ما زالت أرض الفيروز تُعاني من بطش بقايا الجماعات الإرهابية، فما بين الحين والآخر تستهدف العناصر الإجرامية الكمائن الأمنية في سيناء، ولم يقتصر الأمر على أرض الفيروز فحسب، ولكن وصلت عناصر الجماعات التكفيرية إلى وسط القاهرة، كما شاهدنا فى حادث معهد الأورام قبل أيام.
يأتي هذا في الوقت الذي تتحدى فيه الدولة الصراعات على مختلف الجهات، سواء عسكريًا حيث التعاون المشترك مع دول الغرب، أو فى حربها مع الجماعات الإرهابية، أو اقتصاديًا أو سياسيًا، والعمل على تحسين وتوطيد العلاقات مع الدول الخارجية، كل هذا نتحدث فيه عبر السطور التالية، فى حوار مع اللواء أركان حرب، محمد الشهاوي، المستشار بكلية القادة العسكرية، والخبير الأمنى، فإلى نص الحوار:
كيف ترى دور روسيا والولايات المتحدة فى دعم مصر عسكريًا؟
مصر تحارب الجماعات الإرهابية بدلًا عن العالم، حيث نشهد حاليًا دعمًا كبيرًا خاصة من الولايات المتحدة وروسيا، وأيضًا العرب، وفرنسا وألمانيا تستثمران فى أن تكون القوات المسلحة هى العنصر الرئيسى فى المنطقة؛ لأن مصر تحارب الجماعات المتطرفة والهجرة غير الشرعية، ولذلك نجد فرنسا تسلح مصر بطائرات "المسترال" بالإضافة إلى طائرات الجيل الرابع، وأيضًا الفرقاطة الشباحية "جو ون" حيث تم التعاقد على 4، واستلمنا فرقاطة من فرنسا، وباقى ثلاث أخرى تصنع على الأراضى المصرية.
ومصر بدأت تولى وجهاتها إلى التصنيع الحربى بدلًا من شراء منظومات التسليح، ويكفى أنه من 3 إلى 5 ديسمبر 2018، كان هناك المعرض الدولى الأول للصناعات الدفاعية والعسكرية، ومصر لديها الهيئة العربية للتصنيع ووزارة الإنتاج الحربى، اللتان تقومان بتصنيع أغلب أسلحة وذخائر القوات المسلحة.
وروسيا تقوم بالتدريب المشترك مع مصر، فى "حماة الصداقة"، والولايات المتحدة الأمريكية تقوم بالتدريب فى النجم الساطع، واليونان وقبرص فى التدريب المشترك "ميدوزا"، وبريطانيا فى تدريب "أحمس واحد" وفرنسا فى تدريب "رمسيس وكليوباترا" وبهذا نجد الأسماء التى تطلق على تلك التدريبات المشتركة تأخذ أسماء فرعونية، والحضارة الفرعونية القديمة، الأمر الذى يدفع هذه الدول للتدريب عسكريا مع مصر، التى تملك قوة وخبرة عسكرية قوية، فى الحرب التقليدية التى خاضتها فى السنوات السابقة.
وما سبب لجوء هذه الدول للتدريب العسكرى مع مصر؟
لأن مصر لديها من الخبرة العسكرية ما يكفى لتدريب العديد من الجيوش، وهذا يتضح من خلال الحروب التى خاضتها، سواء السادس من أكتوبر التى استطعنا فيها عبور قناة السويس خلال 6 ساعات واسترداد الأرض، أو حرب الاستنزاف التى استمرت 1041 يومًا، وهذا يدل على قوة مصر عسكريًا بين جيوش العالم، والدليل على ذلك أن أقوى دول العالم تتعاون معها، مثل الولايات المتحدة، وروسيا وألمانيا وغيرها.
والهدف من هذه التدريبات التعاون العسكرى بين هذه الدول وتبادل الثقافات، والاطلاع على أحدث منظومات التسليح، وأيضًا تحتوى على العديد من الرسائل، وهى أن الأمن القومى المصرى مرتبط بالأمن القومى العربى، وأن الأمن العربى لن يحميه إلا إذا كان العرب كيانا واحدا، وهذا يظهر من خلال التدريب فى نوفمبر المقبل "درع العرب واحد" الذى يشترك فيه 6 دول عربية، فى قاعدة محمد نجيب العسكرية، كل هذا يدل على أن العرب يدركون حجم التهديدات التى تواجههم، ولذا يتم تنفيذ التدريبات المشتركة، من بينها المملكة العربية السعودية، والأردن والإمارات المتحدة، والتدريبات المشتركة فى البحر المتوسط.
