قالت "كاترين جابر" صحفية وباحثة في العلوم السياسة بجامعة السوربون، أن أذرع إيران في منطقة الشرق الأوسط تهدد مصالح كآفة القوى الإقليمية والدولية، ولكن دعنا نتحدث عن زوايا وأنواع تلك التهديدات بالنسبة للولايات المتحدة، فالمليشيات العسكرية الموالية لإيران في كل أرجاء المنطقة تمثل تهديدات بشكل مباشر وغير مباشر بالنسبة للولايات المتحدة.
وأكدت "كاترين"، أن هناك سبب فكري أيديولوجي سياسي لا يمكن اختزاله لكي نفهم أسباب الصراع الأخرى، ألا وهو : تلك الميليشيات المسلحة لا تؤمن مطلقا بمفهوم "الدولة القومية" الذي يعيشه العالم كله منذ قرون، أي بمعنى أن كل رقعة جغرافية يعيش عليها مجموعة من الأفراد يتقاسمون نفس المبادئ الأخلاقية واللغة والتاريخ وتجمعهم مصالح مشتركة ومن ثم ينتمون لنفس الراية ونفس الوطن، هذا المبدأ لا تعمل ولا تقتنع فيه تلك الميليشيات فإن ولائها للحرس الثوري الإيراني أعلى بكثير من ولائها للدولة التي تعيش فيها، ما أدى إلى حدوث أزمة "مواطنة" لدى معظم المنتمين إليها، وهو ما شهدناه مؤخرا.
وذلك عندما عرض رئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي" اقتراح ضم ميليشيات الحشد الشعبي التابعة للحرس الثوري إلى الجيش الوطني العراقي ثم وجد أزمة في تحقيق ذلك بسبب ولاء الفرع الأقوى في هذه الميليشيات لطهران أكثر من العراق.
وفي نفس النقطة، تلك الأذرع تؤمن بنفس الفكر الحاكم في إيران منذ عام 1979 أي منذ اندلاع الثورة الإيرانية وهو الفكر "الثوري" وهو ما يهدد استقرار كل الأنظمة والحكومات حليفة الولايات المتحدة بشكل مستمر.
وأضافت "كاترين جابر"، أن الإمام الخميني كان قد قالها عام 1980 : "نحن في جمهورية إيران الاسلامية سوف نعمل بجهد من أجل تصدير ثورتنا للعالم". فإذا نظرنا إلى منظمات "سرايا الأشتر" و "سرايا المختار" في البحرين التي تستلهم أفكارها العقائدية من التيار الشيرازي في إيران وهو إحدى التيارات الأكثر تشددا، قد حاولت تكرارا ومرارا منذ تأسيسها في أواخر عام 2012 العصف بالدولة البحرينية من خلال عمليات مخططة تستهدف مؤسسات حكومية وأماكن عامة مدنية، ما دفع الحكومة لتصنيفها كجماعة إرهابية في عام 2014، ثم ضغطت على الولايات المتحدة لإتخاذ نفس القرار في عام 2018 وهو ما حدث بالفعل حيث صنفت واشنطن "سرايا الأشتر" كمنظمة إرهابية خارجية بموجب القسم 219 من قانون الهجرة للولايات المتحدة ... ما لقى ترحيبا في الداخل البحريني.
وأشارت "الباحثة فى العلوم السياسية"، أن هناك أسباب جيواستراتيجية، تتمثل في أن تلك الكيانات هي مربوطة ببعضها البعض ارتباطا وثيقا بشكل "عابر للحدود الجغرافية"وفي هذه النقطة لابد من الاشارة إلى "النزعة التوسعية الايرانية في المنطقة" ما دفع طهران لتأسيس "جيش التحرير الشيعي"، بقيادة قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
فجماعة الحوثي ذراع إيران في اليمن، وقد تلقى أفرادها تدريبات لدى حزب الله اللبناني كما تلقت أفراد سرايا الأشتر البحرينية تدريبات في العراق من قبل ما يسمى ب"كتائب حزب الله العراقي" في يوليو 2017، كل ذلك يرسخ ويقوي من الحلف التابع لإيران "المتماسك" و"المتجانس" بشدة ويتبادل المعلومات والاستخبارات والتمويل والتزويد بالسلاح وبالتالي يشكل خطرا وتهديدا للحلف التابع للولايات المتحدة،وفي هذا السياق، تشكل تلك الأذرع تهديدا مباشرا لكبرى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وأكدت "كاترين"، أن هذه المليشيات تتصارع وتتصادم بشكل مستمر في النطاق الداخلي للدولة التي تتواجد بها سواء مع الجيش الرسمي أو مع جماعات طائفية أو سياسية أخرى، ما يزعزع استقرار تلك الدول وبالتالي يهدد المصالح الاقتصادية لكافة الجهات المستثمرة في تلك الدول ومنها : الولايات المتحدة. وفي النطاق الخارجي، ترتفع حدة التوتر مع دول الجوار ما يجعل الأجواء البرية والجوية والبحرية متوترة جدا.