انطلق منذ قليل مؤتمر"دور المرأة في مرحلة ما بعد النزاعات" والذي تنظمه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع كل من الاتحاد الأوروبي وبرنامج المتحدة الإنمائي لبحث وسائل تعزيز دور المرأة في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع في دول المنطقة.
ويناقش المؤتمر في ظل ما تشهده المنطقة العربية من أزمات في اليمن وسوريا وليبيا ومناطق الصراع الأخرى، كيفية تفعيل القرارات الدولية ذات الصلة لتعزيز مشاركة النساء في المنطقة العربية في عمليات السلام ومراحل التعافي وإعادة البناء، ويهدف إلى الخروج بتوصيات محددة من خلال تبادل الخبرات والدروس المستفادة وأفضل الممارسات على الصعيدين الوطني والإقليمي والدولي.
وجاءت كلمة السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كما يلي:
معالي السادة الوزراء ،
السيد السفير/ إيفان سركوش - سفير الإتحاد الأوروبي بالقاهرة ،
السيدة/ فرانسيس جاي - ممثلة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ،
السيدات والسادة ،
اسمحوا لي أن أنقل لكم تحيات معالي السيد/ أحمد أبو الغيط – الأمين العام لجامعة الدول العربية وتمنياته التوفيق والنجاح للمؤتمر ، كما إسمحوا لي أن أعبر عن سعادتي بالمشاركة في هذا المؤتمر والذي يأتي ختاماً لأكثر من ثلاثة أعوام من العمل المشترك بين جامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إطار مشروع مشترك لتعزيز قدرات الأمانة العامة في مواجهة الأزمات في المنطقة العربية. كما يمثل هذا المؤتمر جزءاً من جهود الدول العربية والأمانة العامة المستمرة لدعم دور المرأة بصورة عامة وخلال النزاعات المسلحة والحروب بصورة خاصة.
أصحاب المعالي.... السيدات والسادة ،
تتفق الأدبيات المعنية بقضايا النوع الاجتماعي على أن المرأة تواجه أشكالاً متعددة من المعاناة خلال النزاعات المسلحة منها ما هو اجتماعي نتيجة لعمليات النزوح والهجرة والتفكك الأسري، ومنها ما هو اقتصادي نظراً لارتباط الحروب بالفقر والبطالة خاصة في حالة فقدان الزوج أو المعيل. كما تمتد هذه الآثار أيضاً لتشمل آثاراً نفسية وجسدية نتيجة ما تتعرض له المرأة من عنف وتعذيب واستغلال واغتصاب في بعض النزاعات. وفي السياق العربي، واجهت المرأة العربية في السنوات الأخيرة معاناة كبيرة في ظل ما تشهده بعض بلادنا العربية من نزاعات مسلحة.
ولعل الممارسات التي انتهجتها المنظمات الإرهابية ضد المرأة في منطقتنا واستهدفت من خلالها النساء لتوضح بجلاء الدرجة التي وصلت إليها هذه الانتهاكات في منطقتنا. فقد اتبعت هذه المنظمات ممارسات ممنهجة من سبي واسترقاق واغتصاب وزواج قسري وحبس واعتقال وتعذيب وخطف. كما يظل حاضراً أمام أعيننا معاناة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي يرسم أبشع صورة في سجل انتهاكات حقوق الإنسان لما يقوم به ضد الشعب الفلسطيني بصورة عامة والمرأة الفلسطينية بصورة خاصة.
وبالرغم من هذه معاناة المرأة خلال مرحلة النزاع المسلح، فإنه يتم تجاهل دورها في الأنشطة والبرامج التي يتم تنفيذها في مرحلة ما بعد النزاع. فالإحصائيات تشير إلى أن نسبة مشاركة المرأة متواضعة في عمليات التفاوض الخاصة بعمليات السلام، وعمليات نزع السلاح والتسريح والإدماج، وعمليات إعادة الإعمار والبناء الاقتصادي في مرحلة ما بعد انتهاء النزاع.
