الجرائد الحزبية هي المنبر الوحيد لأحزابها فهى التي تعبر عن صوتها وتدافع عنها، ويوجد في مصر ما يقرب من 106 حزب، ولكن 6 أحزاب فقط هم الذين يمتلكون جرائد، وعلى الرغم من العدد القليل منهم إلا أن أغلبها اختفت وتوقفت عن الإصدار، فمنذ أن أعلنت حكومة المهندس شريف إسماعيل السابقة، عن الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت بتحرير سعر الصرف، وارتفع على إثرها سعر ورق الطباعة للضعف، ما لبث أن زادت القيمة مرة أخرى بنسبة 45% بعد زيادة أسعار ورق الطباعة عالميًا، أدت إلى توقف أغلب هذه الجرائد بسبب الأزمات المالية التي تعانى منها الأحزاب وارتفاع أسعار الورق والأحبار.
فجميع الجرائد المصرية سواء القومية والحزبية والخاصة تعانى في السنوات القليلة الماضية، من الأزمة المالية وعزوف المواطن عن شرائها بسبب ظهور المواقع الإلكترونية والتي تُلبى جميع احتياجات المواطن في معرفة الأخبار بشكل أسرع.
فقد فقدت الصحافة الحزبية دورها وبريقها في الشارع، بسبب هذه الأزمات الطاحنة التي مرت بها مؤخرًا، مما جعلها تختفي في ظروف غامضة .
وفى هذا التقرير نرصد أسباب اختفاء هذه الجرائد وما هي الحلول التي من الممكن أن تعيدها من جديد.
"زين الدين" جريدة الوفد الوحيدة المتبقية والتي تصدر حتى الآن
قال وجدي زين الدين، رئيس تحرير جريدة الوفد، إنه لا توجد جريدة حزبية تصدر فى مصر غير جريدة الوفد، وأحيانا جريدة الأهالي التابعة لحزب التجمع، مؤكدا أن صحيفة الوفد يعمل بها أكثر من 600 صحفي.
وأضاف "زين الدين" أن غلق الجرائد الحزبية مرتبط بالناحية المادية فقط، بسبب الديون المتراكمة على الجرائد وارتفاع سعر الأوراق والأحبار ، وعلي الرغم من ذلك إلا أن الجريدة مستمرة في الاصدار، ولجأنا لمواجهة الأزمة إلى طباعة نسخ أقل بعد ارتفاع أسعار الأوراق من 550 دولار إلى 1100 دولار، و الأحبار بنسبة 135%، والورق بنسبة 117%، مؤكدا أن الأزمة تمر بها كل الصحف سواء كانت قومية أو حزبية أو مستقلة، كما انخفض توزيع الجرائد للنسخ، ولكن الصحف المستقلة هناك رجال الأعمال تدعمها، والصحف القومية تقف خلفها الدولة وتدعمها بما تحتاجه من أموال ولا تجد مثلا التأمينات الاجتماعية تطاردها مثل ما يحدث مع الصحف الحزبية والمستقلة.
وأكد أن الحزب يعانى معاناة شديدة خلال تلك الفترة من دفع مرتبات وطباعة، ويجب أن تكون هناك حلول من الدولة، وقد حضرنا مؤتمر للهيئة الوطنية للإعلام لحل الأزمة ولم يتكرر هذا الاجتماع مره آخري، لافتا أن الجميع داخل الوفد يعمل كخلية نحل لتجنب الجريدة من الإغلاق، مشيرا إلي أن الأستاذ عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين دعي للقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي لعرض جميع هذه المشاكل واعتقد أن الفترة المقبلة سوف تشهد انفراجه .
الكرامة: تعويم الجنية والمواقع الإلكترونية سبب تدهورها
قال عبد العزيز النحاس، القيادي بحزب الكرامة، أن ما يحدث ضد الجرائد الحزبية في مصر يعد أكبر من مؤامرة، مؤكدا أنه يوجد أكثر من سبب لغلق المنابر الحزبية منها تعويم الجنية وارتفاع أسعار الأوراق والأحبار، وعدم دعم الدولة لها والحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي أدت عن عزوف المواطن عن الشراء .
