مع إعلان منظمة العمل الدولية، إدارج مصر إلى قائمة ملاحظاتها القصيرة المعروفة إعلاميًا بـ"القائمة السوداء"، والتي تتضمن البلاد التي لا تطبق الاتفاقيات والمعايير الدولية، خلال فعاليات الدورة 108 لمؤتمر العمل الذي تنظمه المنظمة في شهر يونيو سنويا بجنيف، أعلنت الحكومة متمثلة في وزارة القوى العاملة، عن استعدادها لإدخال أي تعديل توصي به لجنة الخبراء بلجنة معايير العمل الدولية.
ووصف عدد من الخبراء، في تصريحات لـ"بلدنا اليوم"، استهداف العمل الدولية لمصر، وادراجها في القائمة القصيرة، بـ"المسيّس"، متسائلين عن السبب في عدم ادراج عدد من الدول التي تنتهك حقوق العمال كـ"إسرائيل"، في قائمة العمل السوداء.
عاملة النواب: عمل دؤوب لتفادي الملاحظات
قال النائب عبد الفتاح يحيى، أمين سر لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن مظمة العمل الدولية، وضعت مصر إلى قائمة ملاحظاتها القصيرة المعروفة إعلاميًا بـ"القائمة السوداء"، في 2017، بسبب عدم صدور قانون جديد للعمل، وعدم إقرار قانون التنظيمات النقابية.
واستنكر يحيي، في تصريح لـ"بلدنا اليوم"، وضع مصر هذا العام للمرة الخامسة، في القائمة السوداء، رغم صدور قانون التنظيمات النقابية، واجراء الانتخابات العمالية عقب 12 عام، نتج عنها تكوين لجان نقابية تعمل في مؤسسات العمل المختلفة، إلى جانب الإنتهاء من قانون العمل الجديد، الذي من المقرر عرضه في الجلسة العامة، خلال الأسابيع المقبلة.
وبحسب أمين سر لجنة القوى العاملة، فإن مصر مستهدفة من قبل العديد من المنظمات المختصة بحقوق الإنسان، ومنظمة العمل الدولية، موضحًا: "الحكومة المصرية استجابت لبعض ملاحظات لجنة الخبراء، قبل مؤتمر جنيف، بشأن تعديل بعض من مواد قانون 213 لسنة 2017 بشأن المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي، ومنها المادة الخاصة بالأعداد المطلوبة لإنشاء لجنة نقابية، والوفد المصري الذي حضر المؤتمر فنّد الملاحظات وما قامت الحكومة بتنفيذه على أرض الواقع، ورغم ذلك تم ادراجنا في القائمة القصيرة".
ولفت يحيى، إلى أن المرحلة المقبلة، ستشهد عمل دؤوب من قبل الحكومة المصرية، في مناقشة جميع الملاحظات التي تمت الإشارة لها من قبل منظمة العمل الدولية، ليتم معالجتها للخروج من هذا التصنيف، الذي يشكّل مصدر قلق وضرر على الاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن وزارة القوى العاملة، تحاول معالجة سلبيات أزمنة سابقة، خاصة بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، مقاليد الحكم، مؤكدًا على ضرورة التعاون بين جميع الفات العمالية، للخروج من هذا المأزق والوصول بمصر لبر الأمان.
اتحاد العمال: ملاحظات مسيّسة
وعن أهم الملاحظات التي أدت إلى دخول مصر في القامة السوداء، أشار عبد المنعم الجمل نائب رئيس اتحاد عمال مصر للعلاقات الدولية، ورئيس النقابة العامة للعاملين بالبناء والأخشاب، إلى أن في مقدمتها تعديلات قانون التنظيمات النقابية، استجابة لملاحظات العمل الدولية، المتعلقة بعدد أعضاء اللجان النقابية، بتقليل العدد المطلوب لتكوين اللجنة النقابية من 150 عاملاً إلى 50 عاملاً فقط، وتشكيل النقابة العمالية من 15 لجنة نقابية تضم فى عضويتها 20 ألف عامل على الأقل، إلى 10 لجان نقابية تضم فى عضويتها 15 ألف عامل.
