مشهداً لم تعتاد عليه الولايات المتحدة من قبل، فبالرغم من أن مجلس النواب الأمريكي حاول من قبل عزل رؤوساء إلا أن تلك المحاولات لم تكن كما يحدث مع الرئيس الحالي دونالد ترامب، فالإجراءات اتخذت طابع جاد خلال مرحلة النقاش بعد انطلاق جلسات التحقيق، لبحث حقيقة ما إذا كان ترامب قد مارس ضغوطاً لدفع أوكرانيا للتدخل في مسار الانتخابات الأمريكية 2020.
وشهد مساء الأربعاء الماضي، جلسة ساخنة داخل مجلس النواب الأمريكي، وخاصة بين النواب الديمقراطيين، وكان العنوان الأبرز لها حول ما إذا كان ترامب قد استغل سلطته وقام بدعوة أوكرانيا للتدخل في انتخابات البيت الأبيض.
الضغط نقطة البداية لفتح التحقيق
تعود الوقاعة، حينما تقدمت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، منتصف شهر أكتوبر الماضي، بطلب فتح تحقيق لمساءلة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نتيجة الضغط من داخل الحزب الديمقراطي، سعياً وراء إقالة ترامب.
فمكالمة أجراها الرئيس الأمريكي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، زعم أعضاء الحزب الديمقراطي أنها تضمنت المطالبة بالضغط على جو بايدن المنافس الأقوى لترامب على رئاسة البيت الأبيض.
اجراءات العزل
وفقاً لما أكدته رئيسة مجلس النواب الأمريكي، أن هناك 6 لجان تحقق في المخالفة التي ارتكبها الرئيس الأمريكي، وبناءً على نتائج التحقيق يمكن لللّجنة القضائية صياغة واعتماد مواد المساءلة ضد ترامب، ومنها ستقدم إلى مجلس النواب لإجراء عملية التصويت، ما إذا تم اعتمادها، ومن ثم سيكون على مجلس الشيوخ الأمريكي البدء في اجراء محاكمة، ولفتت إلى أن الأمر يتطلب أغلبية التصويت بثلثي الأعضاء لإدانة ترامب وعزله.
يذكر أن عملية عزل ترامب، أمراً يتطلب انشقاق حوالي 20 نائبا من أعضاؤ مجلس اليوخ الجمهوريين، حزب ترامب نفسه.
لجنة المخابرات تصدم ترامب
وجهت لجنة المخابرات داخل مجلس النواب الأمريكي، صدمة كبيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد أعلنت عن أن هناك من يرغب في الإدلاء بشهادته، أمراً من شأنه أن يعلم الجميع تفاصيل الادعاءات ضد ترامب، بجانب اكتشاف أدلة ومعلومات إضافية حول القضية.
ووافق مجلس الشيوخ على القرار الذي يدعو البيت الأبيض إلى تسليم تقرير المبلغين عن مخالفات الرئيس الأمريكي، وفقاً للتصويت من قبل الأعضاء.
هل ينجح النواب في عزل ترامب؟
في الوقت الذي أكد العديد من أنصار الرئيس ترامب، على ضرورة أن يركز الكونجرس على مجموعة ضيقة من المخالفات ضد ترامب، خوفاً من توسع نطاق التحقيقات الخاصة بالمساءلة، والتركيز على المخالفات منذ تولي ترامب منصب رئيس البيت الأبيض.
لكن المؤشرات تؤكد أن الكونجرس سيعمل على التحقيق في مختلف المخالفات ضد ترامب وعلى رأسها الربح الشخصي وانتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية وتحويل الأموال لبناء جدار حدودي، ما يجعله في مأزق حقيقي قد ينتهي الأمر بعزله من منصبه.
ولن يغفل الكونجرس التهم الآخرى المتمثلة في عرقلة العدالة وإساءة استخدام السياسة الخارجية، بالاضافة إلى تضليل الشعب الأمريكي، ناهيك عن محاولات ترامب لعرقلة تحقيقات الكونجرس.
مخاوف تكرار سيناريو "كلينتون"
تحفظات مجلس النواب الأمريكي وخاصة رئيسته نانسي بيلوسي، بعد تقرير مولر لم تكن من فراغ، حيث تخشى بيلوسي من تشتيت صفوف الديمقراطيين، الأمر الذي قد يساهم في انتخاب ترامب لفترة رئاسية ثانية.
وأشارت استطلاعات الرأي أن 38.5 في المائة من الأمريكيين يفضلون مساءلة ترامب بينما يرفضها 55.7 في المائة، خوفاً من تكرار سيناريو الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، حيث صاحبة اجراءات عزله نتائج عكسية خاصة على الجمهوريين الذين تكبدوا خسائر فادحة في الانتخابات التالية، لكن تلك المخاوف تراجعت وخاصة داخل الحزب الديمقراطي.
مواد العزل طبقاً للدستور الأمريكي
وفقاً للدستور داخل الولايات المتحدة، فإن الخيانة والرشوة والجرائم الكبرى والجنح، فقد اتهم أندرو جونسون بخرق القانون من خلال إقالة إدوين سانتون، وزير الحرب الأمريكي، في أعقاب الحرب الأهلية، كانت كالقشة التي قسمت ظهر البعير.
واتهم بيل كلينتون بعرقلة العدالة والحنث باليمين بزعم الكذب تحت القسم أمام هيئة محلفين فيدرالية كبرى حول علاقته مع مصممة الأزياء مونيكا لوينسكي.
وكان مجلس الشيوخ الأمريكي قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة بالرئيس ريتشارد نيكسون، بتهم متعددة كعرقلة العدالة وإساءة استخدام السلطة، ولكن نيكسون قدم استقالته قبل أن يتخذ مجلس الشيوخ اجراء عزله.