في معركتها الثالثة خاضت القائمة العربية المشتركة الانتخابات الإسرائيلية للكنيست، في دورتها الثانية والعشرين، بأطرافها الأربعة، المتمثلة في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التي تمثل الجانب الأكبر من القائمة، حيث يكون منها زعيم القائمة العربية في الكنيست، أيمن عودة، والحركة العربية للتغيير، حزب التجمع الوطني الديمقراطي، القائمة العربية الموحدة، ورغم الخلافات التي واجهت القائمة خاصة في الفترة الأخيرة السابقة لانتخابات الإعادة الإسرائيلية، التي جرت فى أبريل من العام الحالي، إلا أنها حصلت على 13 مقعد داخل الكنيست، لتكون بذلك الكتلة الثالثة من حيث الاستحواذ على المقاعد داخل البرلمان الإسرائيلي، وهذا قد يؤهلها إلى التمكن من زعامة المعارضة الإسرائيلية داخل الكنيست.
منافسة برلمانية
ما جعل هناك تنافس بين الحزبين الأكبر داخل البرلمان "الليكود" و"أزرق أبيض"، لضمهم إلى صفوفهم من أجل السيطرة على الحياة البرلمانية والسياسة داخل إسرائيل، خاصة في تشكيل الحكومة، وهذا بدوره جعل للقائمة ثقل في الأوساط السياسية، مما يجعل لها صوت مسموع في العمل على حل القضايا التي تغرق الفلسطينيين.
وقد وضع الشعب الفلسطيني الكثير من الآمال على أعضاء القائمة الذين يمثلونهم داخل الكنيست في حل القضايا التي تواجهم خاصة زحف الاستيطان على الأراضي المحتلة، الذي بدأه حزب الليكود ذات الاتجاه اليميني المتطرف، والوصول إلى تسوية في مشكلة المعتقلين في سجون الاحتلال، ولكن مع كل هذا الجهد والوصول إلي درجة قوية في البرلمان الإسرائيلي، إلا أن هناك الكثير من العوائق التي تنتظر القائمة لعل أبرزها اليمين المتطرف.
وفي ظل ما تشهده القائمة من تطور في العملية السياسية بإسرائيل، يعلق الشعب الفلسطيني الكثير من الطموحات والآمال على القائمة المشتركة، للوصول إلى حلول شبه جذرية في المشاكل التي يواجهها.
تلعب على أوتار المصلحة
أوضح الدكتور رأفت حمدونة المختص بالشأن الإسرائيلي، أن فلسطينيى الداخل المحتل يعيشون أوضاع صعبة لمجرد كونهم عرب وفلسطينيين متشبثين بأرضهم ومدافعين عن حقوقهم فى دولة عنصرية، رغم كل محاولات التسويق أنها الدولة الأكثر ديمقراطية وحقوق إنسان فى المنطقة، وفى ظل تلك الظروف نشأت القائمة العربية المشتركة وأعلنت عن أهداف واضحة.
وفسر رأفت حمدونة الهدف الأول للقائمة المشتركة، التي ترى أن تعريف الفلسطينيين ينطلق من كونهم سكّان البلاد الأصليين، وتطالب القائمة المشتركة بالاعتراف بهم كأقلية قومية ذات حقوق جماعية، وبحقهم بإدارة ذاتية لشؤونهم الثقافية والتعليمية والدينية، ويؤكدون على أنهم جزء فاعل لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والأمة العربية، من حيث انتمائهم الوطني والقومي والحضاري والثقافي.
أما الهدف الثاني ترى القائمة المشتركة أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يستند إلى الشرعية الدولية، من خلال إنهاء الاحتلال لكل المناطق المحتلة عام 1967، وإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
وعن الهدف الثالث قال إن القائمة العربية تنادي القائمة بضمان المساواة القوميّة والمدنيّة في كافّة المجالات، وتضع ضمن أولوياتها العمل على مناهضة العنصرية وتحقيق العدالة الاجتماعيّة، ومحاربة الفقر والبطالة.