وأشار الجمل، في تصريح لـ"بلدنا اليوم"، إلى أن عدم إصدار البرلمان تصديق على تلك التعديلات حتى الآن، أدى إلى اعتبارها ملاحظة مازالت قائمة من قبل العمل الدولية، مضيفًا:" هناك ملاحظة أخرى تتعلق بإلزام مصر بإلغاء مادة تشير إلى حظر انشاء تنظيمات نقابية على اساس ديني أو طائفي أو عرقي، وهو الأمر الذي يعد غير مقبول لدى الدولة المصرية، حتى وان كانت مشروطة باستمرارنا في القائمة السوداء، بالإضافة إلى ملاحظة خاصة برفض العمل الدولية إشراف أي جهة حكومية على تمويل اللجان، مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، وأوضحنا في المؤتمر أن تلك مسألة يتم حلّها من قبل الجمعيات العمومية للنقابات، ولا يوجد قانون لتنظيمها".
واتهم نائب رئيس اتحاد عمال مصر للعلاقات الدولية، العمل الدولية بتسييس الأمر، قائلاً: " هناك دول عربية واجنبية، تنص قوانينها على أن يتكون التنظيم النقابي من 300 عضو في اللجنة، فلما لا يتم وضعها في القائمة السوداء، ولماذا لا يتم وضع ملاحظات على إسرائيل، التي تنتهك حقوق العمال الفلسطينيين، فهي أمور تدعو للدهشة والتساؤل، عن موقف المنظمة المعادي لمصر".
وأكد الجمل، على أن الحكومة لمصرية المتمثلة في وزارة القوى العاملة، أبدت استعدادها الكامل في بذل الجهود من أجل تلافي تلك الملاحظات، "القصة ليست صراع بين اشخاص او جهات، فما يهمنا في النهاية هي اصلاح أي ملاحظات لأي جهة عن مصر، من أجل توصيل الصورة الحقيقية بعيدا عن خلافنا في الرأي، فالمصلحة واحدة، هي المحافظة علي وطننا الأم من أجل الارتقاء بها وباستثماراتها واقتصادها".
واستطرد: "تم الاتفاق على عقد اجتماع مرتقب، بين وزارة القوى العاملة واتحاد عمال مصر، وأصحاب الأعمال واتحاد الصناعات، لمناقشة العمل سويًا من أجل تفادي الملاحظات".
القوى العاملة: نحرص على الامتثال للمعايير الدولية
وأكد محمد سعفان، وزير القوي العاملة، على أن الدولة المصرية حريصة كل الحرص على الارتقاء بمناخ العمل المصري، فالوزارة انجزت 3 قوانين عمالية، منها إصدار قانوني التنظيمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم، وانتخابات مجالس إدارة شركات القطاع العام والأعمال العام، ومشروع قانون العمل الجديد المعروض حاليا على البرلمان.
وتابع: "نعمل حاليا على تعديل بعض أحكام قانون التنظيمات النقابية تنفيذا لتوصية لجنة الخبراء بالمنظمة، والمجلس الأعلى للحوار المجتمعي في مصر، لتخفيض الحدود الدنيا اللازمة لتشكيل المنظمات النقابية، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية، لتعزيز امتثال مصر لمعايير العمل الدولية".
وشدد وزير القوى العاملة، على أنه بعد وضع مصر على قائمة الملاحظات القصيرة، مازالت الدولة تؤكد حرصها علي توافق تشريعاتها لمعايير العمل الدولية، لافتًا إلى أنها علي استعداد لإدخال أي تعديل توصي به لجنة الخبراء بلجنة معايير العمل الدولية، وذلك بإجراء حوار مجتمعي خلال الفترة القادمة مع منظمات أصحاب الأعمال وممثلي العمال.