كيف ترى دور وسائل الإعلام لمساندة الدولة فى حربها على الإرهاب؟
هناك قنوات وطنية تساند الدولة وتقف فى ظهر السلطات، وتنظر كثيرًا إلى الإيجابيات، وهناك البعض الآخر لا يتحدث إلا عن السلبيات، وهذه معروفة أيضًا، ولكن يجب أن نعلم أن مصر تخوض 5 حروب حاليًا، من بينها الحرب مع الإرهاب، والحرب الاقتصادية، والفتنة الطائفية، والحرب النفسية من خلال الشائعات التى تطلق على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث مرت فترة من الفترات حدث فيها 60 ألف شائعة خلال 3 أشهر فقط.
لقد استطاعت مصر فى حربها على الإرهاب أن تدمر 200 ألف عربة دفع رباعى محملة بالمتفجرات والمخدرات، خلال الآونة الأخيرة، وبالتالى فهناك إعلام يظهر هذه الإيجابيات ويركز عليها، ولكن القنوات الأخرى تظهر السلبيات فقط، وهذه يجب على الجميع أن يحاربها ويقف فى وجهها حتى تسير مسيرة الوطن فى سلام؛ لأن مصر خلال السنوات القليلة الماضية استطاعت أن تنجز العديد من المشاريع القومية، وريادة الأعمال، حيث إنها تعمل لصالح أفريقيا وليس لصالحها فقط، وبالتالى يجب على إعلامنا أن يظهر مثل هذه الأشياء.
كيف ترى دور مصر خارجيًا؟
الدبلوماسية الرئاسية تتجه إلى تحسين العلاقات والتعاون المشترك مع كل الدول، شرقًا وغربًا، حيث نجد أن العديد من الدول، سواء كانت عربية أو غربية، تأخذ رأى مصر فى القضايا التى تواجهها فى المنطقة؛ لأن مصر تتعامل بشرف مثلما قال الرئيس السيسى: "مصر تتعامل فى سياساتها بشرف فى وقت عز فيه الشرف".
ونجد أنها لا تتدخل فى الشئون الداخلية للدول مثل البعض، ولكنها تعطى النصائح فقط وذلك بحكم خبرتها فى هذا المجال، سواء فى محاربة الإرهاب أو فى القضايا الاقتصادية أو غيرها فى شتى المجالات.
كيف تواجه الحكومة خطر الشائعات على السوشيال ميديا؟
الشائعات أحد أساليب الحرب النفسية، التى يستخدمها الكثير من الدول والجماعات، مثلها مثل الدعاية وغسل المخ والفتن، حيث تعتمد الشائعة على قاعدة أساسية تقول: "إن الناس مستعدون لتصديق الكذب مهما بدا زيفه وإذا ما صادف هواه، وتكذيب الصدق مهما بلغ وضوحه إذا ما خالف هواه"، والشائعات قديمة قدم التاريخ، حيث ذكرها المخطط العسكرى الصينى "صن تزو" فى كتابه فن الحرب أن أعظم درجات المهارة هى تحطيم مقاومة العدو دون قتال، وبالتالى يلجأ الكثير حاليًا إلى هذه الوسيلة من الحرب النفسية للسيطرة على فئات معينة من الدول.
ونجد أن الهدف من الشائعات هو فقد الثقة بين القيادة السياسية وبين الشعب، وطرق مواجهتها بالتصدى لها من خلال الرد السريع من قبل المسئولين والجهات المعنية، وتوعية الشباب بعدم نشر الشائعات، وتطبيق القانون على وسائل التواصل الاجتماعى، وخاصة الصحف المغرضة التى تدعو إلى العنف، والشائعة لها معادلة وهى ضرب أهمية الموضوع الذى يثار حوله الشائعة.
ولكن لماذا أصبحت الشائعات فى مصر كثيرة الآن؟
لأن مصر لم تشهد منذ عصر محمد على باشا، حركة عمل حقيقية إلا هذه الأيام، ولذلك يريد أصحاب النوايا الشريرة تعطيل هذا العمل الجاد، ولكن مصر لن تنشغل عما تقوم به من مشروعات قومية فى الطرق، والصوب الزراعية والإسكان وغير ذلك.
