شرعنة الاستيطان أمر أصبح واقعًا فرضته الولايات المتحدة الأمريكية، بقرار من البيت الأبيض، وسط حرب أطلقتها إسرائيل ضد قطاع غزة، لاغتيال بعض القيادات بجماعة الجهاد، وهذه الحرب قد تكون خدعة تقوم بها تل أبيب من أجل التمهيد للسيطرة على فلسطين كاملة دون تدخل عالمى، وبذلك خلقت الولايات المتحدة عدة أزمات فى الداخل الفلسطينى من أجل الوصول إلى هدف معين وهو "صفقة القرن".
من جانبه، قال رأفت حمدونة المختص بالشأن الإسرائيلى، إنه لا يمكن فصل قرار واشنطن بشأن شرعنة المستوطنات فى الضفة الغربية عن مسيرة طويلة من الدعم والمساندة السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية لتل أبيب منذ نشأتها حتى اللحظة، وخاصة في الوقت الحالي حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تهيئة المناخ لصفقة القرن.
وتابع: "بالرغم عن أن الظاهر فى صفقة القرن اقتصادى فقط إلا أن هناك الكثير من الأمور الخفية عنها، لذلك الدعم الأمريكى الإسرائيلى ثابت، وقد اتضحت تلك السياسة بشكل غير مسبق وتعدت المحرمات الدولية فى عهد الرئيس ترامب، فالولايات المتحدة الأمريكية طوال مسيرتها منحازة وداعمة لدولة الاحتلال على حساب القضايا العربية، فأمريكا استخدمت الفيتو عشرات المرات ضد قرارات مجلس الأمن التى تدين إسرائيل".
وأكد أن هذا التحالف له جذوره العميقة بوجود ملايين اليهود فى الولايات المتحدة وإمكانات اللوبى الصهيونى وضغوطه وتأثيره ونفوذه بالوسائل المالية والإعلامية الكفيلة بتحقيق أهداف إسرائيل على الساحة الأمريكية، وتجميل تلك المساندة بنشر الدعاية أن إسرائيل أمة ديمقراطية ومجتمع يفيض بقيم الحرية وثقافة الغرب الديمقراطية إسرائيل وسط أنظمة معادية، والتشابه فى حالة إسرائيل وأمريكا كأمة مهاجرين، مع وجود عشرات الملايين من المسيحية البروتستانتية المؤازرة لإسرائيل والمؤمنة بالعهد القديم "التوراة" إيمانها بالإنجيل.
واستطرد: "جميع تلك المبررات وغيرها من المصالح الكولونيالية الاستعمارية للدولتين وقوتهما العسكرية ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية السياسى يجعلهما يتعاملا مع قراراتهما فوق القانون والاتفاقيات الدولية والقانون الدولى الإنسانى بما فى ذلك قضية الاستيطان، والغريب أن القرار يتناقض مع القانون الأمريكى لعام 1978، والذى ينص على أن واشنطن تعتبر المستوطنات "انتهاكا للقانون الدولى".
وأوضح أن القرار سيشجع دولة الاحتلال لارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق الشعب الفلسطينى، وسيعزز الرؤية الإسرائيلية فى كل ما يتعلق بالأطماع والأساطير اليهودية فى الضفة، وستعمل على ارتفاع الأصوات الإسرائيلية الداعية، فى الآونة الأخيرة، إلى "فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة والتى تستند وفق رؤية رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، عاموس يدلين إلى دوافع أيديولوجية تتعلق بحق الشعب اليهودى فى أرض إسرائيل الكبرى، وفق ادعائه.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال فى ظل الانشغال العربى بقضاياه الداخلية، والواقع الفلسطينى فى ظل الانقسام، تحاولان إنجاز الكثير من القضايا على الأرض كإحباط مشروع حل الدولتين، وما يترتب على هذا الخيار من قضايا سياسية واقتصادية، وبالفعل فى نهاية المطاف تلك القرارات هى جزء من أطماع إسرائيل وأحلامها فى إطار ما تسمى بصفقة القرن التى لن تنجح على الأرض مهما بلغت الوعود والقرارات السياسية النظرية والدبلوماسية،
ونوّه أن دولة الاحتلال تختلق الأزمات الميدانية لتحقيق أهداف استراتيجية، واستثمرت وحاكت السياسة الأمريكية فيما يتعلق بقضايا الإرهاب والمصالح المشتركة حتى صعيد التحالفات مع غير الولايات المتحدة الأمريكية، وما يحدث فى غزة وغير غزة من إيجاد أزمات متتالية تهدف لشغل العالم عن جرائم الحرب التى يقوم بها الاحتلال من استيطان وعمليات إعدام الفلسطينيين ومصادرة الأراضى ونهب الضفة وتوحيد القدس وتوسيع مشروعها وفق أساطيرها وأحلامها الدينية والتوراتية والسياسية.