ساعات قليلة تفصلنا عن يوم عرفة لهذ العام الجاري، الذي يوافق اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وفيه يقوم الحجاج بإحدى شعائر الحج العظيمة ألا وهي الوقوف بعرفة، وهو عبارة عن مكان قريب من مكة المكرمة؛ بحيث يبعد عنها مسافة 22 كم، فهو من أبعد الشعائر المقدسة عن مكة خاصةً وأنه تقع خارج الحرم، ويوم عرفة 2020 يحل علينا غدًا الخميس، وهو يوم له فضل عظيم؛ إذ يعتبر من أعظم أيام السنة، لأفضاله الكثيرة، أبرزها: أنه اليوم الذي اكتمل به الدين وتمت به النعمة، كما أنه من الأيام التي أقسم بها الله -عز وجل- في كتابه الكريم، وهو يوم عيد للمسلمين.
حكم صيام يوم عرفة:
اتفق جمهور العلماء عَلَى استحباب صيام يوم عرفة، لما ثبت عن أَبي قتادة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: سُئِل رَسُول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَال: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ"، أخرجه مسلم، وفى الحديث: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ"، وقَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَغْفِرُ لِلصَّائِمِ ذُنُوبَ سَنَتَيْنِ وَقَال آخَرُونَ: يَغْفِرُ لَهُ ذُنُوبَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَيَعْصِمُهُ عَنِ الذُّنُوبِ فِي السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ.
واختلف الفقهاء في حكم صيام الحاج ليوم عرفة، والسبب في استحباب الفطر في يوم عرفة لِمن كان يؤدي ركن الوقوف بعرفة أن الحاج يتقوى بفطره على الطاعة والدعاء، لأن الصيام قد يسبب له التعب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- فطر يوم عرفة، قالت لبابة بنت الحارث: "أنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَومَ عَرَفَةَ في صَوْمِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو صَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بقَدَحِ لَبَنٍ وهو واقِفٌ علَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ".
ذهب المذهب الحنفي والمالكي إلى كراهة الصوم للحاج في يوم عرفة، وقيد الحنفية الكراهة بشرط أن يُضعِف الصومُ الحاجَّ، أما الشافعية فذهبوا إلى جواز صيام عرفة لمن يؤدي الحج مشترطين أن يكون الحاج من المقيمين في مكة، وذهب إلى عرفة في الليل، أما إن كان ذهابه إلى عرفة من مكة في النهار فصيامه مخالف للأولى، بينما يُسن الفِطْر للمسافر مُطلقًا عند الشافعية، ويرى الحنابلة أنه يُستحَب عندهم أن يصوم الحاج يوم عرفة، إلا أنهم اشترطوا أن يكون وقوفه في عرفة في الليل، وليس في النهار، فإن وقف فيه في النهار فصومه مكروه.
ورأى علماء أن الحكمة فى كراهة صوم يوم عرفة للحاج، قيل؛ لأنه يضعفه عن الوقوف والدعاء، فكان تركه أفضل، وقيل: لأنهم أضياف الله وزوّاره، وقال الشافعية: "ويسن فطره للمسافر والمريض مطلقا، وقالوا: يسنّ صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلا؛ لفقد العلة"، وذهب الحنفية، إلى استحبابه للحاج أيضا إذا لم يُضعِفه عن الوقوف بعرفات ولم يخل بالدعوات، فلو أضعفه كره له الصوم.
فضل صيام يوم عرفة:
- من صام يوم عرفة؛ يكفر بذلك عن ذنوبه لسنتين؛ سنة سابقة وسنة لاحقة.
- هو يوم تعتق فيه الرقاب من النار وتغفر به الذنوب.
- ويُستحب في هذا اليوم أن يُكثر المسلم من الدعاء، ومن أفضل ما يقال فيه هو : "لا إله لا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير".
أفضل الأدعية في يوم عرفة:
"لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، "اللهم إني نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك".
"اللهم ان كان هذا الوباء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه"، "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وَجَهْلِي، وإسْرَافِي في أَمْرِي، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي جِدِّي وَهَزْلِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ".
إقرأ أيضا..
شاهد.. ضيوف الرحمن من فوق جبل عرفات
(فيديو).. هتاف "تحيا مصر" من على جبل عرفات
أفضل الأوقات لاستجابة الدعاء يوم وقفة عرفات.. تعرف عليها
داعية يوضح حكم حج من سقط مغشيًا عليه وحمله أصحابه إلى عرفات