لم تكن تعلم "منة" أن خروجها لشراء بعض المأكولات هي نهاية براءة الطفولة وبداية الشقاء، قصة مأساوية بطلتها طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة، لم تتخطى الـ16 من عمرها، والتي فقدت شرفها على يد ذئب بشري اندفع وراء غرائزه بدون رحمة أو شفقة.
منزل بدا عليه آثار القدم، مكون من 4 طوابق، شقة مكونه من 3 غرف وصالة، متوسطة الحال، أسرة مكونه من أم وشقيقتها و3 أطفال من بينهم، إحداهما كانت بطلة قصتنا.
سيد محمد شاب في الـ24 سنة، بالرغم من أنه ميسور الحال، وهذا مايجعل منه شخص ناجح بالحياة، ولكنه إختار طريق الذهاب بلا عاودة .
يوم الخميس في تمام الساعة الخامسة ونصف مساءا، نزلت الضحية "منه" لذهاب شراء بعض المأكولات، فقام الجاني ومعه صديق له، باصطحابها داخل توك توك لمسكنه، ثم تركه شريكة مع المسكينه ليغتصبها تحت تهديد السلاح، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قام المتهم بسرقة السماعات الطبية التي كانت ترتديها المجني عليها حتى يتمكن من قتل برائتها دون أن تصدر أي استغاثة، وبعد أن أشبع رغبته الحيوانية، تركها في حالة إغماء بالشارع، متخيلًا أنه فر بفعلته.
عثر الأهالي على الفتاة وقاموا بالاتصال بذويها وإخبارهم بما حدث، لتبدأ رحلة جديدة من المعاناة لكن الأهل قرروا الثأر لطفلتهم بطريق القانون.
انتقلت محررة "بلدنا اليوم"، لمنزل أهل الضحية للتحقيق في الواقعة وكشف ملابسات الجريمة، فبداخل تلك الشقة الصغيرة أم مصابة بإعاقة في جسدها نتيجة حادث، أبناء ثلاث في سن الزهور عبارة عن (بنتين وولد) الضحية واحدة منهم.
بصوت يملأه الحزن تحدثت خالة المجني عليها،هناء عبد الوهاب، أن الضحية طفلة لم تبلغ من العمر "16" عامًا، ولكن عقلها يتصرف بعقلية بنت الـ"10" سنوات وأنها متفوقة دراسيًا رغم إعاقتها، الجريمة كانت في غضون الساعة الخامسة والنصف مساءًا حال نزول المجني عليها لشراء بعض طلبات المنزل موضحة أن المطلوب لا يستغرق قضائه أكثر من "5" دقائق، ولكنها فوجئت بمرور وقت طويل ولم تعد الطفلة، فقاموا بالبحث عنها ولضيق الوقت ووجوب ذهاب الخالة لعملها لدى أحد الأطباء تركت الأم وأبنائها الصغار يبحثون عنها اعتقادًا أنها ذهبت برفقة صديقة لها.
ذهبت الخالة إلى عملها، لكنها فوجئت باتصال هاتفي من سيدة تدعى "أم مينا" تخبرها بأنها عثرت على منة ملقاة في الشارع فاقدة الوعي.
ذهبت السيدة التي عثرت علي الضحية بالبنت لمحال عمل "هناء" وعندما رأت الأخيرة نجله شقيقتها مقطعة الملابس أصابتها حالة من القلق معتقدة في البداية أن ذلك جاء نتيجة تعرضها للإغماء ولكن كانت المفاجأة أنها علمت أن الضحيه تم خطفها من خلال شابين بـ"توك توك"، وذهبا بها لإحدى الغرف السكنية وتركها أحدهما وبقى معاها الأخر وقام بتهديدها بسلاح أبيض "مطواة" وقام بنزع ملابسها واغتصابها.
بسؤال الضحية عن هوية مرتكب تلك الجريمة قررت لها إنها لم تعرفه ولكنها قامت بوصف المكان الذي اصطحبها إليه، موضحة أن الحائط مكتوب عليه أسماء مثل (إبراهيم طلبه) و(محمد طلبه)، مضيفة أن الطفلة تمتلك قوة في حفظ الأشياء بعينها "عنيها دي كاميرا" على حسب قولها.
واستكملت الخالة حديثها لـ"بلدنا اليوم" قائلة: "تحدثت على الفور مع الطبيب الذي أعمل لديه وقال لي خذيها حالًا واذهبي بها إلى مستشفى ناصر واثبتي حالة بوضعها، لكن المستشفى رفضت استقبال الحالة، فقمت بأخذها وذهبت لقسم أول شبرا الخيمة لتحرير محضر لإثبات حق المجني عليها وحررنا المحضر، وبسؤال البنت قالت ما تذكرته وأشارت إلى أنها ممكن تذهب بهم لمكان ارتكاب الجريمة".
بالفعل انتقلت قوة من مباحث القسم رفقه المجني عليه التي استطاعت إرشادهم عن المكان لتأتي المفاجأة بأن الواقعة ارتكب على بعد أمتار بسيطة من منزلها ومرتكبها من سكان المنطقة لكن لم يتم العثور عليه.
بعد ساعات قليلة تمكن المقدم أحمد عصر، رئيس مباحث قسم أول شبرا الخيمة، من القبض على المتهم، وباستجوابه اعترف بارتكابه الجريمة معللًا ذلك بأنه يحبها وكان يريد الزواج منها ولرفض أمها قرر الانتقام.
