دينية البرلمان: خلاف الأزهر والأوقاف حول قانون الفتوى تمت تسويته
الأوقاف: الخلاف سببه تجاهلنا في القانون ونحن أهل فتوى
آمنه نصير: القانون أثار الجدل أكثر من نفعه
منذ دور انعقاد البرلمان الثالث وهناك حالة من التساؤلات حول المصير الذي سيلقاه قانون الفتوى الذي انتهت من مناقشته لجنة الشئون الدينية، خصوصًا في ظل الخلاف الذي كان قائمًا بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف حول ماهية القانون.
تنظيم الفتوى
وقانون تنظيم الفتوى يحدد ضوابط إصدار الفتاوى عبر وسائل الإعلام، ويعمل على حظرها على غير المختصين، كما أنه يحدد الجهات المنوط بها منح تصاريح بالفتوى، وذلك محاولة للتصدي لفوضى الفتاوى الدينية الشاذة والمتطرفة التي انتشرت بشكل مبالغ فيه في الفترة الماضية.
القانون الذي انتهت منه اللجنة الدينية بمجلس النواب هو القانون الذي تقدم به النائب عمر حمروش خلال دور الانعقاد الثاني منذ أكثر من عامين، وفي دور البرلمان الثالث انتهت منه دينية النواب، إلا أنه حتى الآن لم يعرض المشروع على الجلسة العامة لمناقشته وإصداره.
سبب التأخر
السبب الرئيسي في تأخر إقرار القانون هو تقديم هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بعض التعديلات عليه، تضمنت رفضها أن يكون للإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف أي اختصاص بالنسبة للفتوى العامة، مرجعة السبب في رفضها إلى أنها جهة تنفيذية وليست جهة علمية مؤهلة للفتوى، مطالبة بحذفها من القانون.
غضب كبير
هذا الأمر نتج عنه غضب كبير من وزارة الأوقاف التي تمسكت بضرورة وجود إدارتها بالقانون وعدم حذفها، وقامت بتقديم مستندات وأوراق تثبت وجود إدارة للفتوى في الهيكل التنظيمي للوزارة منذ عام 1988، وتمسكت بحقها في الفتوى.
وقد حسمت دينية النواب هذا الموقف باعتماد الأوراق التي قدمتها وزارة الأوقاف، وبالتالي الإبقاء على وجود "إدارة الفتوى بالأوقاف" في مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، لتكون النتيجة الطبيعية هي تحفظ ممثل الأزهر الذي لم يحضر آخر اجتماع للجنة لحسم مشروع القانون، وهو الاجتماع الذى مر عليه أكثر من عام، ومنذ ذلك الوقت لم تقم دينية النواب بفتح أي مناقشات حول المشروع، وأعلنت أنها أعدت تقريرها عنه وعرضته على مكتب المجلس، وأنها حسمت هذا الخلاف، فيما ذهبت بعض مبررات تأخيره لازدحام الأجندة التشريعية.
مواد القانون
القانون شمل مواد عدة تعمل على تقنين عملية الفوى والقضاء على حالة الفوضى التي انتشرت في الفترة الماضية، حيث حظر على أي شخص التصدي للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، أو أي شخص مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، ووفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وعاقب القانون من يخالفه بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وغرامة لا تزيد عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حالة العودة تكون العقوبة هي الحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه.
انتهى الخلاف
قال النائب شكري الجندي، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، إنه في الوقت الحالي لايوجد ثمة خلاف بين الأزهر الشريف وبين وزارة الأوقاف بخصوص قانون الفتوى فجميعها مؤسسات الدولة والجميع يعمل تحت عباءة شيخ الأزهر وهو إمام المسلمين في مصر والوطن العربي والعالم.
وأضاف الجندي أن الدكتور محمد مختار جمعة لا يتوانى لحظة هو ومن معه عن خدمة الوطن، موضحًا أن الخلاف في وجهة النظر تمت تسويتها بمعرفة الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية، مشيرًا إلى أن الأوقاف سيكون لها دورًا لدى اللجنة في قانون الفتوى.
