زار أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، اليوم، السودان، لمدة يوم واحد، وذلك في أعقاب تشكيل هياكل الحكم الانتقالية السودانية وآخرها الحكومة الانتقالية.
وتأتي زيارة أبو الغيط للسودان بعد مرور ثلاثة أشهر على زيارته الأخيرة للخرطوم، وما أعقبها من زيارات لوفود رفيعة المستوى من الجامعة العربية لمؤازرة السودان في عملية التحول الديمقراطي التي يمر بها في هذه المرحلة الهامة من تاريخه، ومشاركة الجامعة في التوقيع كشاهد على وثائق الانتقال إلى السلطة المدنية في الاحتفال التاريخي الذي أقيم بالخرطوم يوم 17 أغسطس الماضي.
والتقى أبو الغيط خلال الزيارة، بالقصر الجمهوري في الخرطوم الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي الانتقالي، وأجرى محادثات مع الدكتور عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء، وأسماء محمد عبد الله وزيرة الخارجية.
وجدد أبو الغيط، في مستهل زيارته، التهنئة لجمهورية السودان وشعبها على الإنجاز التاريخي الذي تحقق بالتوقيع على وثائق المرحلة الانتقالية بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، والذي أفضى إلى تولي رئيس وأعضاء المجلس السيادي الانتقالي، وتعيين رئيس مجلس الوزراء، وتشكيل الحكومة الانتقالية.
وأثنى أبو الغيط على التقدم الكبير الذي تحقق حتى الآن في سبيل تنفيذ استحقاقات المرحلة الانتقالية، وأشاد على وجه الخصوص بالتوقيع يوم 11 سبتمبر 2019 على "إعلان جوبا لإجراءات بناء الثقة والتمهيد للتفاوض" مع الجبهة الثورية والحركات المسلحة الأخرى، والذي دعا إلى أهمية إشراك الدول العربية وأطراف إقليمية ودولية في مراحل صناعة السلام وبنائه، وهو الاتفاق الذي من شأنه أن يفتح فصلًا مهمًا في اتجاه تثبيت دعائم الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة الجامعة في كافة أرجاء السودان، وأن تمتد آثاره الإيجابية إلى دول جوار السودان والإقليم ككل.
وأكد أبو الغيط خلال كافة اللقاءات التي عقدها بالخرطوم أن جامعة الدول العربية، انطلاقًا من التزامها الأصيل والثابت بدعم السودان والوقوف مع جميع أهله، وكونها أحد الأطراف الشاهدة على التوقيع على وثائق المرحلة الانتقالية، ستواصل دورها الفاعل لمساندة السودان وهياكل الحكم الانتقالية طوال المرحلة الانتقالية، ومرافقة الدولة السودانية والقوى السياسية والمدنية في المسار الوطني لإتمام بقية الخطوات والاستحقاقات والبرامج المنصوص عليها في الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية، وصولًا إلى مرحلة إجراء الانتخابات العامة التي ستتوج عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وأضاف الأمين العام للجامعة، أن الجامعة ستركز مجمل جهودها في الفترة المقبلة على مساعدة هياكل الحكم الانتقالية على تنفيذ الأولويات المحددة للمرحلة الانتقالية، وخاصة فيما يتصل بتحقيق السلام الشامل في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، ومعالجة التحديات الاقتصادية وحشد الدعم العربي والدولي لدفع النمو وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للبلاد، وتقديم أي دعم فني ومشورة تُطلب منها للتحضير لوضع الدستور الدائم وعقد المؤتمر الدستوري.
وشدد أبو الغيط على أن الجامعة ستضطلع بدورها هذا وأي نشاط آخر يُطلب منها بناء على دعوة من الدولة السودانية، ووفق ما ينص عليه الفصل السادس من الاتفاق السياسي، وتأسيسًا على المقررات ذات الصلة التي اعتمدها مجلس الجامعة، وبشكل يصون أمن واستقرار السودان وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية ويحترم سيادته واستقلاله السياسي.
كما عبر عن حرص الجامعة على مواصلة تنسيقها – تحقيقًا لكل هذه الأهداف – مع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية الشريكة لها والأطراف الأخرى الملتزمة بإنجاح المرحلة الانتقالية وعملية الانتقال الديمقراطي الوطنية في السودان.
وأبرز الأمين العام للجامعة في هذا الصدد الإجماع الثابت للدول الأعضاء بالجامعة، على النحو الذي تجلى خلال اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دورته العادية الأخيرة بالقاهرة يوم 10 سبتمبر الجارى والقرار الذي صدر عنه بشأن دعم السلام والتنمية في جمهورية السودان، على تعزيز الدور العربي دعمًا للسودان في المرحلة المقبلة بما في ذلك عبر عن دعم جهود واتصالات الحكومة الانتقالية مع الحركات المسلحة في سبيل استكمال عملية السلام، ودعم رؤية السودان بشأن إنفاذ استراتيجية خروج بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة في دارفور، وتعبئة الدعم العربي والدولي مساندةً للاقتصاد السوداني وتعافيه وإعفائه من ديونه الخارجية وتطبيع علاقاته مع مؤسسات التمويل الدولية، وتنظيم الاجتماعات الفنية وورش العمل، بالتنسيق مع مؤسسات التمويل والاستثمار العربية وأجهزة العمل العربي المشترك، لدعم مسيرة التنمية في السودان، وتعزيز دور الآلية المشتركة بين الجامعة وحكومة السودان لمتابعة وتنفيذ المشروعات الإنسانية والإنمائية العربية في دارفور ومختلف أرجاء البلاد، والتحضير لعقد المؤتمر العربي الموسع لإعادة الإعمار ودعم التنمية في السودان خلال عام 2020، ومواصلة العمل مع الحكومة السودانية لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
وأطلع أبو الغيط رئيس المجلس السيادي الانتقالي بالسودان، ورئيس مجلس الوزراء، ووزيرة الخارجية، على أهم المقررات الصادرة عن الاجتماع الأخير لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، والخطوات التي يجري التحضير لها لطرح جملة من الأولويات العربية خلال الأعمال المرتقبة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وأبدى في هذا الصدد ثقته الكاملة في أن جمهورية السودان لن تدخر جهدًا في مواصلة دورها العروبي التاريخي الفاعل والمقدر في إطار جامعة الدول العربية كركن أصيل من أركان منظومة العمل العربي المشترك والأمن القومي العربي، وجسر هام لتطوير الشراكة الاستراتيجية بين العالم العربي والقارة الأفريقية.