أكدت دراسة موسعة قام بها بعض الباحثون، أن عقار الملاريا، هيدروكسي كلوروكين، الذي قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه تناوله لعدة أيام، وحث الآخرين على استخدامه، يرتبط بزيادة خطر الوفاة لمرضى فيروس كورونا، الذين تستدعي حالتهم العلاج في المستشفيات، ووفقا لما نشرته دورية "لانسيت" الطبية.
وفي الدراسة، التي تناولت بالبحث أكثر من 96 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد في المستشفيات، تبين أن الذين عولجوا بعقار هيدروكسي كلوروكين، أو كلوروكين، كانوا عرضة للوفاة بصورة أكبر من المرضى، الذين لم يتم علاجهم بالعقارين.
وقال مؤلفو الدراسة إنهم لا يستطيعون تأكيد ما إذا كان تناول هذا الدواء يقدم أي فائدة لمرضى كورونا، وفق ما نقلت "رويترز"، السبت.
وكتبوا "هناك حاجة إلى تأكيد سريع من التجارب السريرية العشوائية". ولم تشتمل الدراسة على تجارب محكومة باستخدام العقار مع المقارنة بعقار وهمي.
وعادة ما تكون إصابة المرضى الذين يعالجون في المستشفى أشد ضراوة من غيرهم. ويقول بعض مؤيدي استخدام العقارين كعلاج للمرض إنه قد تكون هناك حاجة لاستخدمهما "في مرحلة مبكرة"، ليكونا فعالين.
وتُجرى تجارب سريرية عشوائية محكومة لدراسة فعالية الدواء في الوقاية من العدوى بفيروس كورونا المستجد، وكذلك علاج حالات الإصابة الخفيفة والمعتدلة بكوفيد-19. وقد تظهر نتائج بعض هذه التجارب في غضون أسابيع.
وزاد الطلب على هيدروكسي كلوروكين، وهو علاج متوافر منذ عقود، مع ضغوط ترامب المتكررة لاستخدامه لعلاج الفيروس، ومطالبته للناس بتجربته، علما أنه سبق وقال "لن تخسروا شيئا".
وقال ترامب هذا الأسبوع إنه يستخدم هيدروكسي كلوروكين كعلاج وقائي، بالرغم من نقص الأدلة العلمية على فائدته.
واقترح مؤلفو الدراسة المنشورة في دورية "لانسيت" عدم استخدام العقارين كعلاج للمرض في غير التجارب السريرية، إلى حين تؤكد الدراسات سلامتهما وفعاليتهما لمرضى كوفيد-19.
وسبق أن قالت إدارة الغذاء والأدوية الأميركية إنه لا يجب استخدام هيدروكسي كلوروكين إلا مع مرضى كورونا في المستشفيات، أو في التجارب السريرية. وجرى الربط بين العقارين ومشكلات خطيرة في نظم القلب.
ونظرت الدراسة في بيانات من 671 مستشفى، حيث تم إعطاء 14888 مريضا إما هيدروكسي كلوروكين، أو كلوروكين، مع أو من دون مضاد حيوي، و81144 مريضا لم يعالجوا بهذه الأدوية.
وأظهر هيدروكسي كلوروكين وكلوروكين أدلة على الفعالية ضد الفيروس في المختبر، لكن الدراسات على العلاجين في المرضى أثبتت أنهما غير حاسمين في أحسن الأحوال.
ويذكر أن قد صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين بتناوله لعقار هيدروكسي كلوروكين المضاد للملاريا، منذ حوالي عشرة أيام، على سبيل الوقاية من فيروس كورونا. وأثار هذا التصريح جدلا كبيرا في الولايات المتحدة بسبب تجاهل ترامب لتوصيات السلطات الصحية الأمريكية بشأن العقار.
إعلان
في تصريح مفاجئ، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين إنه يتناول منذ حوالي عشرة أيام، على سبيل الوقاية، عقار هيدروكسي كلوروكين المضاد للملاريا، متجاهلا توصيات السلطات الصحية الأمريكية بشأنه.
وأكد ترامب للصحافيين في البيت الأبيض "أتناوله منذ حوالي أسبوع ونصف... أتناول حبة يوميا"، مثيرا ردود فعل قوية في الأوساط العلمية والسياسية.
ومن المعروف أن عقار هيدروكسي كلوروكين يستخدم منذ وقت طويل ضد الملاريا، لكن مدى نجاعته ضد فيروس كورونا المستجد غير مثبتة حتى الآن من خلال أي دراسة دقيقة.
