في السنوات الأخيرة، استطاعت إيران أن تبسط قوتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من لبنان وسوريا إلى العراق واليمن، أحد مفاتيح نجاحها كانت الإستراتيجية الفريدة المتمثلة في مزج قوة المقاتلين مع الدولة المهندس الرئيسي المعترف به لهذه السياسة هو اللواء قاسم سليماني، قائد قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، ويعد أحد أقوى الجنرالات في الشرق الأوسط اليوم، بجانب شعبيته الكبيرة في إيران التي جعلته مرشح محتمل للرئاسة.
ويعد سليماني المسؤول عن إنشاء قوس النفوذ والذي تصفه إيران بمحور المقاومة الممتد من خليج عمان عبر العراق وسوريا ولبنان إلى الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، ما يجعله يدير مساحات شاسعة من السياسة الخارجية الإيرانية بمفرده، بجانب أنه يعد المحرك الرئيسي لـ آية الله خامنئي، حيث أصبح من لمقربين للقادة السياسيين في دمشق وبيروت وبغداد وحتى في موسكو.
وبعد أن تم فرض العقوبات عليه من جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بدافع دعمه للإرهاب، واتهمته واشنطن بأنه المسؤول عن نشر الأسلحة النووية في الخارج، أصبح الجنرال الإيراني الداعية الرئيسي لنمط التمرد من جانب طهران، فجعل من الخاضعين لسيطرته يميلون للعمل مع الحكومة ودمجها بين قوة الدولة والقوة المسلحة في كيان هائل وضخم، ولعل أبرز الموالين حزب الله اللبناني.
هاجم القوات الأمريكية بالعراق
ساعد سليماني المخابرات السورية في إنشاء خطوط أنابيب لنقل الجهاديين السنة إلى العراق بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وعن طريق قوته القدس هاجم الجهاديون القوات الأمريكية بمجرد وصولهم العراق مستخدمين القنابل المزروعة على الطرقات والتي وفرتها قوات القدس أيضاً، وفي عام 2006، وفي وقت شهدت فيه العراق أكثر إراقة للدماء، راح سليماني ليشرف على وكيل إيراني آخر وهو حزب الله في حربه المتصاعدة مع إسرائيل.
وعندما بدأت ثورات الربيع العربي أوخر عام 2010، ألقى سليماني خطابه في مايو 2011، الذي أكد من خلاله أن لإيران فوائد كبيرة محتملة، وراح ينشر متشددين داخل دمشق على وجه الخصوص، فأرسل الميليشيات الشيعية من مختلف البلدان ولمواليين لإيران لدعم الرئيس السوري بشار الأسد.
استطاع أيضا بواسطة قواته السيطرة على الموصول في يونيو2014، بجانب دوره المحوري في استعادة تكريت في أوائل عام 2015، وخلال هذه العملية تم تصوير سليماني نفسه بشكل متكرر على الخطوط الأمامية للمقاتلين.
رئاسة الحكومة العراقية
نفوذه جعلته يحل محل رئيس الوزراء العراقي عام 2017، استطاع السيطرة على أكبر المدن السورية حلب عام 2015، وبرغم العقوبات التي تم توقيعها عليه من قبل الأمم المتحدة ومنعه من السفر خارج إيران إلا أنه سافر إلى موسكو لإجراء مباحثات مع الرئيس الروسي ووزير دفاعه، لمساعدة القوات الروسية في شن الغارات الجوية ضد الجماعات الجهادية والمتمردة في سوريا، وفي ديسمبر تم تصوريه أثناء تجوله على بقايا مدينة حلب.
وراح سليماني ليمد حزب الله بالدعم الكامل سواء الأموال وحتى الأسلحة، حيث يمثل حزب الله أهمية كبرى بالنسبة للحرس الثوري الإيراني، فهو أهم ممثل غير حكومي في الشرق الأوسط اليوم، بدوناه لم تتمكن قوة القدس التابعة لسليماني من العمل في الخارج بالطريقة التي تعمل بها ، وبدون فرقة سليماني لن تكون القوة الإيرانية هائلة على هذا النحو، تحالف إيران مع الأسد جعلت نقل شحنات الأسلحة عن طريق مطار دمشق الدولي، هربا من الدوريات البحرية والجوية الإسرائيلية في المنطقة.
اليمن طريق إيران للهيمنة
ولكن دون اليمن يصبح مخطط سليماني محفوف بالخطر حيث يسعى للهيمنة الاقليمية، وهو ما خطط له عام2015، فراح يدعم متمردي جنوب اليمن وهو فصيل شيعي مسلح آخر، المعروف بالحوثيين، أيدوليجيتهم تشبه كثيرا ايدولوجية إيران، وراح الحرس الثوري يدعم الميليشيات الحوثية بالسلاح، نية طهران واضحة بشكل كبير وهو التمسك بشوكة في جانب المملكة العربية السعودية بدلا من فرض مواجهة استراتيجية.
وفي مارس2017، عقد سليماني اجتماعا لكبار القادة في طهران لمناقشة سبل زيادة تمكين الحوثيين لتدور الحرب بالوكالة داخل أرض اليمن، والذي سيساعد إيران في تحديد ميزان القوى في الشرق الأوسط، وكذلك لمواجهة الرياض.