وذكر عضو دينية الأوقاف أنه تم الانتهاء من جميع بنود القانون، ومن المقرر أني تم عرضه على اللجنة العامة للمجلس، مبينًا أنه قبل نهاية دور الانعقاد الحالي من الضروري أن يرى القانون النور، نظرًا لأهمية الكبرى للجميع.
هناك فرق
وبين عضو مجلس النواب أن قانون الفتوى مرتبط بشكل أساسي بالفتوى التي تخص الأوطان والتي إن كانت في غير موضعها تجلب من ورائها الفتن والمتاعب للبلاد، وهذا هو مغزى القانون الأساسي والرئيسي، في حين أن حديث البعض عن أن القانون الحالي سينتج عنه في نهاية المطاف تفريغ قانون الظهور الإعلامي لذوي الفتوى على القنوات الفضائية فهو أمر خاطىء، لأن الظهور الإعلامي مرتبط بشرح مسألة أو أي شيء عن الفقه الإسلامي وهذا يخص رجال الدين، وبالتالي فهناك فرق بين الفتوى والظهور الإعلامي.
وأوضح عضو دينية النواب أن من يظهر في القنوات الفضائية وطبقًا للقانون سيكون لهم رخص من مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف حتى يتم مسألة الجهة المانحة للترخيص ومسألة صاحب الرخصة والقناة أو الصحيفة المستضيفة للشخص.
سبب الخلاف
فيما قال الدكتور جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن السبب الرئيسي في الخلاف بين الأزهر والأوقاف فيما يتعلق بقانون الفتوى حول من يتصدر للإفتاء في الشأن العام ومن يتصدر للإفتاء في الأمور العادية.
وذكر الدكتور طايع أن الأوقاف لديها إدارة عامة للفتوى ولديها أشخاص مؤهلين يفتون، ولكن ليس في الشأن العام لأنه تختص به دار الإفتاء المصرية، مشيرًا إلى أن نقطة الخلاف كانت متعلقة بتجاهل مشروع القانون بشكل شامل لوزارة الأوقاف، خصوصًا وكما قلت سابقًا أن هناك إدارة عامة للإفتاء بالوزارة وبالتالي فهي شريكه في الفتوى في الأمور الحياتية اليومية، ولكن ليس في الشأن العام المرتبط بالإفتاء.
ضم القانونين
وتابع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف أن الخلاف تم تجاوزه، ولكن لازال القانون في طور النقاش بالبرلمان، موضحًا أن القانون هام جدًا لأنه سيقنن بشكل شامل عملية الفتوى في ظل انتشار غير المتخصصين وسيضيق عليهم الخناق بشكل كبير، خصوصًا وأن البعض امتهن الأمر كصنعة دون اللجوء إلى قواعد الدين.
وذكر طايع أن الأوقاف من رأيها أن يتم ضم قانون الظهور الإعلامي لرجال الدين مع قانون الفتوى حتى لا يكون هناك تشعب وكثرة للقوانين، وهذا هو الأفضل لتحقيق مصلحة الجميع.
أثار الجدل
فيما قالت الدكتورة، أمنه نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهر بالإسكندرية، إن قانون الفتوى في رأي خالي من الحكمة، لأننا نمتلك الكثير من القوانين التي عندما تريد تطبيقها على أرض الواقع تجدها فاشلة وغير مجدية وهذا القانون ينطبق عليه ما أقول.
وأضافت نصير أن السبب في ذلك هو أن الفتوى يجب ألا يتقدم لها إلا من هو من أهل الاختصاص، أما القانون فهو يعتمد على اختيار "س" وترك "ص"، فكانت النتيجة أنه أوجد نوع من الجدل أكثر من النفع الذي قدمه لقضية الفتوى بشكل عام.
حسن الاختيار
وتابعت أستاذ العقيدة والفلسفة أن الأوقاف أو الأزهر كلهم من خريجي جامعة واحدة وثقافة واحدة، لكن الاختلاف في العمل على أرض الواقع، موضحة أن ذلك القانون أثار غيظ الكثير من الوعاظ.
وأكدت أن الحل العملي لهذه القضية يكمن في الشخص الذي تطلب منه الفتوى، وهذا الأمر مرتبط بالجمهور، فعندما يختار شخص ما يستفتيه في قضية من قضاياه عليه أن يحسن الاختيار.