يستعد المصريون للاحتفال بعيد الفطر المبارك، بعد عدة ساعات، ويستقبل المواطنون عطلة العيد، بالتنزه في الحدائق والمنتزهات، للاحتفال بتلك المناسبة العظيمة، إلا أن تلك المناسبة لا تخلو من المتحرشين الذين يعكرون صفو الاحتفال، وخاصة في أوساط المراهقين.
وكثيرًا ما حاول المشرع المصري للتصدي لتلك الظاهرة من خلال القانون، إلى جانب مجهودات مؤسسات الدفاع عن حقوق المرأة في مصر. وبعد أن كان مجرد الحديث عن الظاهرة "محرمًا"، استطاعت المؤسسات الحقوقية كسر حاجز الصمت لأول مرة عام 2006، مرورًا بحصول أول سيدة مصرية على حكم قضائي في قضية تحرش ووصولًا إلى إقرار قانون يجرم الظاهرة عام 2014، ونرصد فيما يلي رحلة تعديلات قانون التحرش في مصر:
العقوبة الحالية
تنص المادة 306 مكرر (أ) تنص على"يعاقب المتهم فيهل بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية.
تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن الحبس سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيها وبإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه.
في حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.
تنص المادة 306 مكرر (ب): يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرر (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
إذا كان الجانى ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحا تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين والغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه.
2011
في العام 2011 درست الحكومة تعديل وإضافة 9 مواد جديدة لقانون العقوبات لمواجهة زيادة معدلات جرائم التحرش الجنسي وهتك العرض، بالإضافة لعدم تناسب بعض مواد القانون مع خطورة الجرائم، ووجود قصور قانوني في استيعاب بعض الأفعال التي من المفترض أن تقع تحت طائلة قانون العقوبات.
وناقش مجلس الوزراء حينها تشديد العقوبات الواردة في المواد 267، 268، 269، 269 مُكرر، 288، 289، 306 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات، سواء بتغليظ العقوبات الواردة أو تقليص فرص تخفيف تلك العقوبات، وإضافة مادة جديدة برقم 290 مكرر تنص على عدم جواز تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، وهي المادة التي تعطي القاضي سلطة الرأفة، مع استثناء الحالات المحكوم فيها بعقوبة الإعدام مع جواز النزول بالعقوبة إلى السجن المؤبد.
ويتبنى القانون رفع سن المجني عليه في المواد 268 ، 288 ، 289 إلى 18 ، بدلا من 16 سنة، ورفع السن من 7 سنوات إلى 12 سنة فى المادة 269 لحماية الأطفال من جرائم الاعتداء الجنسي والخطف.
وطالبت المناقشات باستحداث ظرفين مُشددين في المادة 288 هما خطف المجنى عليه الذي لم يبلغ العاشرة بغير تحايل أو إكراه، واقتران الخطف بجريمة الاغتصاب أو هتك العرض، وإضافة تعديل المادة 289 الخاصة بفعل هتك العرض وإزالة التمييز في الجريمة بين الذكر والأنثى.
كما تقرر تعديل المادة 306 مكرر ( أ ) لمجابهة ظاهرة الترويع، والتي تمثل بعض صورها الإحاطة بالمارة، خاصة الإناث، والاحتكاك الجسدي، والتهديد، وإلقاء الروع في نفوسهن حتى إذا لم يتضمن ذلك ما يمكن اعتباره قانونا خدشا للحياء.
وتضمن المادة المعدلة عقوبات على الجرائم التي تتم بواسطة المحمول أو الإنترنت، أو خدمات الرسائل القصيرة، وغيرها.
إصدار القانون في 2014
وأصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي ينهي مهامه رسميا الأحد المقبل بعد أداء الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي لليمين الدستورية، قرارا بقانون يفضي بتعديلات في قانون العقوبات لتجريم التحرش.
ووفق التعديلات فإن "كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الإتصالات السلكية واللاسلكية يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وبحسب التعديلات فإن العقوبة تشدد "إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه" لتكون "الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
ويقضي التعديل بمضاعفة العقوبتين الأخيرتين في حالة تكرار الجريمة.
وينص التعديل على أنه إذا ارتكبت الجرائم السابقة "بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، فإن هذه الجريمة تعد تحرشا جنسيا ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وبموجب التعديل الجديد فإذا كان مرتكب جريمة التحرش "له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحا" فإن العقوبة تزيد لتصل إلى "الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنين والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه".
مقترحات برلمانية 2017
وفي العام 2017، تقدم طارق الخولي، عضو مجلس النواب، بمشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (58) لسنة 1937 بتغليظ عقوبات جريمة التحرش الجنسي المنصوص عليها في المواد 306 مكررًا (أ) و306 مكررًا (ب) واستحداث مادة جديدة برقم (306 مكررًا ج).
