شكلت قوانين السلاح داخل الولايات المتحدة الأمريكية، تهديداً لحياة العديد من مواطني البيت الأبيض، كثرت الحوادث خلال الآونة الأخيرة داخل الولايات زادت من حالة الغضب.
ووجه مواطني أمريكا انتقادات لاذعة بشكل مستمر، للدستور الأمريكي، باعتبار أنه يسهل عملية حمل السلاح مما يؤدي لانتشار الحوادث والجرائم، وراح ضحيتها العديد من الأطفال.
دموية فيلادلفيا
حيث بات حمل السلاح يشكل تهديدًا لحياة المدنيين وأفراد الشرطة كذلك، نتج عن أخر هذه الأعمال العنيفة إصابة ما لايقل عن 4 من الشرطة في تبادل إطلاق نار بمدينة فيلادلفيا الأمريكية.
يأتى الحادث عقب إعلان الشرطة توقيف شاب في الـ15 من العمر، بعد نشره عدة دعوات بإطلاق الرصاصة على الشرطة، وأفاد مكتب التحقيقات الفدرالي "اف بي آي" بأنها عثرت على 25 قطعة سلاح ناري بحوذته وحوالى عشرة آلاف رصاصة.
فاجعة تكساس وأهايو
وشهدت الولايات المتحدة الأمريكية عدة أعمال إطلاق نار خلال شهر أغسطس، كان أكثرها دموية الذى وقع مؤخرًا بولايتي أهايو وتكساس، وأسفر عن وفاة 31 شخصًا.
ففي ولاية تكساس الأميركية، قتل خمسة أطفال أو جرحوا بأسلحة نارية خلال عطلة نهاية الأسبوع، من بينهم صبي في الرابعة قتله شقيقه البالغ من العمر خمس سنوات، وفق ما أفادت مصادر في الشرطة ووسائل إعلام أمريكية.
وكان الأخ الأكبر (5 سنوات) قد عثر على سلاح في منزل عائلته في فورت وورث في غرب دالاس، الأحد، فأطلق منه النار على شقيقه وأودى بحياته.
وأكد الناطق باسم الشرطة، جيمي بولوزاني: "ما من ملاحقات ستطلق في المرحلة الراهنة"، حسب ما ذكرته وكالة فرانس برس.
وبعد بضع ساعات، تعرض صبي في السادسة لإصابات خطيرة، في مدينة أرلينغتون المجاورة.
وكان عدة أطفال يلهون في غرفة عندما عثر صبي يبلغ من العمر نحو 10 سنوات، على بندقية ووجهها إلى آخر أصغر سنا منه وضغط على الزناد، بحسب ما نقلت صحيفة "دالاس مورنينغ نيوز" عن كريستوفر كوك المسؤول في الشرطة المحلية.
وأصيب الصبي في الرأس وحالته حرجة، فيما أصيبت فتاة أخرى أيضا في هذه الحادثة، لكن إصابتها ليست بهذه الخطورة.
وفي أرلينغتون أيضا، أصيبت فتاة بطلقة في الردفين، الأحد، من سلاح شبه أوتوماتيكي مسروق، بحسب ما أفادت الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن والدي الفتاة أكدا أن الرصاصة انطلقت من السلاح بعد أن جلست عليه الفتاة عن طريق الخطأ.
كما نُقلت فتاة في الرابعة عشرة من العمر، الأحد، إلى المستشفى في فورت وورث، إثر إصابتها بطلقة نارية، بحسب قناة "سي بي إس"، التي لم تقدم مزيدا من التفاصيل في هذا الصدد.
وتظهر هذه الحوادث مجددا مخاطر الأسلحة النارية في الولايات المتحدة، حيث يؤكد 30 بالمئة من البالغين أنهم يملكون سلاحا واحدا على الأقل.
الدستور الأمريكي
ينص الدستور الأمريكي بشكل واضح على أحقية المواطنين في امتلاك الأسلحة، وجاء في نص التعديل الثاني من الدستور الأمريكي الصادر فى 1971، أنه "لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء أسلحة وحملها".
ويتيح الدستور الأمريكي بموجب هذه المادة حيازة الأسلحة، فمنذ أن نالت الولايات المتحدة الأمريكية استقلالها عن بريطانيا في العام 1791، وكانت الميليشيات المسلحة قد لعبت دورًا مهمًا ضد الجيش البريطاني؛ فنص الأباء المشرعيين على أهمية امتلاك السلاح، إذا لم يتعد صاحبه على حق الأفراد، خاصة في ظل عدم وجود جهاز شرطة مركزي في هذا التوقيت.
وكان هدف الأباء المشرعون من تقنين حمل الأسلحة في ذلك الوقت توفير الحماية للممتلكات والأشخاص، فلم تكن قد ظهرت بعد فكرة وجود شرطة تابع للدولة، حيث ظهر أول جهاز شرطة في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1870، ليبقى النص الدستوري هو الأساس الذى استمد منه المشرعون تقنين حمل السلاح لمئات السنين في الولايات المتحدة .
محاولة الكونجرس لحظر القانون
أصدر الكونجرس الأمريكي في 1994، قانونا يحظر التصنيع والاستخدام المدنى للأسلحة النارية نصف الآلية والأسلحة الهجومية لمدة 10 سنوات، وذلك إثر إطلاق النار على 34 طفلا، بأحد المطاعم في مدينة ستوكتون بولاية كاليفورنيا، ومن بين الأسباب التي ساهمت في تكثيف المجهودات لمحاولة حظر الأسلحة في تلك الفترة عملية إطلاق النار على مطاعم "لوبي" بولاية تكساس، والتي نتج عنها مقتل 23 شخصًا.
