جيهان السادات تبنت موهبتى والزعيم الراحل شجعنى
ظهرت على خشبة المسرح فى الذكرى الأولى لكوكب الشرق
لم أندم على احترافى الغناء.. رغم رفض والدى
هذه حكاية رؤيا جدى التى بشرت بمولد "شيخ العالم"
تفرغت للعمل الخيرى بعد أن ذقت حلاوة "خدمة الله"
اعتزالى الغناء قرار نهائى.. وملابسى بيضاء حتى أخلو للأهم
"أم النبى خير الأنام شافت منام يوم مولده قالت كلام بنردده يا بركة الله الأحد، احمى وليدى من الحسد من شر حاسد إن حسد يا عين حسود ما تقربى حب وكرامة للنبى.. يا خير خلق الله مدد.. يا خير خلق الله مدد.. يا كل أحباب النبى اتجمعوا فى نور الله نبى.. مدد.. مدد خير الختام.. مسك الختام".
بهذه الكلمات الرائعة فى حب النبى صلى الله عليه وسلم تقف خليفة كوكب الشرق كما أطلق عليها الكثيرون لتردد أغانيها على المسرح، فهى المطربة التى لا يمكن نسيانها مهما ابتعدت بصوتها العذب عن الساحة الفنية، إنها الصوت الرقيق ياسمين الخيام المطربة المعتزلة، ومن المفارقة أن تكون ابنة أحد أشهر المقرئين عبر تاريخ مصر لتسلك خطا مختلفا عن خط والدها، وهو الشيخ الراحل محمود خليل الحصرى، الذى طاف القارات الخمس وأسلم على يديه الكثيرون، ورتل فى البيت الأبيض والكونجرس.
عند توجهها للفن، لاقت اعتراضاً شديداً من والدها لكن بتشجيع من زوجها احترفت الغناء حيث لحن لها الكثير مثل محمد عبد الوهاب الذى اكتشفها ورياض السنباطى ولمع نجمها بعد وفاة أم كلثوم، واختار لها الدكتور رشاد رشدى رئيس أكاديمية الفنون اسما جديدا هو ياسمين الخيام، أعجب بصوتها الرخيم الزعيم الراحل أنور السادات الذى وصف صوتها بالجوهرة، وقامت زوجته جيهان السادات بدعمها.
فى عام 1990 اعتزلت ياسمين الخيام ولبست الحجاب وهى الآن ترأس جمعية الحصرى التى أسسها أبناؤه، ويذكر كثيرون أنها لعبت دوراً كبيراً فى اعتزال كثير من الفنانات المصريات وارتدائهن الحجاب.
قامت أيضا بافتتاح مسجد فى مدينة السادس من أكتوبر بالقاهرة على اسم والدها، ويأتى إليه الكثير من الدعاة لإلقاء محاضراتهم الدينية، وملحق بالمسجد مجمع كامل للخدمات الاجتماعية.
"بلدنا اليوم" أجرت حوارا مع الحاجة ياسمين تطرقنا فيه إلى جوانب حياتها الشخصية الفنية والدينية وإلى نص الحوار:
فى البداية.. حدثينا عن الجانب الآخر لوالدك؟
الخير كله فى والدى لأنه هو أول من علمنى الخير والمعروف، فضلًا عن أنه أستاذ تجميل وإتقان فى حب العمل فورثنا عنه الإتقان فى العمل بما يخدم لله سبحانه وتعالى، وهذه هى البداية فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه" وهذا ما يسمونه الجماعة الصوفية بمقام الإحسان، ويكمن المعنى أننا نعمل الخير متوجهًا لوجه الله تعالى واقتداء بسيدنا النبى والسيدة عائشة التى كانت تعطر الدرهم الذى يقع فى يد الفقير.
هناك رؤية تنبأها والد الحصرى له لم يعرفها البعض فما هى؟
كان والده وهو جدى رحمة الله عليهما معلما للقرآن ومحبا له وكان يفعل الخير دائمًا بأقل الإمكانات وكان من الفيوم ثم عاش فى طنطا بشبرا النمل، وفى أى مكان يجده داخل أى مسجد أو أى مكان للعلم يقوم بفرشه بالحصير لأن فى هذا الوقت لم يكن هناك سجاد أو غيره، ومن شدة تعلق قلبه بالمساجد فرأى جدى رحمة الله عليه رؤية لوالدى الشيخ الحصرى فى مرة وهى أن سلسلة ظهر الحصرى عبارة عن عنقود من العنب ومن كل فج عميق يأتى حتى يقطف من هذا العنقود ومن ثم يقول "الله" ولم ينقص من العنقود حبة، فذهب جدى لأحد مفسرى الرؤيا بطنطا وقص عليه الرؤيا وقال له المفسر لديك ولد صغير سيفتح عليه الله فى قراءته للقرآن، وعليك بتحفيظه القرآن الكريم وأن تهبه للقرآن وعلومه وقد كان وفسر فى إحدى الرؤى أن هذا العنقود الذى كان فى سلسلة ظهره سينتفع به إلى أن تقوم الساعة لمحبيه وتلامذته.