أما عن تأثير القائمة على نظام البرلمان الإسرائيلي والعقبات التي يمكن أن تواجها داخل الكنيست، أكد حمدونة أن هناك عقبة مهمة وهى أن الأحزاب اليهودية الإسرائيلية تجمع على مفهوم يهودية الدولة، وقانون العودة لليهود فقط، مضيفا أن الأحزاب الإسرائيلية تتعامل جميعها أن انتماء العرب الفلسطينيين فى إسرائيل وولاءهم ليس لإسرائيل وإنما للفلسطينيين والعمق العربي.
وعن تأثيرها على مجريات السياسة الإسرائيلية، قال الدكتور رأفت، إن الجميع في إسرائيل يجمع على عدم منح الفلسطينيين صلاحيات التأثير ويعتقدون أن أى ائتلاف يجب أن لا يضم العرب، وعلى الجانب السياسى فى ظل المقدمة أعلاه قد يكون من الصعب التاثير فى السياسة الإسرائيلية العامة، ولكن ممكن أن يؤثروا فى بعض القضايا التي تأخذ أبعاد اجتماعية خدماتية على صعيد قضاياهم المحلية، وسابقا كان لهم تأثير سياسى فى زمن حكومة إسحاق رابين، مضيفا أن فى ظل الائتلاف اليمينى المتطرف الذى رأسه نتنياهو لفترة طويلة كان تأثيرهم محدود بسبب القولبة السلبية باتجاههم من قبل غالبية الاحزاب اليهودية.
فيما يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عن تزعم القائمة للمعارضه الإسرائيلية بصفتها الكتلة الثالثة الأكبر بالكنيست، أن قرار القائمة المشتركة بتوصية ترشيح "جانتس" لرئاسة الحكومة يأتى فى سياق تحقيق بعض المكاسب للمجتمع الفلسطينى بالداخل من خلال الاتصالات المباشرة التي أجرتها مع قيادة حزب أزرق أبيض، من خلال تقديم ورقة مطالب تخص الفلسطينيين، حيث أن يوجد الكثير من الشخصيات والأحزاب الإسرائيلية ارتكبت عدد من الجرائم بحق الشعب الفلسطينى.
وأكد رأفت حمدونة أن القائمة العربية لن تسطيع تزعم المعارضة فى الكنيست الإسرائيلى، ولن تسمح الأحزاب بذلك حتى لو كانت الحزب الثالث فى عدد الأصوات ولكنها ستقوم بكل تأكيد بدور المعارضة للسياسات العنصرية لأى حكومة قادمة، وسيكون لمعارضة القائمة ثقل فى حال كانت الأحزاب غير المشاركة فى الحكومة تشكل معارضة واسعة، لذا تأثيرها سيتعزز بمعارضة أحزاب يهودية آخرى لها أهداف وبرامج وأجندة خاصة بها قد تتقاطع مع تطلعات القائمة العربية المشتركة وهنا سيبرز دورها وثقلها.
واستطرد فى ظروف محددة تتقاطع فيها معارضة الأحزاب اليهودية على أهداف متباينة وغير منسقة، مضيفاً أن فى كل الأحوال حصول القائمة العربية المشتركة فى الكنيست الإسرائيلى بـ ١٣ مقعد إنجاز كبير لا يمكن التقليل من أهميته، وسيكون عامل إزعاج حقيقى لأى حكومة قادمة ستمس بالحقوق الفلسطينية، ومؤشر قوى على أصالة وجذور الحق الفلسطينى فى أعماق التاريخ.