لم يقتنع "عصر" بتلك الأقوال وقام بمواجهة المتهم أمام أم وخالة الضحية وسأله من في هاتين السيدتين التي تقدمت لها ورفضتك ليرد الجاني: "تقدمت لوالدتها ورفضتني" وبإعادة سؤاله من هي فشل المتهم في تحديد الأم الحقيقية التي تقدم لها - على حد زعمه - وأشار بيده نحو خالتها.
استمر "رئيس المباحث" في إجراء التحقيقات والتحري حول الواقعة حتى تأكد صحتها، وبعرض المتهم على النيابة العامة أقر بارتكابه الواقعو، وأعلن استعداده الزواج من المجني عليها.
فيما قررت العائلة البسيطة فاقدة ثراء المال الغنية برضا الله حرصها على تحقيق العدالة في حق الطفلة اليتيمة رافضين مغريات أهل المتهم لإنقاذ رقبته من "حبل المشنقة" اعتقادًا منه بغلق أوراق القضية بورقة عرفي وشقة.
والتقطت أم الطفلة أطراف الحديث قائلة: "أنا تعبانة وأصيبت بذبحة صدرية عقب ما حدث لنجلتي، أنا طول عمري بشقى على أطفالي ورغم كبر سني واصابتي إلا أني اعمل جليسة لمسنة بمنطقة الحلمية كي أستطيع الإنفاق على أبنائي وأعلمهم واحميهم من غدر الزمان حتى جاء غدر البشر وقتل براءة طفلتي المعاقة".
وبدموع تغمر وجهها ناشدت الأم الجهات المعنية إنقاذ مستقبل ابنتها وحمايتهم من التهديدات والضغوط التي يتعرضون لها وطالبت الرئيس السيسي بسماع صوتها مطالبة بضرورة نقل سكنها من المنطقة لصعوبة استمرار حياة البنت المجني عليها وسط الذين شهدوا الجريمة وخوفًا من حدوث مكروه لها وأشقائها الصغار من أهل المتهم.
وتدخلت الطفلة الضحية في الحديث مستعينة بسماعة طبية لحسن الحظ استلمتها قبل إجراء المقابلة بساعات قليلة حتى تستطيع التحدث لـ"بلدنا اليوم"، مقررة ما جاء على لسان أهلها ونافية قطعًا اعترافات المتهم بإنها تعرفه قبل الواقعة وأن قصة حب تجمع بينهما، مؤكدة إنها أول مرة ترى هذا الشخص يوم ارتكاب جريمته.
من جانبه قال صبري عثمان، مدير خط نجدة الطفل، أنه سيتم إعداد تقرير من المجلس لبحث حالة للطفلة في ضوء المقابلة معها اليوم وما تضمنته أوراق التحقيقات بالنيابة.
وأضاف، أنه كان حاضر معها محام من المجلس وأخصائية وجلسوا مع الطفلة وخالتها وحصلوا علي صورة رسمية من الأوراق، مؤكدًا أنه فور علم المجلس بالواقعة تم إبلاغ مكتب النائب العام عن واقعة الخطف والاغتصاب.
وعلى جانب آخر صرحت المحامية بالنقض نادية عبدالله، مسئول الحماية القانونية بالمجلس القومي لشئون الإعاقة، أن المتهم ترك المجني عليها بعدما أشبع رغبته الحيوانية وهي في حالة إغماء بالشارع، مشيرة إلى أنه من متعاطي المواد المخدرة.
وأكدت أنه تم عرض الطفلة على الطب الشرعي وأخذ العينات واستلام ملابسها التي كانت ترتديها، وأنه من المفترض أن يتم أخذ عينة من المتهم.
وأنهت حديثها قائلة: "محامي المتهم يحاول بشتى الطرق التصالح وتحرير ورق عرفي بتاريخ سابق مع حفظ الحقوق المادية للمجني عليها"، معلنة رفضها التام لهذه المحاولات التي وصفتها بـ"الهراء".
وعلى صعيد آخر قالت داليا عاطف، مسئول إدارة المرأة والطفل بالمجلس القومي لشئون الإعاقة، إنها أبلغت كل من المجلس القومي للطفولة والأمومة وخط نجدة الطفل والذين وعدوا بأنهم سيتدخلون لمساندة الفتاة معنويًا ونفسيًا خاصة وأن الطفلة تعاني من إعاقة سمعية وقصور ذهني.
وأشارت داليا عاطف، إلى أن أسرة الطفلة تتعرض لضغط شديد من قِبل محامي المتهم وأسرته وابتزازهم بالأموال للموافقة على عقد قران الفتاة على الجاني في النيابة العامة.
وأنهت مسئول إدارة المرأة والطفل بالقومي لشئون الإعاقة، حديثها لـ"لبلدنا اليوم"، قائلة أن المجلس ضد أي انتهاك أو عنف تتعرض له أي فتاة أو امرأة ذات إعاقة، وأكدت أنه سيقوم بدوره المنوط به في التنسيق بين الجهات المعنية بداية من قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية والمجلس القومي للطفولة والأمومة لدعمها والتأكد من توفير مترجم إشارة أثناء التحقيق وسرعة الإجراءات اللازمة حتى تحصل الفتاة على كافة حقوقها.