وقف بمفرده في الساحة بطل، كتب اسمه فى قائمة البطولات العسكرية، ليس على المستوي المصري فقط، وإنما على المستوي العالمي، لما حققه من إنجازات فى حرب أكتوبر، فاستطاع بمفرده إسقاط 37 دبابة ومركبة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فصنف بـ"صائد الدبابات".
" محمد المصري".. ها هو الرجل الذي تحدثت عنه جميع صحف العالم عن بطولاته، وسجلته الموسوعات الحربية أشهر صائد للدبابات في العالم، فكان نموذجًا للمقاتل العنيد الشجاع الذي أذاق عدوه مرارة الهزيمة، خاصة وأنه أول فرد فى مجموعته يعبر خط برليف، ليس فقط ذلك، وإنما هو أيضا الذي دمر بصاروخه دبابة العقيد الإسرائيلي عساف ياجوري، قائد لواء الدبابات الإسرائيلي الشهير، وهو في كامل سعادته.
نيران مشتعله دخان كثيف يعلو في سماء المكان، أشلاء جثث متناثرة هنا وهناك، من بعيد كانت ملامحه مختفية من أثار الرماد لكنّه كان يقف في وسط النيران بدا الانتصار على ما ظهر من ملامح وجهه، لحظات معدودة ورفع راية النصر، الراية التي راح ضحيتها الكثير من الجنود الأبطال، ليس فقط ذلك وإنما سار هو في طريق الموت لأجل الوصول إليها، كلمات لا نكاد نسمع لها أو حتى نشاهدها إلى في الأفلام السنيمائية أن يقتل شخص بمفرده العشرات، أو حتى قصة البطل الخارق، جميعها كانت من وحي خيالنا لكن الحقيقة أنّ ما نتحدّث عنه هو واقع حدث بالفعل في حرب 1973.
"لا يوجد بطل ضعيف وإذا تم بحث حياة الأبطال سنجد أن أي بطل عاش عيشة خشنة.. هذا ما أكده "المصري" وكأنه يريد أن يبحث رسالة للأعداء أن القوات المسلحة المصرية لم يكن لديها أبطال ضعفاء، ولكنهم أقوياء يتحملون الكثير ويقدمون أرواحهم فداءً لتراب الوطن، فالأوطان تبني من شباب أقوياء ليس جبناء.
"المظلات".. سلاح انضم إليه "صائد الدبابات" لصد هجوم العدو من الدبابات والعمل خلف خطوط العدو مع تطوير الهجوم من خلال الرد على العدو والفرار منه، حيث كان موقع عمله في القطاع الأوسط بتبة الشجرة التابع لمنطقة الفردان بوادي النخيل في سيناء، مستخدمًا "الصواريخ الإلكترونية" هو ورفاقة من العربات المجهزة لذلك.
وكتب "المصري" في مذكراته أنه " يوم الخامس من أكتوبر 1973، أصدر الرائد صلاح حواش أوامره لجنوده بالتحرك من إنشاص إلى ضفة قناة السويس المواجهة لمنطقة الفردان بالقطاع الأوسط، والعمل كاحتياط “ م . د” للواء 120 مشاة".
وفى يوم السادس من أكتوبر 1973، انطلقت 227 طائرة فى موجات متتالية تجاه الضفة الشرقية لقناة السويس وقامت بصب نيرانها على مراكز القيادة الإسرائيلية فتعطلت بطاريات الهوك وممرات المطارات والقواعد الجوية الإسرائيلية.
"وبالرغم من ذلك إلا أن كانت الفصيلة الثانية للسرية الثانية من تشكيل الكتيبة “41 فهد" في طليعة الموجات الأولى للعبور، حيث تسلقت مع الجنود الساتر الترابى، وبدأت مهامي في عمل الكمائن واصطياد الدبابات الإسرائيلية".
فكان ينتظر قدوم الدبابات الإسرائيلية وكان يكتشفها من خلال مؤشر المسافة الموجود داخل المنظار، ويستطيع تحديد المسافة، وفى صباح يوم 7 أكتوبر أطلق محمد صاروخه على الدبابة الأولى فانفجرت وتحولت إلى كومة من النيران، ولم يتوفق عند هذا الحد وأنما أستطاع أن يدمر 4 دبابات إسرائيلية.
وعندما حاول اللواء 190 مدرع الإسرائيلى بقيادة اللواء عساف ياجورى فى 8 أكتوبر القيام بهجوم مضاد واختراق القوات المصرية والوصول لنقطة الفردان، أصدر العميد حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية أوامره بفتح الطريق أمامه ثم تم تطويقه وتدميره فى أقل من نصف ساعة، وتمكن محمد المصرى فى هذا اليوم من تدمير 6 دبابات إسرائيلية.
ويضيف "المصري"، في مذكراته أن شخصين قاما باصطحابه لمركز القيادة الخاص بالفرقة الثانية مشاة، وأنه أمام العميد حسن أبو سعدة، قال: هناك شخص طلب رؤيتي وهو "عساف ياجوري" الإسرائيلي قائد اللواء المدرع 190، وعرف من العميد أبو سعدة أنه طلب منهم طلبين، الأول أن يشرب كوب ماء، والثاني أن يرى الجندي الذي دمر دبابته، مضيفا أن "ياجوري" أول ما شاهده وقام وأعطاه التحية العسكرية، مؤكدا هذا دليل على عظمة الجيش المصري، خير أجناد الأرض، الذي أوصى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم.