تناقش قضايا المواطنة والتطرف وتتصدى للمفاهيم الخاطئة في معاملة غير المسلمين، وتصحيح مفاهيم الجهاد، فضلا عن مناقشة قضايا اجتماعية كالتحرش والإدمان والبلطجة.
وضرب أحمد الصاوى رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر، أمثلة لهذه المناهج الأزهرية بمادة التربية الدينية الإسلامية للمرحلة الابتدائية، التى تركز على توضيح العلاقة بين المسلمين والأقباط، وتوضيح مفهوم المواطنة بشكل بسيط وسهل ليعرف الطالب منذ صغره أن الجميع تحت مظلة وسماء الوطن متساوون فى الحقوق والواجبات لا فرق بين مسلم أو مسيحى، مشيرا إلي حرص كتاب التربية الدينية المقرر على المرحلة الابتدائية على إظهار طلاب المعاهد الأزهرية وهم يلتقون صديقهم المسيحى، وهم يحيونه ويتحدثون معه، ففى صفحة «45» بكتاب الصف الأول الابتدائى يقول الكتاب «خرج التلاميذ من المعهد بعد انتهاء اليوم الدراسى والتقوا كعادتهم بصديقهم مينا وأثناء سيرهم فى الطريق التقوا حجرا فى وسط الطريق فأسرع التلاميذ وتعاون معهم مينا لإبعاد الحجر عن الطريق».
وفى كتاب التربية الدينية الإسلامية المقرر على الصف الأول بالترم الثانى وحدة كاملة بالصور تتحدث عن التحية فى الإسلام ووجوب إلقاء التحية على الناس مسلمين كانوا أو غير مسلمين لأن الإسلام دين سلام، مشيراً لقول النبى صلى الله عليه وسلم «ألا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ»، موضحاً ضرورة إلقاء السلام على غير المسلمين من أبناء الوطن.
أما كتاب التربية الدينية المقرر على الصف الثانى الابتدائى فى الترم الأول فيؤكد أن الإيمان بالله وبالرسل أجمعين هو من تمام كمال الإيمان فلا فرق بين نبى وآخر فالإيمان بالرسل جميعا شرط من شروط الإيمان بالله، أما فى الترم الثانى فيتضمن الكتاب وحدة كاملة عن التهنئة بالمناسبات، ووحدة خاصة عن التعاون ووحدة ثالثة عن التسامح، وفى الوحدة الخاصة بالتهنئة بالمناسبات حرص الكتاب على توضيح حكم التهنئة لغير المسلمين فى مناسباتهم، مع ضرب أمثلة على ذلك من أعمال النبى صلى الله عليه وسلم، كما يوضح المقرر أن الله تعالى أحل لنا أكل طعام أهل الكتاب وأن طعامنا يحل لهم، وفى درس التسامح يبين الكتاب قيمة التسامح مع الناس جميعا فالمسلم الحق يتسامح مع المسلم وغير المسلم.
أما فى كتاب التربية الدينية للصف الثالث الابتدائى فيدرس الطلاب دروسا عن فضيلة الصدق وعن الأمانة فى التعامل، وعن الوصية بالجار، وجميعهم يتصلون بعلاقة المسلم مع غيره مسلمين وغير مسلمين، ففى درس فضيلة الصدق يتعلم الطلاب ضرورة التحدث بالصدق سواء مع المسلمين أو غير المسلمين، مبينا أن الكذب صفة بغيضة يكرهها الناس، أما درس الوصية بالجار فقد انصب على الجار غير المسلم وكيف أمر الإسلام بحسن معاملته وأن الجار المسلم وغير المسلم لهما معا نفس الحقوق والواجبات وأن نراعى شعورهم وأن نحافظ على عدم إيذائهم.
