بتعاون أمريكي.. صراع بحري بين الصين ودول جنوب شرق آسيا للتنقيب عن الغاز

الخميس 19 سبتمبر 2019 | 11:36 مساءً
كتب : أحمد نادي

فصل جديد في الصراع الأمريكي الصيني، بعد أن شهد بحر الصين الجنوبي مناورات بحرية في إطار تدريبات عسكرية للجيش الأمريكي مع 10 دول من جنوب شرق آسيا، حيث تشارك فيها 8 سفن حربية وأربع طائرات وأكثر من ألف جندي أمريكي، تأتي هذه المناورات وسط أمواج عاتية في بحر مضطرب بين بكين و دول جنوب شرق آسيا المطلة على البحر مثل فيتنام وماليزيا والفيليبين، حيث تستغل واشنطن هذا الخلاف لصالحها من أجل السيطرة على بحر الصين، وتعمل على المشاركة في مشروعات التنقيب عن الغاز والبترول في هذه المنطقة بالشراكة مع الدول التي تنازع الصين في المياه الدولية من بحر الصين الجنوبي ولعل أبرز هذه الدول فيتنام، التي أتنقدت الوجود الصيني الأخير في المياه الفيتنامية، حيث دخلت سفينة تابعة لأحدى الشركات الصينية ومدعومة بسفن حربية من البحرية الصينية إلى المنطقة الاقتصادية الحصرية لفيتنام في بحر الصين الغنية بموارد الطاقة التي يتنازع عليها البلدان ودول أخرى جنوب شرقي آسيا، وهذا كله جعل بكين تعمل على تدعيم وجودها العسكري في هذه المياه لفرض سيطرتها على البحر الجنوبى خاصة الموارد النفطية التي توجد في هذه المنطقة، والحد من التدخل الأمريكي، لكن واشنطن تسعى بالتعاون مع دول جنوب شرق اسيا لمواجهة النمو العسكري والأقتصادي للصين فى المنطقة، مما يزيد من وتيرة التوترات بين القوتين على الصعيدين الأقتصادي والعسكري، في منطقة البحر الجنوبي.

استفزاز أمريكي لـ"بكين"

وفي هذ السياق قال طارق فهمي خبير العلاقات الدولية، إن المناورات العسكرية الأمريكية مع دول جنوب شرق آسيا في بحر الصين الجنوبي، يمثل استفزاز وضغط من واشنطن على الصين لتأكيد وتدعيم الأستراتيجية الأمريكية في هذه المنطقة، خاصة وأن البحر جزء كبير من المحيط الهادي، تشترك فيه 6 دول غير الصين وهم الفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي وتايوان واندونيسيا، ويشمل اثنين من الممرات التجارية الهامة وهما مضيق بلقا ومضيق تايوان.

وأضاف فهمي أن أساس العلاقة بين الصين وأمريكا والدول تقع على بحر الصين متوترة، حيث تتنازع هذه الدول على السيادة بالبحر وما يحتويه من موارد طاقة نفطية تجعل الصين مكتافيه ذاتياً من النفط دون اللجوء إلى الإستيراد من الخارج، كما يحتوي على سلسلة جزر تعتبر خالية من السكان يمكن استخدامها فى الكثير من المجالات العسكرية والأقتصادية.

أما عن الخلاف عن تدخل أمريكا في هذا النزاع، قال خبير العلاقات الدولية إن الولايات المتحدة قوي عظمي، ولا تقبل الهزيمة في أى موقع من العالم، ولا تترك أي قوى أخرى تهيمن على منطقة حيوية مثل بحر الصين الذي تمر فيه 35 بالمئه من التجارة العالمية، لذلك خلقت الكثير من المناوشات مع الصين، وتحاول التقرب من الدول المعادية للصين، وأخرها المناورات الأمريكية مع هذه الدول، هذا بجانب التعزيزات العسكرية القريبة من تلك الجزر وتعاون متنامي مع دول البحر المناهضة للصين، وتقوم واشنطن بكل هذه الافعال تحت غطاء حماية حرية الملاحة البحرية، لكن في المقابل لن تقف بكين مكاوفة اليد حيث تعمل على التوسع في إنشاء الجزر الصناعية وتنشر قواتها العسكرية، بجانب استخدام للأذرع الاعلامية لديها في حرب الأتهامات الإعلامية بين الجانبين الأمريكي والصيني لما للبحر من أهمية اقتصاديه وسياسية كبرى.