وعن الإمتيازات التي يمكن أن تحصل عليها القائمة بعد دعم "بيني جانتس" وحزب أزرق أبيض، أوضح حمدونة أن توصيات القائمة بترشيح جينتس لرئاسة الحكومة يأتى فى سياق تحقيق بعض المكاسب للمجتمع الفلسطينى والقضية الفلسطينية من خلال الاتصالات المباشرة التي أجرتها معها قيادة حزب أزرق أبيض، من خلال تقديم ورقة مطالب تخص الفلسطينيين، مأكدا أن جزب أزرق أبيض لن يختلف كثيرا فى سياسته عن حزب الليكود اليميني المتطرف، لان الأحزاب الإسرائيلية أكدت جميعها على ثوابت مشتركة كالقدس عاصمة موحدة وأبدية لدولة اسرائيل، وعدم عودة اللاجئين والابتعاد عن حل الدولتين وغيرها من القضايا.
مضيفاً أن القائمة العربية لها سبل في المرحلة القادمة لحل المشاكل التى يغرق فيها الشعب الفلسطيني، فلا فرق واضح بين برامج الأحزاب فى القضايا الكبرى، ولا يوجد يمين ويسار فى إسرائيل بمفهومه السياسى، سيكون بالطبع موقف واضح من القائمة العربية المشتركة بشأن كل القضايا الفلسطينية المصيرية كالقدس والاستيطان واللاجئين ونثق بشكل كبير بوطنية القائمة واصاله ممثليها وقيادات المجتمع الفلسطينى فى الداخل المحتل، وستبقى القائمة حامية للمشروع الوطنى.
مؤكداً أن تركيبة الكنيست، وأجندات الأحزاب، والقوالب السلبية باتجاههم، لن تسمح تلك المنظومة الحزبية فى اسرائيل بتحقيق انجازات بحجم القضايا المذكورة فى التصويت وسن القوانين وتثبيت تلك القضايا وتنفيذها عمليا فى أطار عمل الحكومة و الائتلافات، لكنها ستبقى مدافعة عنها بما أمكن من قوة وما هو متاح من إمكانيات وفق تركيبة المنظومة السياسية الإسرائيلية التى تقلص من إمكانيات التأثير السياسى للعرب الفلسطينيين.
أضاف حمدونة أن القائمة العربية قد تؤثر على هوية رئيس الحكومة فى حال مقدرته على جنى ٦١ صوتا لتشكيل الأئتلاف وفق النظام السياسى فى إسرائيل، لكن المقدرة على التحكم فى السياسات غير ممكنة لكون ان القائمة لن تدخل فى ائتلاف ولن تؤثر فيه برغبتها اولا وبتوجهات ائتلاف أو شخصية معينة، أن لا يتحالف مع العرب باعتبارها ثغرة لا يمكن غفرانها لدى الأحزاب السياسية الصهيونية واليهودية وحتى لدى الجمهور الإسرائيلى.
وعن دورالقائمة فى التأثير السياسي، أكد أنه سيكون التأثير قوى لو تقاطع توجه القائمة العربية مع المعارضة اليهودية وهذا سيحدث مستقبلا فى بعض القضايا، على سبيل المثال ( التجنيد ، الميزانيات ، بعض مقترحات القوانين المتعلقة بالخدمات والحقوق المدنية وغيرها )، ولن ترضى الحكومة أو الائتلاف الحاكم وحتى المعارضة اليهودية بكل توجهاتها اليسارية او اليمينية اذا صح التوصيف، أن تتحالف مع القائمة العربية المشتركة فى موقف مصيرى يتعلق بمستقبل دولة اسرائيل من الناحية السياسية أو الأمنية.
فيما يخص قانون القومية اليهودية الذى أقره الكنيست في عام 2018 في وقف نشاط وعمل القائمه في الكنيست والحكومة، قال رأفت حمدونة، إن القانون سيكون على أجندة القائمة وقد تقدم مقترح قانون لإبطاله ولكن هناك صعوبات كبرى فى مواجهته، لتوافق الأحزاب الإسرائيلية، وائتلاف المعارضة على الكثير من القضايا التى تحفظ الحقوق اليهودية لا كل مواطنيها.