بما تفسر استهداف الجماعات الإرهابية للكمائن فى الآونة الأخيرة؟
الإرهاب لا دين له ولا وطن، وله مخططات يسير عليها تندرج تحت عنوان اللا متوقع واللا معقول، والهجمات الإرهابية التى نشهدها ما بين الحين والآخر سواء فى سيناء، أو فى وسط العاصمة ما هى إلا رسائل تفيد بأن بقايا الجماعات الإرهابية، مازالت قادرة على تنفيذ بعض العمليات التى تنشر الذعر والخوف فى البلاد، ولكن فى هجوم يجدون أبطال القوات المسلحة والشرطة يقظين ويقتلون منهم، سواء فى نفس الوقت، أو فى استهدافهم بعد الواقعة، وبالرغم من أن الإرهابى يحقق عنصر المفاجأة الذى يتيح له النجاح فى عمليات التفجير والتدمير؛ لأنه من يختار الوقت والمكان والسلاح المستخدم والهدف الذى يصيبه، وكل هذا يحقق له النجاح، ولكن أبطال الجيش والشرطة صامدون على عقيدتهم التى عرفت سواء بالنصر أو الشهادة.
والاستعداد الكامل من رجال القوات الأمنية، فى أماكن خدماتهم خلال الـ 24 ساعة، سواء فى المناسبات أو غيرها، وعلى كامل الاستعداد لمواجهة الهجمات الإرهابية، ومن يلبس حزام ناسف لا يستطيع أحد إيقافه، ولكن نجد من يتصدى له فى العمليات الارهابية، ويضحى بنفسه من أجل إنقاذ زملائه، هذه هى العقيدة العسكرية التى تربينا عليها فى الجيش المصرى.
ونجد أن الجماعات الإرهابية، بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة، والدليل على ذلك العمليات الإرهابية التى شهدها عام 2019 أقل بكثير من الأعوام الأربعة السابقة، والقوات الأمنية نجحت فى قتل الكثير من العناصر، ومعرفة البقايا منهم.
لماذا لا نشاهد ضربات استباقية من قوات الأمن للجماعات الإرهابية؟
الضربات الاستباقية تتوقف على المعلومات التى يحصل عليها رجال المخابرات، وتتركز أيضًا على المعلومات التى يقدمها المواطنون إلى قوات الأمن، والمعلومات الاستباقية التى تصل إلى رجال الأمن، تكون عبارة عن رجال مشتبه بهم، أو سيارات يشك فيها الأمن أو المواطنون، وعلى الفور يتم رصد تحركاتها لمعرفة ما وراءها من أحداث.
ما هى الدول التى تمول الجماعات الإرهابية؟
هناك أطراف إقليمية ودولية وأجهزة استخبارات أجنبية تمول الجماعات الإرهابية، وذلك بغرض زعزعة الأمن فى المنطقة، ودويلة مثل قطر استطاعت خلال الأعوام السابقة، أن تنفق 65 مليار دولار، على شراء السلاح لدعم تلك الجماعات، لماذا؟؛ لأن الجيش القطرى 11 ألف جندى، وبالتالى لا يتطلب كل هذه الأسلحة بعشرات المليارات من الدولارات.
وأيضًا تركيا تمتلك وهم الخلافة العثمانية، ويريد أردوغان أن يكون خليفة المسلمين، ويعمل على زعزعة الأمن والاستقرار فى المنطقة، ويساعد فى دعم الإرهابيين للانتقال من العراق وسوريا إلى ليبيا لتهديد الحدود المصرية الليبية، وهناك أجهزة مخابرات أجنبية تعبث لتكون هناك فوضى؛ لأن الفوضى تعطيهم فرصة للتدخل فى الشئون الداخلية للبلاد.
متى تكون مصر خالية من الإرهاب؟
أعتقد فى الوقت القريب بمساندة القوات المسلحة والشرطة، وبالتنمية التى تقوم بها الدولة حاليًا وعلى وجه الخصوص فى أراضى سيناء، حيث قامت الدولة بإنشاء 112 مشروعًا فى سيناء لفتح آفاق وفرص عمل، وبالتالى يصعب اقتياد المواطنين للعمل مع تلك الجماعات الإرهابية، وبمحاربة الفكر المتطرف من خلال الأزهر والكنيسة والحملات التوعوية لهم دور كبير فى محاربة التطرف والفكر الهدام، ثم تجتمع هذه الأشياء للتعاون مع القوة الصلبة القوات المسلحة، التى تستطيع أن تنهى على الإرهاب.