وردا على سؤال عن سبب تناوله عقار هيدروكسي كلوروكين قال ترامب "أعتقد أنه جيد. لقد سمعت أمورا جيدة جدا عنه. أنتم تعرفون عبارة: ما الذي ستخسره؟".
وكانت السلطات الصحية الأمريكية والكندية قد حذرت في نهاية نيسان/أبريل من خطورة استخدام هيدروكسي كلوروكين للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد أو علاج المصابين بهذا الفيروس، إذا لم يكن استخدام هذا العقار يتم في إطار تجارب سريرية تخضع للمراقبة. وحذرت خصوصا من "مخاطر التعرض لاضطرابات في ضربات القلب"، بسبب تناوله.
ردود فعل منددة
وتعليقا على إعلان ترامب، قالت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي في حديث مع قناة "سي إن إن"، "لا أعتقد أن هذه فكرة جيدة"، مضيفة "إنه رئيسنا ومن الأفضل ألا يتناول شيئا لم يوافق عليه العلماء، خصوصا في مثل فئته العمرية، ولنقل بمثل فئة وزنه، المسماة السمنة المرضية".
ومن جهته ندد زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر بتصريحات "خطيرة"، موضحا لقناة "أم أس أن بي سي" أن "ذلك يعطي الناس آمالا خاطئة... وقد يضعهم بخطر أيضا".
وشدد ترامب من جهته على أنه ليست لديه "أية عوارض" لمرض كوفيد-19، مشيرا إلى أنه يخضع بصورة منتظمة لفحوص مخبرية لتبيان ما إذا كان مصابا بالفيروس وقد أتت نتائج جميع هذه الفحوص لغاية اليوم سلبية.
في الأثناء، أعلنت جامعة جونز هوبكنز الأمريكية أن الولايات المتحدة تخطت الاثنين عتبة 90 ألف وفاة بوباء كوفيد-19.
"يستخدم منذ 40 عاما"
ويظهر ترامب منذ مدة حماسة إزاء النتائج المحتملة لهذا العقار في إطار مكافحة فيروس كورونا المستجد.
وأعلن منتصف آذار/مارس "الأمر مثير جدا للحماسة. أعتقد أن من شأن ذلك تغيير اللعبة. أو ربما لا. لكن وفق ما رأيت، يمكن لذلك تغيير اللعبة".
وشرح ترامب أمام الصحافيين مطولا الاثنين خياره تناول العقار كسبيل وقائي. وقال "ستفاجؤون بعدد الأشخاص الذين يتناولونه، خصوصا من هم في الخط الأمامي. قبل أن يصابوا" بالفيروس.
وتابع أن تناوله هيدروكسي كلوروكين "لن يؤدي إلى ضرر"، مؤكدا أن هذا العقار "يتم استخدامه منذ 40 عاما (...) الكثير من الأطباء يتناولونه".
وأشار إلى أن خياره تناول العقار يأتي بمبادرة شخصية لكنه تلقى الضوء الأخضر من طبيب البيت الأبيض. وتابع ترامب "قلت له: ماذا تعتقد؟ وأجاب: إذا شئت ذلك. وأجبته: نعم أود ذلك".
وبدا ترامب مسرورا بالأثر الفجائي الذي خلفه هذا الإعلان، حيث قال للصحافيين "كنت أنتظر أن أرى عيونكم تلمع عندما أقول هذا... نعم، أتناوله منذ أسبوع ونصف وما زلت هنا!".
ومساء، أكد طبيب البيت الأبيض شون كونلي أنه "بعد نقاشات عديدة" مع الملياردير الجمهوري، استنتج أن "الفوائد المحتملة لهذا العلاج تفوق المخاطر المتصلة به".
والكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين عقاران يستخدمان منذ سنوات عديدة لعلاج الملاريا وبعض أمراض المناعة الذاتية، مثل الذئبة، والتهاب المفاصل الروماتويدي.
وأظهرت دراسة نشرت قبل حوالى عشرة أيام في مجلة "نيو إنغلاند" الطبية أن تناول عقار هيدروكسي كلوروكين لم يؤد إلى أي تحسن كبير أو تدهور كبير في حالة مرضى بكوفيد-19 يعانون من عوارض خطرة.
ما هو الزمن الكافي للتعافي من "كوفيد - 19"؟
مجانًا.. اختبار جديد للكشف عن "كوفيد-19"