وأوضح "النحاس" أن التكنولوجيا وظهور المواقع الإلكترونية سبب كبيرا أيضا في تدهور الجرائد الورقية بشكل عام، لافتا إلى أن الحياة الحزبية تحتاج إلى نظرة من قبل الدولة، لأن الأحزاب لا تستطيع أن تصرف على مقراتها فكيف لها أن تفتح منبر إعلامي لها فالأحزاب لا تملك غير مقراته التي يستأجرها فقط.
"الشهابي" الأزمة المالية السبب والحل تدخل السيسي
وقال ناجى الشهابي رئيس حزب الجيل، أن مشاكل الجرائد الحزبية مشاكل متعددة ومركبة، أهمها مشكلة التمويل، وانصراف القارئ عن الجرائد الورقية بشكل عام، مؤكدا أن جميع الجرائد سواء القومية التي تدعم من الدولة و الخاصة التي يمتلكها رجال أعمال تقف عاجزة عن بسبب ارتفاع أسعار المبالغ فيها من الورق والأحبار ما بالك بالجرائد الحزبية التي تقوم على أساس تمويل أعضائها فقط، والمقارنة بين الجرائد الورقية والإلكترونية مقارنه ظالمة .
وطالب "الشهابي" من الرئيس عبد الفتاح السيسي عمل مؤتمر تحت رعاية لمناقشة مشاكل الأحزاب المصرية بشكل عام والجرائد بشكل خاص، لأن مشاكلها معقدة وتحتاج لحلول من الدولة تكون حلول جذرية، مطالبا بحل مشكلة التمويل بالنسبة للأحزاب.
"موسي" المديونيات وعزوف المواطن عن القراءة
وقال موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد، المرشح الرئاسي السابق، إن سبب إغلاقه لجريدة الحزب أن الأحزاب ليس لديها أموال والإصدارات الصحفية تحملها مبالغ كبيرة، مضيفًا أن أيمن نور غادر الحزب، وترك الجريدة و عليها مديونيات تقدر بمليون جنيه، ولكن قمنا بتسديدها.
وأكد "موسي" أن إصدار صحف في الوقت الراهن يعتبر تجربة مريرة بسبب عزوف المواطن على قراءة الجرائد الورقية، وارتفاع أسعار الورق والأحبار، لافتا إلى أن جريدة الغد كانت توزع ما يقرب من 50 ألف نسخة وكانت معروفة بتوجهها الليبرالي المعارض لسياسات الحزب الوطني آنذاك.
خبير إعلام: الأحزاب ليس لها صوت ولا قاعدة شعبية
قال الدكتور حسن عماد مكاوي أستاذ الإعلام وعميد كلية الإعلام جامعة القاهرة السابق، إن الجرائد تحتاج إلي قراء وفى الفترة الأخيرة الأحزاب لا يوجد لها قاعدة شعبية في الشارع، وبالتالي فالجريدة هي منبر الحزب ولسان حالة وطالما أن الأحزاب ليس لها صوت فهذا يقلص دور الجريدة ويفقدها القراء، فكثير من الصحف الحزبية أغلقت وتلاشت بسبب الأزمة المالية التي تمر بها.
وأوضح "مكاوي" أن عودة هذه الجرائد مره آخري للساحة يتطلب أن تكون للأحزاب أرضية في الشارع وأنصار ومؤيدين لها حتى يكون هناك إقبال عليها .
وأكد أستاذ الإعلام يجب أن تكون هناك فتح للمجال السياسي والحزبي من قبل الدولة وتكون هناك تهيئة سياسية للمواطن حتى يكون تنوع للآراء ويوجد إثراء للحياة السياسية بشكل كبير فيجب على الدولة أن تفتح المجال أمام الجميع ويكون هناك تنوع في الآراء، وهذا يؤدي إلى وجود حياة حزبية قوية وتعود منابر هذه الأحزاب مره آخري.