هل مازال هناك تواصل بين بقايا الجماعات الإرهابية فى سيناء وحركة حماس؟
كان هناك مثلث فى سيناء هو الذى شهد التوتر، متمثل فى رفح والعريش والشيخ زويد، والآن القوات المسلحة تبسط يدها على كل مكان، لكن الجماعات الإرهابية كانت تستخدم الأنفاق التى صنعتها حماس، والجيش المصرى استطاع تدمير أكثر من 4 آلاف نفق بين مصر وقطاع غزة فى منطقة لا تزيد على 14 كيلو مترا.
أمَّا الآن بعد المصالحة بين حركة فتح وحماس، استطاعت أن تقلل من التهديد الذى عاشته من هذه الأنفاق، وعلى الجانب الآخر استطاعت حماس تقليل استغلال الإرهابيين لتلك الأنفاق، فهناك تعاون بين مصر وحماس للقضاء على العناصر الإرهابية والإجرامية.
كيف تتعامل الحكومة مع إرهاب الإنترنت؟
الجرائم الإلكترونية صدر لها قانون يراقب جميع الصفحات المستخدمة على مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال مباحث الإنترنت؛ لأن الجرائم الإلكترونية تستطيع أن تسيطر على الأجواء فى الشارع المصرى وتقلبها رأسًا على عقب، ويكفى أن نعرف أنه تم 45 مليار اختراق لوسائل الاتصال على مستوى العالم فى عام 2018، وبالتالى الجرائم الإلكترونية منتشرة فى العالم كله، ووزارة الداخلية تسعى للسيطرة على مثل هذه الجرائم، من خلال المتابعة ويتم القبض على المشتبه فيهم على الفور لتحقيق القانون.
هل القوات المسلحة والشرطة تحاربان الإرهاب وحدهما فى سيناء؟
شيوخ وعواقل سيناء يساعدون القوات الأمنية هناك، ويكونون عيونًا لهم فى معظم الأوقات، حيث إنهم كانوا يعيشون استشعار القوات المصرية فى حرب 73 حتى الانتصار على القوات الصهيونية، فهناك تعاون بين الأهالى والقوات فى الحرب على الجماعات الإرهابية، فى أرض الفيروز.
لماذا لا تملك مصر كاميرات مراقبة لكشف الجريمة قبل وقوعها؟
كاميرات المراقبة لها أهمية كبيرة فى كشف غموض العديد من الحوادث، حيث إن القانون أصبح يلزم من يمتلكون المحلات التجارية والعمائر بتركيب الكاميرات لتصوير المكان لحظة بلحظة، وفى سيناء هناك كاميرات مراقبة تقوم برصد من يقومون بزرع العبوات الناسفة، وهذه الكاميرات متصلة بمركز قيادة وطائرات بدون طيار، تجول سماء سيناء ليل نهار، لرصد جميع المناطق طوال الوقت، وفرض السيطرة على كل المناطق المهددة، وهذا الرصد يتضح من خلال العملية الشاملة التى تمت من خلالها استهداف عشرات البؤر الإجرامية.
حدثنا عن أهم اللحظات فى حرب أكتوبر التى شاركت فيها؟
حرب أكتوبر يوجد بها العديد من الدروس والعبر، التى يستفيد منها الإنسان طوال حياته، ومازالت الفنون التى حدثت فى كواليس تلك الحرب تُدرس فى أكبر أكاديميات العالم، وفى ذكرى تلك الحرب، يجول بفكرى مشهد لن أنساه طوال حياتى، وهو حينما قامت إسرائيل قبل الحرب بالتخطيط لإشعال القناة، بمانع يسمى المانع الحارق، وجعل النيران تمشى فوق المياه ويصل ارتفاعها إلى 5 أمتار، ودرجة حرارتها 700، ولكن المخطط المصرى استطاع أن يجهض هذه الموانع الحارقة بمواد شديدة التصلب، وفى عدد 2662 ماسورة كانت ستطلق النيران على طول 162 كيلو، ولكن فوجئوا بإبطالها فى يوم السادس من أكتوبر.
الكلمة التى قالها السادات عندما علم باستشهاد شقيقه؟
طبعًا يوجد العديد من القتلى والمصابين، ولكن القادة كانوا لا يريدون أن يخبروه حتى لا يتملكه الحزن، حيث استشهد فى الموجة الجوية الأولى، وحينما علم باستشهاد شقيقه قال أنتم جميعًا أبنائى، وواصل العمل وإعطاء التعليمات.