لم يعرف أحد قصة الشجرة التى كانت يحفظ تحتها الشيخ الحصرى رحمة الله عليه القرآن الكريم اذكريها لنا؟
كان والدى رحمة الله عليه بارا بكل شىء سواء كان إنسان أو جمادا أو حيوانا، حيث لم يكتف الشيخ الحصرى ببر أمه أو غيرها بل وصل بره إلى المكان الذى كان يحفظ فيه القرآن، وهو مكان ظل تحت شجرة كان يجلس تحته لحفظ القرآن الكريم فى طنطا، وبعد أن أكمل دراسته وعلمه وعند زيارة هذا المكان والمرور، حيث فى هذا الوقت لم يكن هناك إنارة كافية فكان يذهب فى الطريق الزراعى حتى يذاكر فيه وواصل بره بالشجر فعند شرائه أول سيارة وعند ذهابه لهذا المكان والمرور به يرتجل فيه بالمشى ولم يمر أمامه بالسيارة مبررًا هذا أنه حفظ القرآن أمامه، ومن ثم قام بشراء هذا المكان وأسس عليه المعهد الأزهرى ومن ثم بنى مسجدا على هذه الأرض ووهبها للدين والعلم.
صفى لنا مشهدًا من مشاهد بر الشيخ الحصرى بأمه وأهله؟
كان رمزا للبر فنحن نحتفل الآن بتكريم المرأة وغيرها ولكن بر الشيخ الحصرى كان شيئا من الخيال، هل لنا أن نتخيل أن الحصرى كان هو الولد الوحيد لأمه ولديه 3 أخوات بنات ومن المفترض أن يكون هو المدلل، ولكن حدث العكس فقد كان يمشى من قريته من شبر النمر لطنطا ومن المعهد الخاص به من أجل أن يوفر المصروف حتى يأتى بهدية خاصة لأمه هذا أولًا من ثم كان يهتم بأمه على الرغم أنه كان يتيم الأب، وقد كان يقوم بالاهتمام بأمه بنظافتها وتسريح شعرها وعندما تأتى ليلة ممطرة وتسأل الوالدة عن بنتها فى القرية ويكون والدى مرهقا من دراسته من قبل أن يأخذ راحته يذهب بمصباح النور لأخته من أجل أن يبلغها بسلام أمها عليها رغم مطر الأرض ويأتى مرة أخرى مشيا على قدميه فى المطر ولم يكن هناك إنارة كافية حتى يطمئن أمه على أخته.
عرفت بأغانيك الحماسية خاصة أغنية "المصريين أهمه" وظهرت فى ثورة 25 يناير على منصة التحرير فماذا قلت حينها؟
كان فى ذهنى هذه اللحظة أن أقول المصريين أهمه الذين جمعتهم القوة والحضارة وأن أطمئن الشباب وأن تسترد مصر عافيتها وقوتها حيث اصطفى الله مصر بمكانتها وحضارتها، حيث اصطفى الله من الرجال والنساء من مصر ستنا السيدة هاجر زوجة أبو الأنبياء ففى هذا الوقت وقفت بجانب الشباب من أجل تأكيد حضارة المصريين وقوتهم.
ما السر وراء اللون الأبيض الذى أصبحت ترتدينه بل أصبح علامة مميزة لك؟
بطبيعة أى أنثى أو امرأة أن تكون محبة للألوان والزينة والتجمل وكان هذا من طبعى أيضًا، حيث كنت أهتم بتفاصيل الألوان التى أرتديها وأظهر بها بل وأعشقها، ولكن عندما تطرقت باب الله أخذت قرارا ألا يشغل ذهنى أى ألوان بطبيعة الموضة والأزياء فخلوت بنفسى باللون الأبيض ولأن اسمى ياسمين شعرت من خلاله أنه زهرة فواحة ومن حبى للياسمين وللون الأبيض جعلت كل لبسى لون أبيض لأنى أشعر من خلاله بالطمأنينة والارتياح، من أجل ذلك فوحدت لبسى وجعلته باللون الأبيض حتى أخلو للأهم.
حدثينا عن مرحلة الغناء التى مرت بحياتك وكيف لابنة أكبر مقرئ فى العالم أن تكون مطربة؟
فى الحقيقة ولا يخفى عليكم أنا لم أندم على عملى بالغناء فحلاله حلال وحرامه حرام، وكبار العلماء والمشايخ، ومنهم الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، والشيخ الغزالى، أفتونى بأن الغناء كلام، حسنه حسن وقبيحه قبيح، عندما سألتهم عن هذا الأمر والشيخ عبدالحليم محمود طلب منى أن أتغنى بأشعار شهاب الدين السهروردى أحد علماء الصوفية وحزينة أننى لم أغنها ولم أعمل بوصيته.
كيف تحول اسم إفراج الحصرى إلى ياسمين الخيام وكيف جاء احتراف الغناء؟
لعبت الصدفة دورا كبيرًا فى تحويل حياتى لعالم الطرب حيث كانت البداية عندما طلب منى رئيس مجلس الأمة لبيب شقير لقائى ليعرض على العمل بالأمانة العامة بالمجلس، وبالطبع وافقت وأصبحت موظفة علاقات عامة، مهمتها استقبال الضيوف المهمين لمصر لزيارة البهو الفرعونى بالمجلس أو مرافقتهم عموما أثناء زيارتهم لمصر، ومن هنا تحدث المفاجأة بزيارة لأم عدنان زوجة رئيس وزراء الأردن حيث صاحبتها للقاء السيدة جيهان السادات فى استراحة الرئاسة بالقناطر، وفى الطريق كنت أدندن أغانى دينية بصوتى، حيث لاقت إعجاب أم عدنان، ومن بعدها أفصحت لمدام جيهان عن ذلك، وبناء على ذلك استمعت لها وأعجبت بى، وفى رحلة العودة من القناطر.. مرت الضيفة على بيت الموسيقار محمد عبد الوهاب فى الزمالك للقاء زوجته نهلة القدسى لأنها تعتبر نسيبتها، وأعجبت بصوت ياسمين الذى استمع له عبدالوهاب وأشاد به وبناء على ذلك تلعب الصدفة دورا مهما فى حياتى ليتصل الرئيس أنور السادات برئيس أكاديمية الفنون رشاد رشدى لعقد اجتماع لك أنتسب للأكاديمية وانطلق من بعدها فى مجال الغناء.
كيف جاءت علاقتك بالرئيس أنور السادات؟
كما قلت مسبقًا عن طريق أم عدنان التى ذهبت للقاء زوجة السادات ومن خلال زوجة السادات تلقيت اتصالا من الرئاسة يطلب لقائى بالرئيس وذهبت بالفعل بصحبة والدى الشيخ الحصرى للقاء السادات فى بيت الجيزة، لكن لانشغاله تأجل اللقاء بعدها بأيام تكرر الطلب وذهبت واستمع لى السادات فى بلكونة بيت الجيزة ووصف صوتى بالجوهرة، قائلًا لى: بكرة يا بنتى كل الناس تتباهى بيكى، وعلى الفور اتصل برئيس أكاديمية الفنون رشاد رشدى لعقد اجتماع لكى أنتسب للأكاديمية وخصص لى سيارة من الرئاسة لذلك.
من الذى أطلق عليك لقب ياسمين الخيام بدلًا من إفراج؟
رشاد رشدى رئيس أكاديمية الفنون هو الذى اختار ليا اسم ياسمين الخيام، كما أن هذا الاسم أزعج والدى مما جعله يتصل تلفونيا بعبد الوهاب، خاصة وأنه تجمعه به علاقة صداقة قوية حيث ذهب والدى للقاء عبد الوهاب وقال لعبد الوهاب إفراج تريد احتراف الغناء والتفرغ له بعد أن كانت مجرد هواية للمغنى وسمعت أنك ستلحن لها أغنية فهدأ عبد الوهاب من روعه قائلا له إنه ليس فى مجال الغناء ما يعيبه وبالفعل قاطعه والدى قائلا له إننى فى النهاية رجل دين أرتل القرآن الكريم وعندها حاول الموسيقار عبد الوهاب إقناعه بأننى لن أغنى كلمة واحدة تسىء إليه، ومن بعدها اتصل عبد الوهاب بالشاعر المتصوف عبد الفتاح مصطفى ليكتب كلمات مناسبة لى وفعلا كتب أغنية أوفى الحبيب نسى ولحنها عبد الوهاب وقمت بغنائها.
