شهدت الجمعيات الأهلية في الآونة الأخيرة، تحول واضح وصريح للمؤسسات الوطنية والتي تهدف في الأساس إلي تنمية المجتمع وتحسين أوضاعه لتعود بالنفع علي المواطنين، إلي كيانات تستغل كغطاء تمويلي لدعم الجماعات المتطرفة والتكفيرية لتوفير الأموال ولتنفيذ العمليات الإرهابية من أجل إثارة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار وتوجيه ضربات ضد مؤسسات الدولة، فضلًا عن تمويل عدد من منظمات المجتمع المدني، من أجل تسليط الضوء على أوضاع سياسية واقتصادية يتم استغلالها لتشويه صورة مصر في الخارج.
الأمر الذي جعل الرئيس عبد الفتاح السيسي، يعترض على قانون الجمعيات الأهلية، والذي أصدره الدكتور علي عبد العال، رئيس البرلمان، في إحدى الجلسات العامة، مطالبًا إعادة القانون مرة أخرى إلى البرلمان لتعديله، ليخرج في صورة أفضل من ذلك.
بداية الحكاية
كانت بداية القانون، في أكتوبر 2016؛ حيث تقدم به النائب عبدالهادي القصبي، رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، ورئيس ائتلاف دعم مصر (ائتلاف الأغلبية)، إلى الدكتور علي عبدالعال، رئيس البرلمان، لتتم إحالته إلى اللجان المتخصصة، ثم يعود مرة أخرى إلى قاعة الجلسة لخروجه إلى النور.
وتم طرحه للمناقشة في لجنة التضامن الاجتماعي، على مدار خمسة اجتماعات في سبيل مناقشة المشروع، وحضر هذه الاجتماعات ممثلون عن المستشار مجدى العجاتي، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، وسط تأكيدات من جانبهم أن الحكومة تطالب بالانتظار لحين الانتهاء من مشروع القانون الخاص بها، لكى تتم مناقشتهما سويًا، إلا أن الأعضاء توافقوا على أنهم أصحاب التشريع ولم ينتظروا قانون الحكومة.
منح الضوء الأخضر
في نوفمبر 2016، وعقب الانتهاء من مناقشة القانون تم طرح مناقشته بالجلسة العامة للبرلمان، وسط اعتراضات من الكثير، بمن فيهم الحكومة، إلا أنه في جلسة وصفها الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب بالتاريخية، خاصة أنه تمت الموافقة على مشروع القانون بعد أن ظل في البرلمان "ستة أشهر".
فقرر ثلثي البرلمان إطلاق القانون إلى النور لينفذ على أرض الواقع، وقابل النواب الموافقة على القانون بالتصفيق الحار، واعتبرها رئيس المجلس بأنها رسالة للعالم أجمع بأن البرلمان متحد.
وكان المجلس قد قابل عاصفة نقد من العاملين في العمل الأهلي داخل مصر وخارجها عقب الموافقة النهائية على مشروع القانون، حيث اعتبره النشطاء تقييدًا للعمل الأهلي بينما انتقدته الحكومة؛ لأن البرلمان لم ينتظر مشروع قانونها.
وجوده داخل قصر الاتحادية
وبعد منحه الضوء الأخضر من قبل البرلمان، تم إرساله إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليصدق عليه في نهاية مايو 2017، دون أن تصدر لائحته التنفيذية حتى حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي، في إحدى جلسات منتدى شباب العالم، على الرغم من إصدار الموافقة عليه من قبل النواب عام 2016.
منتدى شباب العالم يحييه من جديد
وكانت الفتاة يوستينا ثروت، وجّهت للرئيس استفسارًا حول قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، مخاطبة الرئيس بقولها: "قانون منظمات المجتمع المدني يحتاج نظرة من سيادتك وصلاحياتك الدستورية"، ورد الرئيس بقوله: "أنا متفق معاكي.. كان فيه تخوف أدى إن القانون يخرج بشكل فيه عوار".