وأكد النائب أن التعديلات لمواجهة جريمة التحرش بذوي الإعاقة حيث جاءت العقوبات المقترحة على الجاني مضاعفة ومغلظة، لما لهذه الجريمة من أثر نفسي غائر فى المجني عليه لانتفاء قدرته في درء الضرر عن نفسه.
وجاءت نصوص التعديلات:
يتم استبدال نصوص المواد أرقام (306 مكررًا أ - 306 مكررًا ب) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (58) لسنة 1937 بالنصوص الآتية:
"مادة 306 مكررًا (أ): يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على سبعة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية".
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه.
وفي حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.
مادة 306 مكررًا (ب): يعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكررًا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
فإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحًا تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تجاوز عشر سنوات والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه.
كما تضاف مادة جديدة برقم (306 مكررًا ج) إلى قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (58) لسنة 1937، نصها الآتي:
مادة 306 مكررًا (ج): يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه كل من تحرش جنسيًا بالغير من ذوي الإعاقة في مكان عام أو خاص سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل.
وفي حالة ما إذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه من ذوي الإعاقة أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحًا تضاعف عقوبتا السجن والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.
حيث إنه وفق التعديلات المقترحة قد تم تغليظ العقوبات المقررة لإتيان الأفعال الإجرامية المنصوص عليها في المواد سالفة الذكر، لتتراوح بين الحبس والسجن مدد من سنة إلى عشرين سنة، وغرامات تتراوح بين خمسة آلاف جنيه إلى مائتي ألف جنيه.
كما تم إضافة ثلاث مواد إصدار في التعديل المقترح تضمنت إلغاء كل حكم يخالف أحكام هذا القانون في حالة إقرار تعديله، بالإضافة لإصدار وتعديل مجلس الوزراء للقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، وأخيرا أن ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره.
- فلسفة التعديلات المقترحة وأهدافه:
تأتى التعديلات المقترحة، ارتكازًا واستقراءً وقياسًا على أحكم الدستور الواردة في ثلاث من مواده والتي جاءت نصوصها كالتالي:
المادة (11) "تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور".
وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها.
وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل.
كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا"
المادة (51) "الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها"
المادة (59) "الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها"
فمن خلال مواد الدستور سابقة السرد، تبرز الفلسفة والأهداف التي ترتجى من وراء هذا التعديل المقترح على القانون بتغليظ العقوبات المقررة للردع العام والخاص في حماية المرأة ضد كل أشكال العنف، واحترام كرامة الإنسان وحظر المساس بها، وتوفير الأمن والطمأنينة للمواطنين وكل مقيم على أراضينا، مع إضافة مادة جديدة من شأنها مواجهة جريمة التحرش بذوي الإعاقة، حيث جاءت العقوبات المقترحة على الجاني مضاعفة ومغلظة، لما لهذه الجريمة من أثر نفسي غائر فى المجني عليه لانتفاء قدرته في درء الضرر عن نفسه، بالإضافة إلى خسة الجريمة في الاعتداء على من يجب أن يحنو عليه المجتمع اعتبارًا لظروفه.
فقد بات التحرش الجنسي للنساء من جميع الفئات والأعمار داخل المجتمع المصري، فإن القضية لا تتمثل في الملابس أو السلوك لدى النساء، فوفقًا لدراسة أعدتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة في 2013 فإن نحو 99% من النساء في مصر قد تعرضن لصورة من صور التحرش، وطبقًا لدراسة المركز المصري لحقوق المرأة عام 2008، كانت 72% من النساء اللاتي تعرضن للتحرش يرتدين الحجاب أو النقاب، وقد كانت هذه النسبة في ذلك العام 2008 تساوي تقريبًا نفس النسبة المئوية لمجموع النساء اللاتي يرتدين الحجاب والنقاب في المجتمع، وهو ما يشير إلى أن النساء المصريات يتعرضن للتحرش بغض النظر عن الملابس أو المظهر.
وأشار المجلس القومي لحقوق الإنسان في عام 2012 بأن أكثر من 70% من النساء في مصر يتعرضن للتحرش في الشوارع والأماكن والمواصلات العامة، بالإضافة إلى أن بعض الأبحاث تشير إلى أن جرائم التحرش ليس لها مواعيد محددة، فهي تحدث في أي وقت طوال اليوم وليس ليلا فحسب، فنحو 68% من النساء يتعرضن للتحرش في فترة ما بين الظهيرة وقبل حلول المساء.