وبالفعل انتهى الحظر فى سبتمبر 2004، وفشلت محاولات تجديده، وفى 2013 رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون يقيد السماح بحمل الأسلحة، وكان ينص على توسيع التحريات والحصول على السجل العدلي لكل من يرغب فى شراء قطع سلاح.
قانون الرقابة
في أبريل 2018، نجح الديمقراطيون بمجلس النواب الأمريكي في تمرير مشروع قانون للرقابة على حمل السلاح في الولايات المتحدة، ونص مشروع القانون الجديد على ضرورة مراجعة الخلفية الجنائية لجميع المشتريين للسلاح، مع تمديد فترة الانتظار قبل إتمام عمليات البيع من 3 إلى 10 أيام عندما تطرح تساؤلات أو شكوك حول نوايا المشتريين المحتملين.
وينتظر الديمقراطيون تصديق مجلس الشيوخ ذات الأغلبية "الجمهورية"، على مشروع القانون الجديد في ظل معارضة من بعض النواب الجمهوريين، بالإضافة للجمعية الوطنية للبنادق التى تعارض وبشدة أي تعديلات على قوانين حمل السلاح.
صراع الديمقراطيين والجمهوريين
يختلف الحزبان الجمهوري والديمقراطي حول تفسير المادة الدستورية الخاصة بحرية امتلاك السلاح، ففي الوقت الذي يرى فيه الديمقراطيون قصر حق حمل السلاح على الولايات المكونة للاتحاد الأمريكي، وأن الآباء المؤسسين أرادوا هذا الحق لأمريكا الفيدرالية، وهذا ما يعرف بالتفسير الجماعى للحق، يطالبون بضرورة إعادة النظر فى "الحق المطلق للفرد" بسبب المستجدات التي طرأت على المجتمع الأمريكي واستخدام هذا الحق في حوادث المتكررة .
بينما يرى الجمهوريون أن امتلاك السلاح من الحقوق التي نص عليه الدستور، ويعتبرون أن السلاح هوية أمريكية يدعمها الدستور، ويعرفون بـ"أصحاب التفسير الفردى"، ويرفضون أي قوانين يمكن أن تحجم امتلاك السلاح؛ لذا غالبا ما يصوت الجمهوريون ضد أي قانون في هذا الشأن.
القوى المضادة
يقف ما يعرف بـ"لوبي الأسلحة" في الولايات المتحدة، بالمرصاد لأى محاولات تهدف إلى تعزيز الرقابة على مبيعات السلاح، والتي طالبت بها عدة جهات عقب عمليات إطلاق النار المتكررة.
وقال مؤخرا، رئيس الجمعية الوطنية للبنادق واين لابيير، في تغريدة على موقع "تويتر" إنه يعارض أي قانون ينتهك بشكل غير شرعى حقوق المواطنين في حمل السلاح، وأضاف أنه يجب تذكير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن قاعدة مؤيديه لا تؤيد الإصلاحات التى تجري مناقشتها في الكونجرس. .
فيما طالب مؤتمر عمد المدن الأمريكية، والذى عقد في 8 أغسطس من الشهر الماضي، ويمثل 214 مدينة أمريكية، مجلس الشيوخ بسرعة إقرار مشروع قانون الرقابة على الأسلحة في الولايات المتحدة.
ووجه المؤتمر رسالة إلى زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماككونيل، وزعيم الديمقراطيين تشوك شومر، طالب خلالها بسرعة تمرير مشروع هذا القانون، خاصة بعد موافقة مجلس النواب عليه.
موقف ترامب من القانون
يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اختار أن يرضى جميع الأطراف المتصارعة على حق امتلاك الأسلحة في الولايات المتحدة، وذلك مع اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية، المزمع عقدها في 2020، فمع تزايد حوادث إطلاق النار المتكررة والتى راح ضاحيتها المئات، قال: "أنا مؤيد كبير لتعديل الدستور، وأعتقد أن ذلك يخدم المصالح الأمنية"، وأعرب عن أمله في أن يعمل الأعضاء الجمهوريون والديمقراطيون معا للنظر في مقترحات بتوسيع نطاق عمليات التحقق من الخلفية قبل منح ترخيص بحمل السلاح .
وفي الوقت نفسه أكد ترامب على نفس موقف رابطة الأسلحة الوطنية، من أن فرض حظر على حيازة الأسلحة لن يمنع المجرمين الذين يعانون من اضطرابات عقلية من ارتكاب جرائمهم ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
إلا أنه عاد وذكر الموضوع في أول تجمع انتخابي له منذ إطلاق النار الجماعي في إل باسو بولاية تكساس ومدينة دايتون في ولاية أوهايو، قائلا إنه يدافع عن حق المواطنين "الملتزمين بالقانون" في امتلاك أسلحتهم الخاصة، مؤكدا على أنه سيركز على إبعاد السلاح عن "أيدي المختلين عقليا والذين يعانون من أمراض عقلية".
وأضاف: "إنه ليس السلاح الذي يسحب الزناد، بل الشخص الذي يمسك السلاح .. نحن دائما نؤيد حق الدفاع عن النفس".