وأضاف فهمي أن الولايات المتحدة الامريكية تتقرب أيضا إلي العديد من القوى التي تحيط الصين مثل كوريا الشمالية، حيث نجد الكثير من التواصل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الكوري في الفترة الاخيرة، حيث تحاول واشنطن توظيف الجانب الكوري للضغط على الصين مقابل قائمه تحفيزيه تحصل عليها بيونجيانج، وهذا الفعل الامريكي جاء بعد فشل الولايات المتحدة من ضمان وقف التغلغل الصيني في عدة جبهات مختلفة.

أما عن رد التنين الصيني على هذه الممارسات الأمريكية بالتعاون مع الدول المناهضة لها، أكد فهمي أن سيناريوهين لا ثالث لهم، هو أن تقوم الصين بالردع المتبادل وتصعيد الأمر، حيث تستطيع الردع بإساليب عديده، لعل أقربها القيام بأعمال وتدريبات عسكرية مع دول أخري في بحر الصين، كما تقوم الصين أيضا بالتفاوض مع الدول المجاورة والتي تشاركها فى بحر الصين، خاصة بعد محاولة دونالد ترامب تهديد مبدأ الصين الواحدة من خلال التعامل مع تايوان، حيث هددت الصين بإعادة تايوان إلى أراضيها من خلال استخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر ضد حلفاء تايوان إذا قاموا بإعاقة ذلك.

أما السيناريو الثاني وهو المتوقع أن تعمل الصين على التهدئة مع الجانب الأمريكي، من خلال تقديم مقايدات سياسيه واستراتيجيه من خلال فتح باب التفاوض حول البنود محل الخلاف بينها وبين واشنطن، كما يمكن أن تقوم الصين بتفعيل دورها في الملف الياباني الكوري الشمالي ومحاوله الدخول فيها بصوره كبيره فالسيناريوهين لا يتم الا بعد أتمام المناورات العسكريه لان هذه المنطقه حساسه في العالم فلا مجال فيها لاشباه الحلول ولا أنصاف الحلول.

وأوضح فهمي أن هذا النزاع سوف يؤثر بالفعل على حركة التجارة العالمية التي تمر من خلاله، ويؤثر على حركة السفن في السير بمياه بحر الصين، حيث تخشي الشركات التي تعبر تجارتها فى هذا الممر الملاحي من تعرضها إلي أى مكروه أو فقدان بسبب العمليات العسكرية من الاطراف المتنازعة.

يؤثر على الاقتصاد العالمي

أما عن تأثير هذا النزاع على حركة التجارة العالمية، قال الدكتور رشاد عبده الخبير الأقتصادي، إن هذا النزاع لا يؤثر على طريق التجارة ببحر جنوب الصين إلا أذا قامت منزاعات عسكرية بالفعل، لأن الحرب العسكرية بهذه الخط الملاحي يجعل الكثير من السفن تبعد عن المرور بهذه المنطقة، لكن ما نشهده الان أن امريكا تعمل على تثبيت وجودها فى منطقة البحر الجنوبي، وفي المقابل تقوم الصين بالرد على الولايات المتحدة من خلال التوسع في المنطقة.

وأوضح الخبير الأقتصادي، أن هذا الخلاف إذا تتطور عسكريا سوف يربك الحسابات الأقتصادية العالمية، فيمكن أن ينعش مناطق ويدمر مناطق أخرى أقتصادياً، فتغير حركة السفن أو خطوط الملاحة في الأساس ذات خطورة كبيرة.

وأضاف رشاد عبده أن المنطقة التي يتنازع عليها دول جنوب شرق آسيا تعوم على بحر واسع من الموارد النفطية، فإذا سيطرة عليه الصين سوف تقلل من إستيرادها من النفط وكذلك سوف تقوم بتصديره للخارج بسعر أقل، وهذه ضربه قوية لأمريكا والدول المناهضة للصين.

وأكد الخبير الأقتصادي، أن التغلغل الصيني في بحر الصين جزء من الحرب التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذا الممر مهم جدا لان خضوعة لجانب واحد فقط سوف يؤثر على البورصات العالمية والبورصات الأوروبيه والبورصات العربيه بالتبعيه.

وتابع رشاد، أن المتوقع في هذه الأزمة أن التفاوض سيكون حل هذا الخلاف بين الصين و أمريكا نيابة عن دول بحر الصين، فبمجرد أن تقوم بكين بتزويد الواردات الصينينه من أمريكا، ستنسحب واشنطن من هذا الخلاف، لأنها سوف تستفيد من ذلك، حيث تزيد بالتابعية الصناعات الأمريكية، كما يزيد الإنتاج فى الولايات المتحدة، وتزيد العمالة وتقل البطالة، مما يعمل على تنشيط حركة الأقتصاد الأمريكي.