لاتزال الأحزاب الدينية في مصر، "محلك سر" لم تخرج من بوق الشعارات والخطابات إلى العمل الفعلي على الأرض، فبرلمان الثورة سيطرة عليه كتلة إخوانية كبيرة كان خلفها حزب النور، وإن كان دورها قد برز بعض الشيء بسبب عوامل عدة وقتها كان على رأسها الألة الإعلامية التي تخدمهم، لكن عندما أتت ثورة 30 يونيو لتتغير المعادلة بشكل كبير ويختفي دور الأحزاب الديينة.
ثورة يناير
فعقب ثورة يناير طفى على السطح أحزاب دينية كثيرة مثل النور والبناء والتنمية والأصالة والإصلاح والوسط، لكنها افتقرت إلى برنامج واضح، ورغم حديثها الدائم عن مرجعيتها الإسلامية التي تتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية، لم تتجمع في حزب واحد وظلت متفرقة لتختفتي كلها تدريجيا، ولم يتبقى منها إلا حزب النور الذي فاز بـ 12 مقعد في انتخابات البرلمان في 2015 ، لكن على الأرض وبشكل عملي لم يكن له دور فعلي.
حزب النور ذلك الحزب الذي ظهر عقب تنحّي مبارك حين دعا الشيخ محمد حسان لتغيير فكرة السلفيين بالتفرغ للدعوة، مطالباً الشيوخ بإعادة النظر في كثير من المُسلّمات، مثل مسألة الترشح لمجلسي الشعب والشوري، والترشح للرئاسة وللحكومة وللنظام، لكن تاريخه السياسي لم يشهد أي تطور ملحوظ في خطاه البرلمانية.
هذا ظهر جليا في الفترة الحالية التي تتسابق فيها الأحزاب لتتقاسم تورتة مجلس الشيوخ، فضلًا عن الاستعداد لانتخابات البرلمان والمحليات المقبلة، لكن الحزب السلفي الدائم التشدق بقوة مراكزه وشعبيته الكبيرة في الشارع، إلا أنه على الأرض لم نرى له أي فاعليات للاستعداد لهذه الانتخابات أو حتى البدء بشكل عملي في تجهيز كوادر لخوضها.
قوة كبيرة
قال القيادي السلفي سامح حموده إن حزب النور هو الحزب السلفي الوحيد الموجود على الساحة حاليًا، موضحًا أنه اكتسب خبرة كبيرة في الفترة الماضية، واجتاز انتخابات الثورة وحقق نتائج إيجابية كبيرة منها حصوله على 122 مقعد في النواب.
وأضاف "حمودة" لـ"بلدنا اليوم"، أنه بسبب القائمة المغلقة في الانتخابات الأخيرة، أهدرت أصوات كثيرة للحزب، بسبب وجود قوائم مجمعة منها حب مصر وغيرها والتي نافسته وبشدة، مؤكدًا أن الانتخابات المقبلة ستشهد تجميع الحزب لصفوفه من أجل المنافسة في انتخابات الشيوخ والنواب.
وذكر أن الحزب، عبر مراحل كبيرة، عبر الكثير من الاستحقاقات الكثيرة التي مر بها والتي زادته حنكة وخبرة، متمنيًا أن يكون الحزب مؤثرًا وقويًا ويمتلك مقاعد كثيرة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
واختتم القيادي السلفي، أن مصر لا توجد بها حاليا أحزاب سلفية سوى حزب النور والبناء والتنمية وهو على وشك الانهيار وشبه متجمد حاليا، أما الأحزاب الأخرى مثل الأصالة والفضيلة فلا وجود لها فعليا على الأرض وقياداتها موجودة خارج مصر، لذلك فالنور هو العامل الرئيسي في هذه المعادلة.
دور وانتهي
قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، إن حزب النور والأحزاب السلفية من الصعب عليه أن يحقق مكاسب كبيرة خلال انتخابات الشيوخ والنواب المقبلة.
وأضاف صادق لـ"بلدنا اليوم"، أن العامل الرئيسي في ذلك هو الثقافة المصرية التي أصبحت متغيرة بشكل كبير وتهاجم هذه التيارات واستخدام الدين بالسياسة، مشيرًا إلى أن الوقت الحالي لا يوجد تيار ديني قادر على ملء الفراغ الذي تركه الإخوان، خصوصًا في ظل متغيرات كثيرة شهدتها مصر في الفترة الماضية.
وتابع الخبير السياسي أن حزب النور، صعد خلال الفترة الماضية في انتخابات البرلمان لان متطلبات المرحلة وقتها كانت تتطلب وجوده في المشهد العام، لكن بعد مرور كل هذا الوقت وزوال خطر الإخوان أصبح وجوده لا دالي له وبالتالي لمن يكون قادرًا على الحصول على مكاسب جديدة في الفترة المقبلة.
وتوقع حصولهم على نسبة أقل في التمثيل البرلماني خلال المرحلة المقبلة، لأن الاتجاه العالمي والإقليمي التخفيف من تواجد هذه النوعية من التيارات، خصوصًا وأن المزاج العام لا يتطلب وجودهم في المشهد من جديد.