وقد هدف قرار مجلس الأمن الهام رقم (1325) لعام (2000) إلى إصلاح هذا الخلل، وحث الدول على زيادة تمثيل المرأة في المؤسسات الوطنية والإقليمية وآليات منع نشوب الصراعات وإدارتها وحلها. كما تبع ذلك العديد من القرارات التي هدفت جميعها إلى حماية المرأة خلال النزاع وتعزيز الدور الذي تقوم به بعد انتهاءه. كما قامت جامعة الدول العربية من جانبها بمجهودات كثيرة لتعزيز دور المرأة وحمايتها منذ إنشاء لجنة المرأة العربية عام 1971، وإعداد الإستراتيجية الإقليمية وخطة العمل التنفيذية المعنونة " حماية المرأة العربي: الأمن والسلام"، وأيضاً إنشاء لجنة طوارئ لحماية النساء أثناء النزاعات المسلحة بالمنطقة العربية والتى تجتمع عند تفاقم الأحداث ضد النساء في مناطق النزاعات في المنطقة العربية، وتتكون عضويتها من الدول الأعضاء وأصحاب الخبرة المتخصصين في مجال حماية المرأة أثناء النزاعات المسلحة على المستويين الإقليمي والدولي. وأخيراً بدء المناقشات لتأسيس الشبكة العربية لوسيطات السلام التي تسعى إلى تعزيز مشاركة النساء في عمليات الوساطة.
معالي السادة الوزراء ،
السيدات والسادة ،
ينعقد مؤتمرنا اليوم في ظل تطورات عصيبة تشهدها منطقتنا استمرت لسنوات عده، واجهت خلالها المرأة العربية صنوفا من المعاناة، وحاولت قدر طاقتها أن تقاوم وتقوم بدور فاعل في عمليات التفاوض والوساطه والحماية ، كما واصلت النساء ضغوطهن لإصدار تشريعات تسبغ المزيد من الحماية للنساء والفتيات والأطفال. وقد أدى ذلك إلى صدور إصلاح تشريعي تضمن تجريما لبعض ممارسات العنف التي لم تكن مجرمة، وتشديدا لعقوبات المنزلة على بعض تلك الممارسات، كما هو الحال بالنسبة للتحرش وتزويج القاصرات. وقد أثمر الضغط الذي مارسته النساء في الساحة التشريعية والسياسية ثمارا واضحة على مستوى توسيع نطاق الحماية وتعزيزها كما وكيفا. وكنتيجة لجهود النساء المجتمعية، صاغت بلدان عربية، مثل لبنان، استراتيجيات للوقاية من التطرف، ودمجت منظار النوع الاجتماعي في هذه الاستراتيجيات دمجا واسع النطاق. كما أصدر عدد لا بأس به من البلدان العربية خطة العمل الوطنية تنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم 1325 لسنة 2000. وهذا يشمل فلسطين والعراق والأردن تونس ولبنان.
ومع ترقب منطقتنا لانتهاء هذه المرحلة الصعبة والانتقال لمرحلة ما بعد النزاع، نري ضرورة تخطي فكرة استصدار قرارات دولية جديدة تدعم دور المرأة، والتركيز على عدة محاور منها الاستمرار في عملية الدمج والتأسيس على المستوى الوطنى، ومنح النساء دور أكبر في نظم الإنذار المبكر ومنع الحروب. كما يجب اشراك النساء في عمليات السلام، وبناء السلام، وإعادة الإعمار والمراحل الانتقالية التي تشهدها هذه المجتمعات في فترات ما بعد الصراعات.
كما تعتبر قضية تعزيز قدرات المرأة اقتصاديا بعد انتهاء الصراع من القضايا الهامة اتي يجب أن تحظى على اهتمام المجتمع الدولي بصفة عامة ومنطقتنا العربية بصورة خاصة خلال عمليات بناء السلام وصياغة برامج التنمية المستدامة. ويجب في هذا الصدد دمج منظور النوع الاجتماعي في برامج التعاون الاقتصادي بالإضافة إلى تأهيل وتدريب النساء لزيادة فرصهن في تحسين أوضاعهن الاقتصادية.
ونرى أيضا أن تتضمن استراتيجيات تعزيز دور المرأة بعد انتهاء النزاع جزءاً خاصا يتعلق بتكثيف برامج التدريب الخاص بمشاركة النساء في الأنشطة المختلفة، وصياغة برامج تدريبية للأجي.