إلغاء القانون 70 لسنة 2017
بعد مرور أكثر من شهر على إعلان اللجنة المكلفة من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ووزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، عن إعداد مشروع قانون جديد للجمعيات الأهلية، وذلك بعد موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسى، على إعادة طرح قانون الجمعيات الأهلية للتعديل، حيث استقرت اللجنة على إلغاء القانون 70 لسنة 2017، وعدم تعديله، من أجل تعزيز العمل الأهلي لما له من دور إيجابي في التنمية الاجتماعية.
أبرز ملامح مشروع القانون
- توحيد الجهات المنوط بها الإشراف على مؤسسات المجتمع المدني في جهة إدارية واحدة.
- إلزام الجهة الإدارية المنوط بها الإشراف على مؤسسات المجتمع المدني، بإنشاء قاعدة للبيانات تقيد فيها جميع مؤسسات المجتمع المدني وأنشطتها وبرامجها ومصادر تمويلها.
- للجهة الإدارية التصريح للأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية المصرية أو منهما معا بإطلاق أو تنفيذ مبادرة أو حملة لتنفيذ نشاط معين من أنشطة العمل الأهلي المصرح للجمعيات بتنفيذها وفقاً لأحكام هذا القانون.
- بما لا يجاوز نسبة 25% من عدد الأعضاء، يحق لغير المصريين ممن لهم إقامة قانونية دائمة أو مؤقتة في مصر، الاشتراك في عضوية الجمعيات أو مجالس إدارتها.
- للوزير المختص الترخيص لأي من الجاليات الأجنبية في مصر إنشاء جمعية تعنى بشئون أعضائها، بشرط المعاملة بالمثل.
- يجوز للجمعيات فتح فروع لها خارج جمهورية مصر العربية، وفقاً للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
- بناء على ترخيص من الجهة الإدارية للجمعيات أو لغيرها تخصيص أماكن لإيواء الأطفال والمسنين والمرضى بأمراض مزمنة وغيرهم من المحتاجين إلى الرعاية الاجتماعية والأشخاص ذوي الإعاقة.
- إلزام الجمعيات بفتح حساب بنكي في أحد البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزي.
- منح الجمعيات الحق في تلقي الأموال النقدية من داخل الجمهورية من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو منظمات أجنبية غير حكومية مصرح لها بالعمل داخل مصر.
- السماح لكل من وجه الدعوة للجمهور لجمع التبرعات النقدية والعينية بخلاف مؤسسات المجتمع المدني التصرف في هذه التبرعات بعد الحصول على تصريح بذلك من الجهة الإدارية.
- يحق قبول وتلقي الأموال والمنح والهبات من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو أجنبية من خارج البلاد أو من أشخاص طبيعية أو اعتبارية أجنبية من داخل البلاد، بعد إخطار الجهة الإدارية وعدم اعتراضها خلال المدة المحددة، وتعتبر موافقة إذا انقضت المدة.
- إلزام الجمعية بالنزاهة والشفافية والإفصاح والإعلان عن مصادر تمويلها واتباع قواعد الحوكمة والإدارة الرشيدة، على أن يتم الإنفاق في الأغراض المخصصة لها، ولها أن تستثمر فائض إيراداتها على نحو يضمن لها الحصول على مورد مالي ملائم أو أن تعيد توظيفها في مشروعاتها الإنتاجية والخدمية لدعم أنشطتها.
- يجوز للجمعية تأسيس أو المساهمة في تأسيس شركات وصناديق استثمار خيرية ترتبط بأنشطتها وبما يحقق الاستثمار الآمن لها، واستثمار العائد لتحقيق الاستدامة المالية لأنشطة الجمعية.
وبعد انتهاء وزارة التضامن الإجتماعي، والجهات المسؤله عن مناقشة القانون، وكان من المفترض أن يناقشة الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، في إحدى الجلسات العامة، إلا أنه من المعتقد أن القانون ضل طريقه للذهاب إلى طاولة عبد العال؛ وذلك لعدم مناقشتة حتى الآن، أو إثارة الحديث حوله.