استضافت جامعة المنيا الدكتور وسيم رشدي السيسي عالم المصريات المرموق والباحث في تاريخ مصر القديم، في ندوة بعنوان "مصر التي لا تعرفونها"، لتثقيف ورفع وعي طلاب الجامعة بأصالة الماضي وعظمة الحضارة المصرية، وذلك بالقاعة الكبرى بمركز الفنون والآداب والمؤتمرات بالجامعة، بحضور الدكتور محمد جلال حسن، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور هاني العربي مستشار رئيس الجامعة للأنشطة الطلابية، والقيادات الأمنية والتنفيذية، والعقيد محمد الكردي، مدير إدارة التربية العسكرية بالجامعة، ولفيف من عمداء الكليات ووكلائها، وأعضاء هيئة التدريس، وطلاب الجامعة.
بدأ الدكتور وسيم السيسي حديث ندوته قائلًا: "إذا كنتم لا تعرفون مصر فأنا كنت أول من لم يعرفها، وهذا بعد أن انتابتني عدة صدمات حضارية أثناء كتابتي بجريدة الجارديان البريطانية، وشعرت بالفخر خلال كتابتي عندما علمت بأن الحضارة الأوريبية أخذت من الحضارة اليونانية التي تتلمذت على يد الحضارة المصرية أصل الحضارات، فشعرت بقيمة مصر ومكانتها"، مضيفًا أن صدمته الأخرى حدثت له أثناء حضوره في مجلس العموم البريطاني حينما سمع القاضي يتحدث بكلمة مصرية أصيلة وهي "ليس على رأسه ريشة" وفوجئ بأن الريشة هي ريشة "معت" ربة العدالة التي اختارها المصري القديم من النعام لتساوي جنبيها رمزاً لتحقيق العدالة والمساواة بين فئات الشعب ".
واستطرد الدكتور وسيم السيسي حديثه: "ما حدث في العراق وسوريا من نهب وسرقة للحضارة البابلية والآشورية وفقدهما لدليل حضارتهما، وهو ذاته ما حدث في مصر أثناء اندلاع ثورة 25يناير، وما ترتب عليها من تعرض المتاحف المصرية والأثرية للسرقة"، موضحا أنها كانت محاولات تهدف إلي تزييف تاريخ الشعوب وفقدها لدليل تقدمها وحضارتها أمام أجيالها القادمة.
وسرد المحاضر توضيح مسميات بعض المصطلحات الدارجة كتسمية ملوك مصر القديمة بالفراعنة، موضحًا أنها صفة لملوك الهكسوس الذين احتلوا مصر لمدة مائتين عام، مضيفًا أن لوحة النصر لـ"ميرت بتاح" الأبن الثالث عشر لرمسيس الثاني التي ذكر فيها أن فلسطين هي أرملة مصر، وأنه حررها من قبائل يسريارالتي كانت تحتلها، هي إحدى الأكذوبات الكبرى التي رُوجت لها الصهيونية.
كما تحدث المحاضر عن عظمة بناء الأهرامات وما تحتويه من طاقة غير معروفة، مؤكدًا أنه لم يكن غرض المصريون من بنائها أن تكون مقابر وأنه لم يعثر بها على أية مومياوات، وإنما هي كانت مرصداً فلكياً ومصدراً لطاقة هائلة استطاع المصريون من خلالها شطف حجر الجرانيت بدقة اطلق عليه العلماء بأنها "دقة عصر الفضاء"، متناولًا أيضًا التقويم الفرعوني ودقته الفائقة، وموضحًا أن العلم الحديث أثبت أنه الأصح فلكيًا.
كما تحدث الدكتور وسيم السيسي عن الإعجاز في طب عند القدماء المصريين، داعيًا كليات الطب أن تضع شارة امنحوتب بديلًا لأبقراط، كأحد نوابغ الطب في عصرالمصريين القدماء، والتي كشفت بردياته الحجب عن غبار التاريخ عن علومه في طب نبض القلب، وحالات قرحة الأثنى عشر، واكتشاف البلهارسيا وعلاجها، والتوصل إلى الخيوط الجراحية من صناعة أوتار الهارب والقيثارة من أمعاء القطط، وتشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة، وأمراض القلب والمخدر الموضعي، وإنشاء أول جامعة للطب باسم "بيت الحياة".
وتابع: "أن الطب المصري القديم أول من جعل مهنة الطب وأجر الطبيب مسئولية الدولة، حيث كان الطبيب حينها يرد جميع الهدايات التي تُهدى له إلى "بيت الحياة"، مستشهدًا بما يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي الآن بالتأمين الشامل للطب في مصر والذي بدأ تنفيذه بمحافظة بورسعيد، وذلك بوضع حاجز بين جيب الطبيب والمريض، مؤكداً بأن الطبيب الجائع أشد خطرًا على المجتمع من المنحرفين.
وفي نهاية حديثه دار نقاشًا مع المحاضر وطلاب الجامعة حول محاولات عودة تمثال نفرتيتي إلى مصر، ومؤثرات زهرة اللوتس الفرعونية في العلوم الحديثة، وزمن بناء الأهرامات، ولعنة الفراعنة، مختتماً ندوته بكلمة العالم الفرنسي الشهير " جان فرانسوا شمبليون" الذي فك رموز اللغة المصرية القديمة، واصفًا عظمة الحضارة المصرية، حينما قال: "يتداعى الخيال ويسقط بلا حراك تحت أقدام الحضارة المصرية القديمة".