وفي المرحلة الإعدادية لفت الصاوى إلي أن الطلاب يدرسون فى السنوات الثلاث مادة أصول الدين، ففى الكتاب المقرر على الصف الأول الإعدادى بالمعاهد الأزهرية، جاء فى مقدمته بالصفحة الثالثة أن الكتاب يبين علاقة المودة بين المسلمين وغير المسلمين، ويبين الحقوق والواجبات المقررة على كل منهما، بالإضافة إلى الأحاديث النبوية الشريفة التى تظهر سماحة الإسلام، وسماحة خلق النبى عليه الصلاة والسلام، مع جانب من سيرته وتعاملاته مع غير المسلمين، فيما يتضمن نفس الكتاب فى الصفحة «62»، فى درس المساواة بين الناس فى الخلق، أن المساواة على مبدأ المواطنة، فى إشارة إلى أن المسلمين والمسيحيين سواء شركاء فى الوطن، كما جاء فى الصفحة رقم «65» فى الدروس المستفادة من موضوع «آداب التحية فى الإسلام» أن تكون علاقة المسلم مع الناس مسلمين وغير مسلمين طيبة، بينما تضمن الكتاب ذاته درسا كاملا عن علاقة المسلم بغير المسلمين فى الصفحة رقم «88»، فى تفسير قوله تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، وساق الكتاب ذاته أيضاً حديثا شريفا حول معاملة المسلم مع الناس مسلمين وغير مسلمين، فى الصفحة رقم «115»، فى شرح حديث النبى (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم).
وأضاف أن كتاب أصول الدين المقرر على الصف الثانى الإعدادى بالمعاهد الأزهرية، تضمن درسا فى الصفحة «56» حول إنصاف أهل الكتاب، كما تضمن الكتاب درسا كاملا حول تأمين غير المسلم فى الصفحة رقم «125»، مشيرا إلي أن كتاب أصول الدين المقرر على الصف الثالث الإعدادى بالمعاهد الأزهرية يسوق فى الصفحة رقم «85» فى موضوع بعنوان مخاطبة أهل الكتاب، فى تفسيره للآية الكريمة (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)، كما تضمن درسا كاملا فى الصفحة رقم «131» تحت عنوان رعاية حقوق غير المسلمين، فى شرح حديث النبى (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَاماً) مع بيان حكم المواطنة فى الإسلام، وأن المسلمين والأقباط جميعهم مواطنون لا فرق بينهم لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وأن النبى عليه الصلاة والسلام أسس دولة الإسلام فى المدينة وبها مواطنون غير مسلمين، بل كان هناك يهود أخذوا العهد من النبى عليه الصلاة والسلام وعاشوا بين المسلمين بنفس الحقوق والواجبات.
وقال الصاوى إن طلاب المرحلة الثانوية، يدرسون مقررا كاملا من كتاب «المواطنة وحقوق الإنسان»، للصف الثانى الثانوى بقسميه الأدبى والعلمى، بمختلف المعاهد الأزهرية.
كما يستهل كتاب «المواطنة وحقوق الإنسان» الذى يدرس بالمعاهد الأزهرية مقدمته بشرح لأهمية دراسة قيم المواطنة وتعزيز السلم، وإقرار حقوق الإنسان، مؤكدا أنه لا يمكن تصور أى مجتمع يعيش دون مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات، ليكون المواطنون فعالين فى بناء الدولة وإرساء قيم المواطنة.
ويتضمن الكتاب أربعة فصول خاصة بالمواطنة، وحقوق الإنسان، ودور المرأة فى المجتمع، وأهمية العمل التطوعى من أجل الوطن، وقد تمت مراعاة التركيز فى هذا الكتاب على المفاهيم الأساسية للمواطنة والقيم التى تدعو إليها، وضرورة المشاركة الإيجابية للمواطنين، بالإضافة للتأكيد على أهمية إبراز الهوية المصرية الوطنية وتعزيز روح الانتماء للوطن.
وأكد الصاوى أن المرحلة الجامعية تزخر بالكتب والمقررات في كافة الكليات الشرعية تتناول علاقة المسلمين بالمسيحيين باتساع وتفصيل، خصوصا المواطنة فى الإسلام، وعلاقة المسلمين بغيرهم، والدروس المستفادة من حياة النبى، وعلاقته بالمسلمين وغير المسلمين، وكذلك دروس عن وجوب تأمين أهل الذمة والكتاب.