من الذى شجعك لدخول عالم الطرب خاصة أن والدك اسمه معروف؟
السيدة جيهان السادات هى التى تبنت موهبتى كما أنها شجعتنى وكذلك شجعنى أيضًا الرئيس السادات على الغناء، فالتحقت بأكاديمية الفنون وأكملت مجال الطرب.
هل والدك قاطعك خلال هذه الفترة التى كنت تغنى فيها بينما والدك يطوف العالم بترتيل القرآن؟
لا يخفى عليكم ففى هذه الفترة شن عليا الكثير من الهجوم بسبب احترافى للغناء، فكيف لابنة شيخ العالم أن تغنى ووجهت إلى العديد من الاتهامات ولكن مع كل هذا إلا أن والدى لم يقاطعنى خلال هذه الفترة، لأننا أسرة مترابطة ونعرف معنى البر، ولم أقاطع والدى خلال فترة غنائى.
هل تتذكرين أول مرة بدأت فيها الغناء على خشبة المسرح؟
كانت أول مرة أغنى فيها فى الذكرى الأولى لكوكب الشرق أم كلثوم، وبعدها عملت مع الدكتور جمال سلامة الذى كان قادما من بعثة درس فيها الموسيقى فى روسيا، وتعاونت معه فى أوبرا باليه عيون بهية التى استمر عرضها لمدة 6 أشهر، ولحن لى العديد من الأعمال الوطنية والدينية، ومنها أغانى المسلسلات الشهيرة التى كانت تعرض فى رمضان ومنها: "على هامش السيرة" و"محمد رسول الله" و"المصريين أهمه" ألحان الموسيقار جمال سلامة، كما غنيت الأغنية الرائعة "رايحين على أرض الفيروز نورت يا سينا".
ما حقيقة رفض والدك قيامك بتسجيل القرآن الكريم بصوتك؟
بعد تخرجى عملت فى مجلس الأمة وكنت أبدأ بعض افتتاحيات بحفلات البهو الفرعونى بقراءة القرآن، وكان الراحل يوسف السباعى وزيرا للثقافة والإعلام حينها، وطلب منى تسجيل القرآن بصوتى وبالفعل أصدر قرارا لطه نصر، رئيس شركة صوت القاهرة، بذلك وحينها رفض والدى وقال لى: "هوة انتى يعنى علشان صوتك مطاوعك، هى البلد ناقصة مشايخ" على حد تعبيرها كما أوصانى بأن أتمهل فى هذا القرار ونصحنى قائلًا أنا بحفظك القرآن وأعلمك أحكامه علشان تتدبرى مش تسجليه بصوتك.
اعتزلت وارتديت الحجاب منذ عام 1990 وكرست وقتك وجهدك للأعمال الخيرية فكيف اتخذت هذا القرار؟
فى الحقيقة كل مرحلة ولها عطاؤها ومتعتها، وليس هناك متعة أكثر من أن تخدم الله، فوالدى أوصى بثلث تركته للأعمال الخيرية، وعندما بدأنا فى استكمال مسيرته فى العمل الخيرى وجدنا أن هذا العمل يحتاج جهدا وطاقة وتفرغا، كما أننى ذقت حلاوة أن أكون خادمة لله، فلم يكن لدى الوقت والجهد الكافى لاستكمال مسيرة الغناء ولأنى أدركت كيف كان والدى يفخر ويقول دائما أنا خادم القرآن، وأتمنى أن يقبلنى ربى خادمة، وكل طموحى أن أقابل وجه الكريم وأنا ساجدة فى رمضان، وأن يجعلنى فى جوار سيدنا النبى وأن يفرح قلب نبينا بنا.
بعض الفنانات اللاتى ارتدين الحجاب واتخذن قرار الاعتزال أبدين ندمهن على العمل بالفن، فكيف ترين ذلك؟
هذه قرارات خاصة والفن كأى شىء آخر حلاله حلال وحرامه حرام، فلا أحد يستطيع أن ينكر الأثر الطيب للأعمال الفنية الطيبة والدراما الهادفة والمعانى الجميلة فى الغناء، كما أن الأعمال الدرامية الجيدة تثرى حياتنا ويمكن أن يكون بها معانٍ حلوة تجمعنا.
لو عرض عليك الغناء مرة أخرة فى حب مصر هل ستوافقين؟
أنا ياما غنيت لمصر بس اللى يسمع، ولكن مرحلة الغناء والفن فى حياتى كانت مرحلة وانتهت وكل وقت وله آذان وأنا الآن أقوم بخدمة بيت الشيخ الحصرى والجمعية وأحاول قدر المستطاع تقديم الخير والمساعدة للمحتاجين.