قال الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق، إن مصر حاولت عبر تاريخها التحول من العصور القديمة إلى العصور الحديثة، مشيرًا إلى أن محمد على حاول الخروج بمصر لمصاف الدول المتقدمة، وأن مصر الآن تحاول مرة أخرى التنمية واللحاق بركب التقدم، وأنها قد تكون المحاولة الأخيرة لأن العالم يتحرك بسرعة.
وأضاف سعيد، خلال ندوة بجامعة القاهرة تحت عنوان المحركات العشرة للمستقبل المصري، بحضور رئيس الجامعة الدكتور محمد عثمان الخشت، أن أحد أهم شروط النقلة الكيفية هو طريق السلمية الإستراتيجية وتجنب الدخول في صراعات خارجية، مشيرًا إلى أن الدول المتقدمة مثل الصين واليابان وكوريا وماليزيا، ركزت على البناء الداخلي لها وابتعدت عن الصراعات الخارجية، وكانت تسعى للنهوض والتقدم بالحد الأدنى الممكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها، موضحًا أن مصر كانت على العكس من ذلك حيث دخلت في العديد من الحروب الخارجية مثل حرب فلسطين وحرب الاستنزاف 67، وغيرها من الحروب.
وأوضح سعيد، أن مصر اختارت طريقها بعد 30 يونيو أن تكون مسيرة التنمية القائمة في إطار نحو 10 محركات تنطلق من رؤية مصر 2030 وأهمها 5 محركات ذات طبيعة مادية لها علاقة بتعبئة الموارد وعناصر القوة وهي، محرك الكمون الاستراتيجي الذي يعني الهدف الرئيسي للدولة وهو التنمية والنمو إلى آفاق الدول التي تسير في مصاف التقدم، يليها تغيير الخريطة أو الجغرافيا التنموية المصرية من التمحور حول نهر النيل بالانتقال من النهر إلى البحر مثل تنمية محور قناة السويس، وفتح الطريق أمام الكتلة السكانية في الدلتا للانتقال إلى سيناء والتوسع في نطاق الصعيد باتجاه البحر الأحمر ثم محرك اختراق الأراضي المصرية من سيناء إلى الصحراء الغربية، متمثل في إقامة المدن الجديدة والأنفاق والطرق لربط البلاد بعضها ببعض، ومحرك إدارة الثروة وليس إدارة الفقر سيرًا على نماذج الدول المتقدمة، يليه التنمية من أجل التصدير، يليها 5 محاور تقوم علاقتها على الاستخدام الأمثل للمحركات السابقة وهي، والتفكير الحداثي والمعاصر في النظرة الى الانسان والآخر، ثم القيام بثورة تشريعية كبرى، يليها تجديد الفكر الديني، ومحرك المشاركة السياسية والفكرية للدولة، وفي النهاية تركيب وتحريك الخريطة الادارية لمصر.
ولفت دكتور عبد المنعم سعيد، إلى أن القدرة الإستراتيجية تدعم عملية التنمية الاقتصادية التي لم يعد من الممكن تأجيلها، مع التركيز الداخلي على بناء الدولة، فالبناء الداخلي هو حجر الأساس لبناء مصر وتحقيق أهدافها الداخلية والخارجية.
وعلق الدكتور محمد عثمان الخشت، على المحركات العشرة للمستقبل المصري التي تناولها الدكتور عبد المنعم سعيد، قائلًا أنها تتمثل في الكمون الاستراتيجي والذي يستلزم معرفة كل شخص لقدراته، حيث تبني مصر الآن نفسها داخليًا، وهذا لا يتم بالشعارات والمواعظ ولكن بالتنمية، مؤكدًا ضرورة أن تعرف مصر قدرتها وحدودها.
وأوضح رئيس جامعة القاهرة، أن المحرك الثاني للتنمية يتمثل في تغيير الخريطة الجغرافية المصرية، حيث أن مصر منذ عهد الملك مينا دولة مركزية حول نهر النيل، لافتًا إلى أنه منذ توليه رئاسة الجامعة كان من أولى اهتماماته التحول من المركزية الى اللامركزية وتوزيع سلطة اتخاذ القرار، والتي نجحت الجامعة في تحقيقها بنسبة 60%.
وتابع الدكتور محمد الخشت، أن علينا التوسع في الصحراء الغربية، مؤكدًا أن المحرك الرابع للمستقبل المصري الذي ذكره الدكتور عبد المنعم سعيد يركز على التنمية من أجل التصدير، يليه محرك القوى الناعمة من خلال الاهتمام بالصحة والتعليم والثقافة والتفكير، لافتًا إلى أننا في الدول العربية لدينا الحداثة شكلية في الملبس والمأكل فقط، حيث مازلنا ماضويين.
وأوضح أن المحرك السادس هو الثورة التشريعية، ثم محرك تجديد الفكر الديني لأن طريقة تفكيرنا في مصر لن تتغير إلا بتغيير طريقة التفكير الديني وذلك من خلال تتبع خطوات أساسية، منها الاستفادة من العقل النظري المعرفي القائم على الاستدلال، والعقل الديني، وتحرير مراكز الوجدان، وإصلاح طرق التعامل مع الآخرين، والعقل العملي المتعلق بالتجربة، ثم محرك المشاركة السياسية، وفي النهاية أكد على إعادة تركيب الخريطة الاقتصادية والتحول من المركزية إلى اللامركزية.